قضايا وآراء

سياسة إدارة الفوضى وحتمية تحرير إرادة الشعوب

أحمد الشيبة النعيمي
1300x600
1300x600
منذ زراعة الخنجر الصهيوني المسموم في جسد الأمة العربية والإسلامية، وبعد أن استُبدل بالاستعمار المباشر أنظمة عسكرية استبدادية تابعة له، والكوارث تتوالى على الأمة العربية والإسلامية، ومنذ ذلك الحين أدرجت الدول الغربية تأمين الكيان الصهيوني في سلم أولويات السياسية الغربية الاستعمارية الجديدة، ولهذا شاهدنا انحياز المجتمع الدولي في منطق القوة في الصراع العربي الإسلامي مع الكيان الصهيوني، والتغاضي عن جميع جرائم هذا الكيان في حق الشعب الفلسطيني.
  
وفي سبيل هذه الغاية المشؤومة اعتمدت السياسات الغربية خيار إغراق المنقطة بالفوضى العارمة، ابتداء من ترسيم الحدود بطريقة مريبة تهدف إلى تفخيخ الاستقرار الحقيقي بين الدول العربية وترك إشكالات عالقة تعمل على ديمومة الصراع الداخلي؛ ولذا لم تعرف المنطقة أي استقرار منذ توقيع الدبلوماسيين البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرانسوا بيكو على الاتفاقية الشهيرة باتفاقية (سايكس بيكو) للاتفاق على تقاسم مناطق النفوذ، وتم حينها إيكال السلطات الداخلية إلى أنظمة عسكرية تبعية رفعت شعار الاستقلال، ومارست أبشع سياسات الاستغلال للسلطة والثروة، وظلت هذه الأنظمة التبعية عاجزة عن تحقيق وعد الاستقلال الحقيقي، تتوارث تبعيتها الدول الغربية والشرقية، وبقيت الجامعة العربي تمارس أدورا شكلية في جوانبها الإيجابية وأدوارا سلبية في إدارة الفوضى وتغذيتها.
 
وإذا كانت الأنظمة الاستعمارية نجحت في تحريض التيارات القومية واليسارية في الستينات والسبعينات ضد تيار الأصالة الإسلامية المدافع عن هوية الأمة، فإنها الآن وبعد إفلاس هذه التيارات العلمانية انتقلت إلى مربع جديد لإثارة الصراع المذهبي والطائفي، لتضمن استمرار هذا الصراع الاستنزافي للأمة الذي يعرقل حركة التغيير ويدعم الثورات المضادة ويربك ثورات ربيع الحرية والديمقراطية التي تهدف إلى تحرير إرادة الشعوب.
  
وطالما ظلت منظومة إدارة الفوضى مستمرة في سياساتها التدميرية، ستظل الفوضى سيدة الموقف حتى تستهلك الثورات المضادة كل إمكانياتها في التظليل والتخدير للوعي ويبدأ العد التنازلي للتزييف والدجل وتبدأ الشعوب بتجميع قواها من جديد لتمارس الضغط من أجل الإصلاح والتغيير.
  
لقد كنا نحلم أن نرى نموذجا يؤسس لكسر منظومة الفوضى وسياسة تمزيق الأمة العربية والإسلامية وظهور تكتلات قوية وفاعلة كمجلس التعاون الخليجي مثلا، ولكن هذه التكتلات لم تتمكن من تجاوز الأدوار الشكلية، رغم كل الأزمات، ولم تُلِّح أي بارقة أمل لتبلور تكتلات قوية ومؤثرة.
 
وفي جميع الأحوال، فإننا سنظل نراوح في مكاننا تتحكم بمصائرنا أنظمة مستبدة فاسدة وتابعة تفتقد إلى الشرعية الشعبية، وتستمد مشروعيتها من الدول الداعمة، ومن صناعة الفتن الطائفية والعرقية، وصناعة جماعات العنف، ولن نتجاوز هذه الوضعية إلا بحراك عربي جديد يستكمل مشروع تحرير إرادة الشعوب العربية، الذي وضعت بذرته ثورات الربيع العربي.
التعليقات (0)