ملفات وتقارير

ما الذي يجري في طرابلس الليبية؟

تركزت الاشتباكات في حي الأندلس في طرابلس - أ ف ب
تركزت الاشتباكات في حي الأندلس في طرابلس - أ ف ب
تضاربت الروايات حول الاشتباكات التي تشهدها العاصمة الليبية، طرابلس، وهوية المجموعات المنخرطة فيها.

ففي حين تقول وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوفاق إنها حملة أمنية للقبض على مجموعات "خارجة عن القانون" ونزع سلاحها، تؤكد رواية أخرى أنها اشتباكات للصراع حول السيطرة بين حكومتي الوفاق الوطني وحكومة الإنقاذ السابقة التي استطاعت السيطرة على قصور الضيافة منذ أشهر، فيما تواردت أنباء عن إصابة رئيس حكومة الإنقاذ، خليفة الغويل، في الأحداث.

من جهته، ألغى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج زيارته إلى السودان والتي كانت مقررة، الأربعاء، بسبب "ظروف طارئة حالت دون تحركه من العاصمة طرابلس"، وفقا لوكالة الأنباء السودانية.

وفي السياق ذاته، طالبت قوات البنيان المرصوص، التابعة لحكومة الوفاق، "جميع التشكيلات المسلحة أيا كانت تبعيتها بوقف فوري لإطلاق النار والرجوع إلى مقراتها وإطلاق سراح المقبوض عليهم"، وأنها "لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه ما يحدث"، بحسب بيان لهذه القوات.

وأثارت هذه الاشتباكات المخاوف من احتمال دخول العاصمة في حالة فوضى واقتتال على غرار مدينة بنغازي في الشرق. كما برزت تساؤلات عمن يقف وراء هذه الاشتباكات المتكررة، وما إذا كانت هناك بالفعل خلايا نائمة تابعة للواء خليفة حفتر؛ متورطة في الأحداث الأخيرة، لا سيما في إحراق مقرات قناة النبأ المحلية؟

ماذا يحدث؟

من جانبه، قال هاشم بشر، القيادي في مديرية أمن طرابلس التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق الليبية، إن الاشتباكات هي "بين قوات المديرية وبعض الخارجين عن القانون وغير التابعين لشرعية حكومة الوفاق، وتحدث عن أن هذه العمليات تندرج في إطار "الخطة 25" للمديرية.

وذكر بشر، وهو رئيس اللجنة المركزية بوزارة الداخلية، في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "قوات الأمن المركزي طردت مسلحين كانوا يعرقلون عمل أقسام الشرطة والمرور من عدة مناطق في العاصمة"، وقال إن قوات الوزارة "سيطرت بشكل تام على القصور الرئاسية، وطردت الحرس التابع لحكومة الإنقاذ السابقة".

وحول الهجوم على قناة النبأ، التابعة للقيادي الإسلامي عبدالحكيم بلحاج، قال بشر: "من قام بالهجوم عليها هم الأهالي، كونها في أشد أوقات الاشتباكات وهي تنقل أخبار سرايا دفاع بنغازي والهلال النفطي وكأنها ليست في طرابلس"، مضيفا: "لن تدخل العاصمة في فوضى، وحكومه الإنقاذ في اضمحلال، ولا توجد خلايا نائمة في طرابلس"، حسب قوله.

صراع "مليشياوي"

من جهته، رأى عضو مجلس النواب الليبي في طبرق، صالح فحيمة، أن "ما يحدث في طرابلس الآن صراع مليشياوي؛ يؤكد ضعف وعدم سيطرة قوات حكومة الوفاق، ويثبت أن العاصمة مقسمة إلى مناطق نفوذ وفوضى لن تنتهي"، على حد قوله.

وأضاف لـ"عربي21": "لا توجد خلايا نائمة للجيش (يقصد قوات حفتر)، بل يوجد شعب بأكمله يعي جيدا أن خلاصه في وجود دولة شرعية وجيش يحمي هذه الدولة، ومن هنا فإن الشارع الطرابلسي بالكامل متأهب لاستقبال طلائع الجيش والالتحام معه كما حدث في الهلال النفطي"، على حد تعبيره.

ورأى الباحث والناشط  الليبي، عز الدين عقيل، أن "ما يجري بالعاصمة اليوم، هو شأن داخلي مليشياوي بعد أن قررت مليشيات طرابلس المحلية إنهاء طغيان مليشيات مدينة مصراتة وإلحاقها بنظيرتها التابعة لمدينة الزنتان، بإجبارها على الرحيل إلى مدينتها، خاصة أن هذه المليشيات سبق طردها من العاصمة بعد مذبحة غرغور" في 2014، وفق قوله لـ"عربي21".

أمر مريب

من جهته، وصف عبد المنعم الحر أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان، فرع ليبيا، ما يحدث في طرابلس بأنه "وضع مأساوي وأمر مريب، يتحمل مسؤوليته ونتائجه طرفا النزاع".

وقال لـ"عربي21": "نعمل الآن كمنظمة عربية حقوقية على الرصد وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون، وكان يجدر بكافة "المليشيات" المتناحرة ترجيح كفة العقل، وتجنيب المدنيين ويلات حرب لن تكون لها نهاية قريبة"، حسب تعبيره.

حفتر؟

وقال الناشط السياسي الليبي، خالد الغول، إنه "لا شك يوجد مؤيدون لحفتر في العاصمة طرابلس، لكن التيارات السياسية هناك تستخدم المليشيات الإجرامية جميعها من أجل البقاء، والخوف الآن من خلط الأوراق، واعتبار الهجوم على مجموعات تابعة لمدينة مصراتة محاولة لإخراج المصاريت من العاصمة، وهذا قد يشعل فتنة كبرى في طرابلس"، وفق قوله لـ"عربي21".

ورأى الكاتب الليبي، نصر سعيد عقوب، لـ"عربي21"، أن "الصراع بين حكومة الغويل وحكومة السراج جزء من صراع أكبر يدور حول السلطة، ولا يمكن لأحدهما إنهاء الآخر، مع إمكانية تلاقيهما في قادم الأيام، نظرا للخطر المحدق بهما على يد المشير خليفة حفتر، والقوى التي كانت نافذة فيما مضى".

واعتبر عقوب أن ما يحدث في طرابلس "ربما تكون وراءه قوة إقليمية ودولية تهدف إلى زعزعة الاستقرار حتى يستقر لها وحدها القرار"، حسب قوله. 
التعليقات (0)