سياسة عربية

رسائل خطيرة من داعش للسيسي عبر استهداف دير سانت كاترين

هجوم "سانت كاترين" أسفر عن مقتل شرطين وإصابة 3 آخرين على الأقل- أرشيفية
أثار الهجوم الذي شنه مسلحون مساء الثلاثاء الماضي على كمين أمني بالقرب من دير "سانت كاترين"، أحد أقدم الأديرة في العالم والذي يعد مزارا سياحيا رئيسيا في جنوب سيناء، تساؤلات عديدة.

وأسفر الهجوم الذي أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنه، عن مقتل شرطين، وإصابة 3 آخرين على الأقل.

وتساءل مراقبون حول كيفية وصول مسلحي "داعش" إلى جنوب سيناء التي تعد أهم المقاصد السياحية وتحظى بتأمين مكثف كونها تضم أهم المنتجعات السياحية في مصر، ودلالة وقوع الهجوم بعد تسعة أيام من سقوط 45 قتيلا وأكثر من 120 جريحا في تفجير كنيستي الإسكندرية وطنطا، وإعلان عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب حالة الطوارئ في البلاد؟

رسالة للسيسي

وتعليقا على هذا الحادث، قالت صحيفة "دي تسايت" الألمانية إنه "بعد نحو أسبوع من تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية، وقع هجوم جديد قرب موقع مسيحي آخر، ما يعني أن مصر باتت ضحية للأعمال الإرهابية المتتالية".

واعتبرت "دي تسايت" أن الهجوم على دير "سانت كاترين" يشير إلى فشل تطبيق حالة الطوارئ في البلاد، مؤكدة أن الحادث سيؤثر بشدة على قطاع السياحة المصري.

وتساءلت الصحيفة: "كيف يأتي السياح إلى بلد يفرض حالة الطوارئ ويشهد اعتداءات إرهابية متكررة؟ وكيف يثقون في الإجراءات الأمنية إذا كان الإرهابيون يصلون إلى هذه الأماكن الحساسة في سيناء؟".

فيما أكدت وكالة "رويترز" للأنباء أن وصول هجمات داعش إلى جنوب سيناء يزيد من الصعوبات التي يواجهها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ويعرقل القرار الروسي باستئناف الرحلات الجوية فوق سيناء وعودة السياحة إلى مصر.

من جانبه، قال مراسل الشؤون العربية بالقناة الثانية الإسرائيلية "يارون شنايدر"، في تقرير له، إن "داعش" بعث برسالة واضحة للنظام المصري مفادها أنه قادر على ضرب المواقع السياحية بجنوب سيناء وتوسيع نطاق عملياته على الرغم من إعلان حالة الطوارئ ونشر قوات الجيش في البلاد.

تصريحات مثيرة للسخرية


وفي سياق متصل، أثارت تصريحات مدير أمن جنوب سيناء أحمد طايل سخرية وانتقاد مؤيدي النظام ومعارضيه على حد سواء، بعدما أكد أن الهجوم وقع نتيجة إطلاق أحد الجنود النار على زملائه عن طريق الخطأ فقتل ضابطا وأصاب أربعة آخرين!

وتساءلت الناشطة إسراء عبد الفتاح عبر "فيسبوك": "هو مدير الأمن ده مكمل معانا عادي بعد اللي عمله ده؟".

ولم يقتصر الأمر على معارضي النظام، بل إن الإعلامية لميس الحديدي، سخرت من تصريحات مدير أمن جنوب سيناء  فقالت في برنامجها على قناة "سي بي سي" إن "الرصاصة التي أطلقها الجندي هي أم الرصاصات لقدرتها على قتل وإصابة 5 أشخاص دفعة واحدة".

فشل أمني


بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية إن الهجوم الإرهابي على كمين "سانت كاترين" يعد استمرارا للفشل الأمني في القضاء على الإرهاب، مشيرا إلى وجود مناطق في سيناء يصعب على الأمن تأمينها حتى الآن، بسبب الاعتماد على الكمائن الصغيرة غير المؤهلة للتصدي لهجمات الإرهابيين كما حدث مؤخرا.

وأضاف عطية، في تصريحات لـ "عربي21" أنه "ليس من الصعب على تنظيم إرهابي مثل "داعش" أن يصل إلى مناطق جنوب سيناء بواسطة عدد صغير من الأفراد"، مشيرا إلى أن "التنظيم يهدف إلى إثارة البلبلة عبر المناوشات الخفيفة مع قوات الأمن الضعيفة او الكمائن الشرطية التي ليس بها تسليح كاف وإسقاط شهيد أو اثنين".

وأكد أن "تنظيم داعش لم يعد لديه القدرة على الدخول في مواجهات مباشرة مع الجيش مثلما كان يحدث منذ عامين بعدما أحكم الجيش سيطرته نسبيا على مناطق شمال سيناء".

دلالات خطيرة


لكن الباحث السياسي محمد السيد رأى أن "هجوم سانت كاترين له دلالات خطيرة تؤكد أن الإرهاب ما زال موجودا ويفرض وجوده في مناطق عديدة لا ينظر إليها الأمن بسبب انشغاله بمحاربة الإرهاب في مناطق ساخنة أخرى مثل العريش والشيخ زويد ورفح".

وأضاف السيد أن قوات الأمن حققت نجاحات في شمال سيناء، مشيرا إلى أن "العملية الأخيرة تعد محاولة من التنظيمات الإرهابية للانتشار في أماكن مؤمنة بشكل أقل من شمال سيناء، وهذا مشابه لما حدث في تفجيرات كنيستي طنطا والإسكندرية".

وأكد أن "حادث سانت كاترين كشف عن خلل واضح وتخبط في المعلومات"، مشيرا إلى أن "مدير أمن جنوب سيناء حاول أن يجمل صورة الداخلية ويؤكد أن الهجوم لم تقم به جماعات إرهابية وأن الإصابات تمت نتيجة إطلاق خطأ للنار، وهو ما تعارض لاحقا مع بيانات وزارة الداخلية التي أكدت أن الحادث ناتج عن عمل إرهابي".

وطالب أجهزة الأمن بالاعتراف بوجود خلل والعمل على تصويبه حتى تنجح في مواجهة الإرهاب، لافتا إلى أن المسؤولين ما زالوا يرفضون الاعتراف بخطئهم أو محاسبة أي مقصر.