اكتسبت
مصر 13 لقبا عبر التاريخ؛ أجمع عليها المؤرخون الأقدمون وكتاب العصر الحديث، وعُرفت بها
أرض الكنانة حول العالم.. ولكن كادت تلك السمات أن تتبدل، أو يختفي ذكرها في المستقبل، وخصوصا في ظل حكم الانقلاب.
فمن "مهد الحضارة" و"أم الدنيا" أصبحت مصر من دول العالم الثالث، وتقبع بالمراكز الأخيرة في الاقتصاد والأمن والتعليم، وتتصدر قائمة الفساد والتحرش الجنسي وانتشار الجريمة.
مهد الحضارة
عُرفت مصر علي مدار التاريخ بأنها "مهد الحضارة" و"أم الدنيا"، حيث قال الفيلسوف الألماني فريدريش هيغل في القرن التاسع عشر إن "مصر أول الحضارات"، وبرهن المؤرخ الأمريكي جيمس برستد في القرن العشرين بكتابه "فجر الضمير" أن "مصر أصل حضارة العالم ومهدها الأول".
ولكن مصر اليوم تصنف بين دول "العالم الثالث"، وتحتل المرتبة 135 بين 158 دولة بمؤشر "السعادة"، والمرتبة الخامسة بمؤشر البؤس العالمي، وخرجت نهائيا من تصنيف "جودة الحياة" في 2015، كما تقبع بالمركز 110 من بين 187 دولة بمؤشر التنمية البشرية لعام 2014، واحتلت المرتبة 142 بين 144 دولة، كأكثر الدول عجزا بالموازنة العامة.
مصر المحروسة
"ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".. مقطع من الآية 99 بسورة يوسف، تراه منقوشا بمطارات وموانئ مصر، ليؤكد اقتران اسمها في القرآن الكريم بمعنى الأمن، ومنه جاءت مقولة "مصر بلد الأمن والأمان".
ودائما ما يطلق عليها المصريون "مصر المحروسة" من أعدائها، فقد احتلها "الإسكندر الأكبر"، ثم دان بدين أهلها وصار خادما للإله "أمون"، وغزاها "داريوس" و"قمبيز" من بلاد الفرس ثم أنشآ معبد (هيبس) وتعبدا لآلهة المصريين، ولم تخرج الحملة الفرنسية منها إلا بعد أن أسلم القائد مينو.
أما اليوم؛ فالوضع الأمني لـ"المحروسة" يشهد تراجعا كبيرا، حيث جاءت مصر بالمرتبة 127 بمعدل انتشار الجريمة، والمرتبة 140 في الأمن العام، وتعد أمنيا من أسوأ 10 دول بالعالم، وحلت بالمرتبة 130 بين 136 دولة بتصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي بجنيف.
هبة النيل
"مصر هبة النيل".. عبارة أطلقها المؤرخ اليوناني هيرودوت، ليؤكد أن ذلك الشريان الذي يشق أراضي مصر من جنوبها لشمالها؛ هو مصدر حياتها ومنبع حضارتها.
إلا أن مراقبين يقولون إن حصة مصر بمياه النيل البالغة 55 مليار متر مكعب سنويا؛ أصبحت مهددة بعد توقيع السيسي اتفاقية سد النهضة الإثيوبي مع السودان وإثيوبيا في آذار/ مارس 2015، والتي اعتبرها خبراء تنازلا عن حصة مصر التاريخية.
بلد الأهرامات
يُعد الهرم الأكبر أحد عجائب الدنيا السبع القديمة، والعجيبة الوحيدة التي ما زالت باقية، وهو أعظم وأضخم بناء حجري في العالم؛ شيده الملك خوفو سنة 2560 قبل الميلاد، وظل بارتفاعه الأصلي (148 مترا) أعلى بناء على الأرض خلال 3800 سنة، وما زالت أسراره تُعجز العلماء.
ولكن في اقتراع عبر الإنترنت شارك فيه 100 مليون شخص حول العالم منتصف عام 2007، اختار منظمو مسابقة "عجائب الدنيا السبع" الجديدة؛ سبع عجائب ليس بينها الأهرامات, في تصنيف لم تعترف به "يونسكو".
بلد الآثار والسياحة
تعد مصر واحدة من أبرز نقاط الجذب السياحي في العالم، حيث تحوي كنوزا أثرية للحضارات الفرعونية واليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية، إلى جانب معالم سياحية شتى؛ أهمها شرم الشيخ والغردقة.
وتحتوي "الأقصر" وحدها على ثلث آثار العالم، فيما تضم قائمة التراث العالمي سبعة مواقع مصرية؛ هي "أهرامات الجيزة ودهشور وجبانة ممفيس، ومدينة طيبة، ومعبد رمسيس الثانى، والقاهرة الإسلامية، ومدينة أبومينا بالإسكندرية، وجبال جنوب سيناء، ووادي الحيتان بالفيوم".
ورغم أن
السياحة تعد أحد أهم مصادر الدخل القومي، إلا أنها تراجعت بشكل كبير، ففي 2016 تراجع إجمالي عدد السياح بنسبة 40 في المئة.
بلد الأزهر
ويُعد الأزهر المؤسسة الدينية العلمية الإسلامية الأكبر بالعالم، وثالث أقدم جامعة عالميا، أسسه جوهر الصقلي عام 970م، أي قبل أكثر من ألف سنة.
ولكن الأزهر الآن يتعرض من قبل نظام الانقلاب وإعلامه -بحسب مراقبين- إلى أسوأ موجة تشويه، واتهامات بتحميله مسؤولية عدم "تجديد الخطاب الديني"، وبتبني الفكر المتطرف، وبأنه الوجه الآخر لتنظيم الدولة، وسط مطالبات بتقليص ميزانيته، وتغيير قانونه ومناهجه، وغلق كلياته العلمية.
شعب متدين بطبعه
جملة طالما رددها الإعلام المصري، وبعض علماء الدين الإسلامي، ولكنها صارت مثار سخرية في الآونة الأخيرة.
وبحسب منظمة "الدفاع عن حقوق المرأة" الدولية؛ فقد احتلت مصر المركز الثاني عالميا في التحرش الجنسي، بنسبة 64 بالمئة من النساء، وفي عام 2015 بلغت نسبة مدمني المخدرات 24 بالمئة.
ورصد تقرير الأمن العام في 2013 زيادة جرائم القتل بنسبة 130 بالمئة، وارتفاع حالات السرقة بالإكراه بنسبة 350 بالمئة.
بلد غني بموارده
بحسب المؤرخين؛ كانت مصر أغنى دول المنطقة، وظلت دائنة للكثير من دول أوروبا سنوات طويلة، وكان غطاؤها النقدي من ذهب تفيض به خزائنها، وتحتوي تربتها على العديد من المعادن، كالذهب والحديد والفوسفات والغاز والبترول.
ولكن مؤخرا؛ قال قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بمؤتمر الشباب بشرم الشيخ، إن "مصر بلد فقير، وموارده محدودة"، وقال في لقائه بالشباب في أسوان: "إحنا فقرا أوي".
وتشير آخر الإحصائيات إلى أن 26 في المئة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر.
سلة غذاء العالم
لطالما كانت مصر هي "سلة غذاء العالم" القديم، ومصدر طعام الإمبراطورية الرومانية والبيزنطية، ومخزن السلع بالشرق الأوسط وأوروبا، كما ظلت تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح والحبوب حتى عهد محمد علي وقبيل ثورة 1952.
ولكن بحسب مراقبين؛ تحولت مصر حاليا إلى أكبر دولة تستورد أردأ أنواع القمح؛ بسبب الفساد، وسوء الإدارة، وزراعة السلالات السيئة، والإهمال، وغياب الرؤية المستقبلية، وتآكل الرقعة الزراعية.
أرض الذهب الأبيض
امتدت زراعة "القطن" طويل التيلة بمصر لنحو 200 عام منذ عهد محمد علي باشا، وشغل محصوله نحو ثلثي مساحة الأرض المزروعة، ومثّل نحو 75 بالمئة من اقتصاد البلاد في القرن التاسع عشر، وأُنشأت له مصانع الغزل والنسيج في الدلتا، وصار وقت حصاده موعد الزواج عند الفلاحين؛ فوصفوه بـ"الذهب الأبيض".
ولكن يد الإهمال طالت زراعة القطن، وانتهى عهد المحصول "طويل التيلة" بجلب سلالات جديدة، لتتقلص نسب الإنتاج والمساحات المزروعة التي بلغت في 1981 مليونا وربع مليون فدان، لتصبح 300 ألف فدان في 2015.
"خير أجناد الأرض"
جملة يرددها المصريون كثيرا عن جيش مصر، حيث وردت في حديث منسوب للنبي محمد عليه الصلاة والسلام؛ يصنفه العلماء بـ"الضعيف".
ولكن كثرة ترديد هذه العبارة لم تشفع للجيش المصري الذي تراجع ترتيبه إلى المركز 18 على مستوى العالم في عام 2015، مسجلا تراجعا بخمسة مراكز، وفقا لموقع "جلوبال فورس باور" المتخصص في الشؤون العسكرية، وهو ما أرجعه خبراء عسكريون إلى انشغال الجيش بالسياسة بعد الانقلاب العسكري في 2013.
بلد العلم والعلماء
وخرج من مصر علماء في شتى مجالات العلوم، وكان منهم أشهر الدعاة وقراء القرآن الكريم الذين ذاع صيتهم عبر الإذاعة والتلفزيون المصري.
ولكن مصر في عام 2015؛ احتلت -من بين 144 دولة- المركز الأخير عالميا في جودة إدارة المدارس، والمرتبة 136 في جودة التعليم، والمركز 120 في الابتكارات والاختراعات، و111 في مؤشر التعليم العالي، و113 في الابتكار والتطوير، و119 في المتطلبات الأساسية للتعليم.
بلد الفن والثقافة
تحفل ثقافة مصر بتاريخ يمتد عبر ستة آلاف عام، أثرى ثقافة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا، وفي العصر الحديث؛ أصبحت بوابة الفن والثقافة للعالم العربي، وازدهرت فيها فنون السينما والمسرح والأوبرا والصحافة والإذاعة.
ولكن مراقبين يؤكدون أن مستوى الفن المصري تراجع بشكل كبير، كما تراجع المستوى الأخلاقي للفيلم السينمائي والأغاني والمسلسلات، بسبب سيطرة الجانب التجاري على هذا القطاع، وتخلي الدولة عن دورها الثقافي وغيابها عن الإنتاج الفني، ودعم المبدعين، بالإضافة إلى استغلال النظام الانقلابي العديد من الفنون، وخصوصا السينما والمسرح، للترويج لما تتبناه الدولة من مواقف وأفكار.