ملفات وتقارير

المرأة في عصر السيسي.. بين الدعاية الحكومية والواقع

نالت النساء نصيبا من القمع والاستهداف بعد الانقلاب في مصر  (فض ميدان رابعة)
نالت النساء نصيبا من القمع والاستهداف بعد الانقلاب في مصر (فض ميدان رابعة)
يحاول أنصار الانقلاب العسكري في مصر الترويج بأن المرأة حققت في عهد عبدالفتاح السيسي ما لم تحققه في عهود سابقة، فيما يرى المعارضون أن تلك هي الحقبة السوداء في تاريخ المرأة المصرية.

وكان السيسي قد أعلن عام 2017؛ عام المرأة، ووصف نساء مصر في خطاباته بأنهن "عظيمات"، و"أيقونات العمل الوطني"، و"رمز التضحية"، في الوقت الذي شكلت النساء 54 في المئة من ناخبيه، وفق المجلس القومي للمرأة.

مكاسب المرأة

ويستند أنصار السيسي إلى وجود 90 نائبة بمجلس نواب ما بعد الانقلاب، وأن ذلك العدد هو الأعلى تمثيلا للمرأة في تاريخ الحياة النيابية المصرية.

كما يعتبرون تعيين السيسي لوزيرة التعاون الدولي السابقة، فايزة أبو النجا، مستشارة الرئيس للأمن القومي، سابقة تاريخية لتولي امرأة مثل ذلك المنصب، الذي شغله اللواء محمد حافظ إسماعيل عامي 1972، 1973 في عهد الرئيس أنور السادات.

كما يتحدث مؤيدو السيسي عن اعتلاء المرأة منصة القضاء، حيث تم في شباط/ فبراير 2015 تعيين دفعة من عضوات النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة بمحاكم الجنايات والجنح والنقض.

كما يستند أنصار السيسي في حديثهم عن دعمه للمرأة إلى تعيينه أول امرأة في تاريخ البلاد بمنصب محافظ، وذلك بعد تعيين نادية عبده محافظة للبحيرة (شمال غرب)، إلى جانب تعيين منى محرز نائبة لوزير الزراعة، بالتعديل الوزراي الأخير، وكذلك أربع نائبات لمحافظين، إلى جانب وجود أربع وزيرات في حكومة الانقلاب الحالية، وهن: غادة والي وزير للتضامن، وسحر نصر وزيرة للاستثمار والتعاون الدولي، ونبيلة مكرم وزيرة للهجرة، وهالة حلمي وزيرة للتخطيط.

وكانت أول وزيرة في تاريخ مصر هي حكمت أبو زيد، التي عينها الرئيس جمال عبد الناصر بمنصب وزيرة الشؤون الاجتماعية في 25 أيلول/ سبتمبر 1962.

رفاهية غائبة

وفي المقابل، يرى معارضو السيسي أن الحديث عن تمكين المرأة وحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أصبح رفاهية لا يملكها المصريون أمام تراجع الحقوق والحريات الأساسية، كالحق في حرية الرأي والتعبير، الذي تم مصادرته بموجب قوانين تخالف الدستور، حسب رؤيتهم.

ويشير معارضو السيسي إلى قيام نظامه بتأميم المجال العام والعمل المدنى، وإصدار قوانين تكمم الأفواه وتحكم القبضة الأمنية على الأفراد ومنظمات المجتمع المدني، ومواصلة إجراءات المنع من السفر، وتجميد الأموال، وإصدار قوائم الإرهاب.

كما يلفت المعارضون إلى أن تعيين بعض النساء، أو الوجوه النسائية المحسوبة والموالية للنظام بمناصب قيادية، يهدف إلى ترويج صورة تجميلية للنظام العسكري، في ظل معاناة ملايين المصريات وأسرهن؛ من الفقر والغلاء وضعف الخدمات الحكومية، إلى جانب تعرض بعضهن للخطف والسجن والاعتقال والاغتصاب والقتل.

الحقبة السوداء

وفي هذا السياق، ترى الكاتبة الصحفية، أسماء شكر، أن عهد السيسي هو الحقبة السوداء في تاريخ المرأة المصرية، مؤكدة أن قائد الانقلاب "يستخدم المرأة كستار سياسي للتغطية على جرائمه"، وأن نظامه يقلد نظام مبارك في استخدامها "كديكور سياسي لتجميل صورته"، وفق تعبيرها.

وتساءلت شكر في حديثها لـ"عربي21": "كيف يكون السيسي قد أنصف المرأة، بينما اعتقلت في عهده 3000 امرأة وتمت محاكمتهن عسكريا، وتعرضت للقتل في المظاهرات وفي أثناء فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة (14 آب/ أغسطس 2013)، وغيرها من مذابح الانقلاب؟".

وأضافت شكر: "في عهد السيسي هناك 10 فتيات مختفيات قسريا منذ فض رابعة إلى هذه اللحظة، وهناك إحصائية حديثة لحركة نساء ضد الانقلاب" وثقت 20 حالة اغتصاب، هي ما تم توثيقها فقط، بأماكن الاحتجاز".

وأكد تقرير لمنظمة "هيومن رايتس مونيتور"، أن "المصريات بعهد السيسي؛ منهن المقتولة والمعتقلة والمغتصبة والمحكوم عليها بالإعدام، والمطاردة والمحرومة من استكمال دراستها".

ورصدت المنظمة اعتقال نحو 3000 امرأة، 56 منهن لا زلن قيد الاعتقال حتى الآن، وقتل 90 امرأة خارج إطار القانون، إلى جانب نحو 50 حالة اغتصاب في المعتقلات، ومئات حالات الفصل من الجامعات.

كيف أنصف المرأة؟

وتابعت شكر بقولها: "كيف يكون السيسي قد أنصف المرأة، وبعد إعلانه أن عام 2017 عام المرأة بدأ العام بانفجار الكنيسة البطرسية (11 كانون الأول/ ديسمبر 2016)، الذي كان أغلب ضحاياه نساء؟"، كما قالت.

وأشارت إلى استمرار "جرائم" السيسي بحق المرأة، ومن ذلك اعتقال مديرة مؤسسة قضايا المرأة، المحامية عزه سليمان، في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2016، واتهامها بالحصول على تمويل خارجي، إلى جانب وضع 90 امرأة على قوائم الإرهاب والتحفظ على ممتلكاتهن ومنعهن من السفر.

واعتبرت شكر أن حديث السيسي عن إنصاف المرأة بإصدار قانون الأحوال الشخصية الخاص بحضانة الطفل الذي يناقشه البرلمان، هو "أيضا غير منصف للمرأة".

"شو مبارك" الإعلامي

من جانبها، سخرت الناشطة لبنى الخواجة مما يتردد عبر صفحات مؤيدي الانقلاب من أن المرأة حققت في عهد السيسي ما لم تحققه من قبل، واعتبرت أن إسناده مناصب للمرأة "مجرد مكاسب زائفة واستخدام لها كأداة تخدم أغراضه في الاستهلاك الإعلامي"، وفق تقديرها.

وقالت الخواجة لـ"عربي21": "السيسي يعامل المرأة كما كان يعامل مبارك الأقباط بتعيين وزير مسيحي"، مشيرة إلى أن "السيسي يستخدم المرأة لاستقطابها والحصول على دعمها السياسي كأداة مؤقته، وليس نوعا من التمكين الدائم".

سوزان مبارك وتهاني الجبالي

وفي المقابل، ترى نجوان الليثي، الكاتبة الصحفية المتخصصة في شؤون المرأة، أنه "برغم الحالة الصعبة التي تعيشها المرأة المصرية بشكل عام، وصعوبة تغيير تلك الأوضاع في الوقت الراهن، إلا أن تلك الخطوة جيدة للمرأة، بشرط ألا يتم استخدام ذلك الأمر للشو الإعلامي"، وفق قولها.

وأضافت الليثي لـ"عربي21"، أن "السيسي يواصل خطابه الدعائي بحق المرأة، وحاول أخيرا مغازلتها بملف الطلاق الشفهي"، محذرة من تكرار ما فعلته سوزان مبارك من شو إعلامي بعد تعيين تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، كأول قاضية في عهد مبارك في 22 كانون الثاني/ يناير 2003".

ورغم أن الليثي انتقدت أداء نائبات البرلمان على كثرة عددهن، إلا أنها قالت: "لا أستطيع القول بأن مكاسب المرأة في عهد السيسي زائفة، أو حتى حقيقية، إلا بظهور نتائجها العملية في أداء الوزيرات والسيدة صاحبة منصب المحافظ، وخضوعهن لاختبار حقيقي في مناصبهن"، على حد وصفها.
التعليقات (0)