ملفات وتقارير

حرب كلامية مستعرة بين "دويتشه فيله" وإعلام الانقلاب بمصر

دويتشه فيله: مقارنتنا بالإعلام النازي مقارنة غبية قائمة على مزاعم سخيفة- أ ف ب
دويتشه فيله: مقارنتنا بالإعلام النازي مقارنة غبية قائمة على مزاعم سخيفة- أ ف ب
تصاعدت حدة الأزمة بين وسائل الإعلام المصرية المؤيدة للانقلاب، وبين مؤسسة "دويتشه فيله" الألمانية، التي اتهمتها صحف مصرية بأنها تمارس أنشطة استخباراتية في البلاد.

وانتقدت وسائل إعلام النظام القناة لأنها "لا تعترف بثورة 30 حزيران/ يونيو، وتعاديها، وتبث الفتنة والشائعات في مصر" على حد قولها، مضيفة أنها "تبرز" تقارير المنظمات الحقوقية المعادية لمصر، وتوفر منبرا لمعارضي النظام، أمثال يسري فودة، وعلاء الأسواني، وعمرو حمزاوي، فضلا عن أعضاء الكيانات المعارضة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وحركتا شباب 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين.

ميديا هتلر

وفي هذا السياق؛ قالت صحيفة "اليوم السابع" المقربة من الأجهزة الأمنية والنظام الحاكم، في سلسلة تقارير لها نشرتها الأسبوع الماضي، إن القناة الألمانية تنفذ مخططات أمنية واستخباراتية ألمانية معادية لمصر، واصفة إعلاميين مصريين يعملون في القناة بأنهم "خونة للوطن، ويخدمون مصالح الغرب".

وأكدت الصحيفة أن "دويتشه فيله" تخصص ميزانية تبلغ 250 مليون يورو موجهة فقط لأغراض دعائية ضد مصر، ولهدم الاستقرار في البلاد، واصفة المؤسسة الألمانية بأنها "ميديا هتلر" في إشارة لوسائل الإعلام في العهد النازي.

ووصف الإعلامي أحمد موسى "دويتشه فيله" بأنها "الوجه القبيح لقناة الجزيرة القطرية"، مؤكدا أن المؤسسة الألمانية "تتبع سياسات تعادي الدولة المصرية".

وقال موسى خلال برنامجه "على مسؤوليتي" الذي بُث على قناة "صدى البلد" مساء الاثنين الماضي، إن "دويتشه فيله" تستقطب طلاب الجامعات المصرية للتدريب في ألمانيا، وتجنيدهم للعمل ضد مصر، لافتا إلى أن قناة "صدى البلد" ألغت بروتوكول التعاون مع المؤسسة الألمانية بعدما اكتشفت "توجهاتها الخبيثة" على حد تعبيره.

مزاعم سخيفة

وفي المقابل؛ رفض مدير مؤسسة "دويتشه فيله" هذه الاتهامات، وأكد أن الهجوم المصري على مؤسسته لن ينال من استقلاليتها ومصداقيتها وتغطيتها المتوازنة للأحداث حول العالم، مشيرا إلى أن مقارنة "دويتشه فيله" التي تزعمها وسائل الإعلام المصرية بالنازية "مقارنة غبية قائمة على مزاعم سخيفة، مثلها مثل بقية القصص المختلقة".

وقال بيتر ليمبورغ في بيان صحفي الخميس، إن "دويتشه فيله" تسمح لكل من ممثلي الحكومات ومعارضيها على حد سواء بالتعبير عن آرائهم، نافيا "المزاعم التي ترددها بعض وسائل الإعلام المصرية عن أن القسم العربي يعمل ضد بلدهم".

وأصدر السفير الألماني لدى القاهرة، يوليوس جيورج لوي، بيانا للرد على هجوم الإعلام المصري، أكد فيه أن تمويل "دويتشه فيله" يأتي من الخزانة العامة الاتحادية "لكنها مستقلة عن الحكومة الاتحادية والسلطات الأخرى في ما يتعلق بصياغة برامجها".

وأضاف لوي: "نحن على يقين أن المشاهد المصري سوف يدرك بسهولة أن ذلك الهجوم هو بمثابة محاولة لتشويه صورة المؤسسة الألمانية المستقلة، والإضرار بالعلاقات الإعلامية المصرية الألمانية".

تهاجم النظام دون مهنية

وتعليقا على هذا التراشق الإعلامي؛ قال أستاذ العلوم السياسية مصطفى علوي، إن السبب في هذا الخلاف هو أن "دويتشه فيله بدأت تسلك مسلكا ضد مصر في الآونة الأخيرة".

وأضاف لـ"عربي21"، أن "هذا التوجه المعادي لمصر؛ بدا واضحا خلال برنامج (السلطة الخامسة) الذي يقدمه الإعلامي يسري فودة، الذي يعارض النظام الحالي في مصر دون مهنية تذكر، والذي دأب على استضافة معارضي النظام".

وأشار إلى أن "ألمانيا يوجد بها عدد كبير من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين الذين لهم علاقة جيدة مع وسائل الإعلام هناك، وأعتقد أنهم يؤثرون نسبيا في توجهات دويتشه فيله، وفي دفعها إلى تبني كتاب رأي معارضين للنظام الحالي، مثل علاء الأسواني الذي بات يهاجم كل شيء في مصر بشكل موجه".

وتابع علوي: "لا أعتقد أن هذا الخلاف بين الإعلام المصري وإذاعة دويتشه فيله سيؤثر على العلاقات بين مصر وألمانيا، فالعلاقات الدبلوماسية شيء، والحرب الكلامية بين وسائل الإعلام شيء آخر، وما يحدث الآن هو أقرب لنظام المكايدة، وليس خلافا سياسيا حقيقيا".

نظام الصوت الواحد

من جهته؛ قال الباحث السياسي جمال مرعي، إن السبب الرئيس للحرب الكلامية بين الإعلام المصري وإذاعة "دويتشه فيله" هو أن "هناك أشخاصا في مصر لا يريدون أن يسمعوا سوى صوت واحد فقط، ولا يريدون أن يعارض أحدٌ النظام".

وأضاف لـ"عربي21" أن هذه السياسة التي يتم اتباعها في مصر لا يمكن أن يتم التعامل بها مع المؤسسات الدولية مثل "دويتشه فيله" وغيرها، "فهي ليست صحيفة مصرية معارضة يتم إغلاقها بقرار من أجهزة الأمن، بل هي مؤسسة كبيرة لها تأثير دولي".

وأكد أن السياسة التحريرية لمؤسسة "دويتشه فيله" لا علاقة لها بمواقف وتوجهات النظام الألماني، "فهي تتمتع بقدر كبير من الاستقلالية، لكن مؤيدي النظام الحالي لا يفهمون ذلك، ولا يطيقون أن يسمعوا كلمة تعارض النظام".

وتابع مرعي: "أخشى أن يؤدي الاستمرار في هذا التراشق الإعلامي إلى أزمة بين البلدين، خاصة أن السفير الألماني في القاهرة نشر الجمعة بيانا صحفيا يدافع فيه عن دويتشه فيله، وهو ما يعني أن الموضوع خرج من إطار المناوشات الإعلامية إلى الإطار السياسي الرسمي".
التعليقات (0)