قضايا وآراء

‎خطورة تنامي خطاب الكراهية

أحمد الشيبة النعيمي
1300x600
1300x600
في سبيل التصدي لجرائم الكراهية بجميع أنواعها والحفاظ على التعايش والسلم الاجتماعي، نصت المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه يجب أن تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف. وقد عرفت منظمة المادة (19) كلمة الكراهية استنادا إلى مبادئ كامدن الخاصة بحرية التعبير والحق في المساواة، التي قامت المنظمة سالفة البيان بالاشتراك مع عدد من الخبراء الحقوقيين بصياغتها؛ بأنها "حالة ذهنية تتسم بانفعالات حادة وغير عقلانية من العداء والمقت والاحتقار تجاه المجموعة أو الشخص المحرض ضده".

وبناء على هذه التعريفات الدولية أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 2018 حكماً بإدانة سيدة نمساوية بتهمة الإساءة للنبي محمد، وتغريمها.

في ضوء القوانين الدولية التي تجرم التحريض على الكراهية، فإننا نؤكد أننا لسنا أعداء لحرية التعبير، ونطالب بضمان حرية التعبير المشروعة بكل الطرق والأساليب باعتبار هذه الحرية حقا أصيلا من حقوق الإنسان، وباعتبارها جزءا لا يتجزأ من شريعتنا التي حثت على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ولا ينبغي تشويه حرية التعبير بالخلط بينها وبين التحريض على العنصرية والكراهية والعنف. فعندما يرتبط خطاب الكراهية بجرائم عنف وجرائم عنف مضادة فإن الحديث عن اندراج هذا الخطاب ضمن حرية التعبير مجرد استخفاف بالدماء وبالسلم الاجتماعي، ومن مصلحة الشعوب ذات الأعراق والهويات الدينية المتعددة أن تتوافق على احترام بعضها، وتتجنب خطاب الكراهية وتعزز قيم التعايش الحضاري.

ومن أجل عدم الخلط بين خطاب التحريض على الكراهية وبين حرية التعبير، حدد الخبراء في مكتب حقوق الإنسان للأمم المتحدة نموذجاً معيارياً مؤلفاً من ستة عناصر يأخذ في الاعتبار:

1- السياق الاجتماعي والسياسي.
2- حالة المتحدث وتأثيره.
3- النية لتحريض الجمهور ضد مجموعة مستهدفة.
4- المحتوى وشكل الخطاب.
5- مدى نشر الخطاب.
6- أرجحية الضرر، بما في ذلك الوشوك المحدق.

وبالنظر في الرسوم المسيئة والسياق الذي تأتي فيه مع تصاعد خطاب الاسلاموفوبيا والتحريض على المسلمين وإدانتهم وإدانة نبيهم بالإرهاب، ووجود نية التحريض عند من يتبنى نشر هذه الرسوم، واتساع دائرة النشر بإعلان الدفاع الرسمي عنها ومحاولة نشرها في الأماكن العامة وعلى نطاق واسع، ومع أرجحية الضرر الذي لحق ببعض المسلمين، بالنظر في كل ما سبق يتبين أن التشدق بالدفاع عن حرية التعبير حجة سامجة ومبرر سخيف لتبرير التحريض على العنف والكراهية والتمييز العنصري.

‎وفي سياق الجدل حول حرية التعبير والتحريض على الكراهية، يجب أن نقدر مخاوف بعض المنظمات الإنسانية من استخدام الأنظمة القمعية لمفهوم خطاب الكراهية بطريقة سيئة لمحاربة حرية النقد السياسي للفساد والظلم والاستبداد، ومحاربة حرية الرأي.

ونؤكد أن خطاب الكراهية المرفوض يجب تقييده في نطاق الخطاب الذي يرسم صورة نمطية لأتباع دين أو عرق محدد، ويجعلهم عرضة للنبذ الاجتماعي والعنف. ويجب على المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن تتدخل لمنع إساءة استخدام خطاب الكراهية في تقييد الحريات.

ومن الغريب أن بعض الأنظمة القمعية المحسوبة على الدول الإسلامية التي تحارب كل مظاهر التعبير السلمي في النقد السياسي؛ دافعت بصورة أو أخرى عن حملة الرسوم المسيئة إلى الإسلام والمسلمين.
التعليقات (0)