نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا للصحافيتين بريتي جحا وكريثيكا فاركور، حول ردود الفعل الرسمية في كل من إندونيسيا وماليزيا للحظر الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، على سفر رعايا 7 بلدان مسلمة إلى الولايات المتحدة، والخوف الذي يعتري الحكومتين من توسيع ترامب لتلك السياسة لتشمل بلديهما.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، قوله تعليقا على الحظر: "لم نتأثر بتلك السياسة فلم الغضب؟"، وقال المتحدث باسم الرئيس ويدودو، جون بودي، بأن الرئيس "تأكد من أن سياسة الرئيس الأمريكي لا تؤثر على المواطنين الإندونيسيين.. ولذلك يطلب من الناس أن ييقوا صامتين".
وتشير الكاتبتان إلى أن رئيس وزراء
ماليزيا، ذات الأكثرية المسلمة، نجيب عبد الرزاق، مثل كثير من الزعماء، التزم الصمت أيضا تجاه الحظر الذي ينظر إليه على أنه يستهدف دينا بعينه، لافتتين إلى أن هذا الموقف متناقض تماما مع شجبه لميانمار البوذية في الأشهر الأخيرة؛ بسبب معاملتها للمسلمين من الأقلية الروهينغية.
وتستدرك المجلة بأن هناك آخرين في العاصمة المدنية شعروا بالصفعة أكثر، فبعد أن قامت اللاجئة الصومالية كوا علي ببيع ما عندها من ممتلكات، بعد 9 سنوات من العيش في عالم النسيان في ضواحي كوالالمبور، وقبل يومين من سفرها إلى الولايات المتحدة، علمت علي، التي طلبت أن نستخدم اسما مستعارا لها، بأن حظرا يمنع دخول الصوماليين إلى الولايات المتحدة.
ويورد التقرير نقلا عن اللاجئة البالغة من العمر 37 عاما، التي تعيل أطفالا وحدها، قولها: "لقد تهاوى كل شيء.. ولا أدري من أين أبدأ مرة ثانية".
وتستدرك الكاتبتان بأنه "بالرغم من صمت أو تواطؤ الحكام، إلا أن الماليزيين والإندونيسيين غاضبون وخائفون من تداعيات الخطوة الأمريكية غير المسبوقة، حيث يشكل المسلمون في ماليزيا أقل بقليل من ثلثي السكان، بينما يشكلون ما نسبته 88% من السكان في إندونيسيا، إلا أن عددا من المنظمات غير الحكومية المتعددة الثقافات ومجموعات دينية وأحزاب سياسية تخطط للقيام بمظاهرات أمام السفارة الأمريكية يوم الجمعة، أما الناشطون في جاكرتا فساءهم الحظر، لكن ليست لديهم خطط رسمية للاحتجاج بحسب المنسقة القومية لشبكة (غوسدوريان)، وهي شبكة تشجع الحوار الديني وحقوق الإنسان، أليسا وحيد".
وتنقل المجلة عن عضو البرلمان عن حزب العمل الديمقراطي المعارض أونغ كيان-منغ، قوله إنه من الضروري للماليزيين أن يتخذوا موقفا "مساندا للاجئين، ولأن هناك احتمالا في توسيع الحظر ليشمل رعاياها".
ويلفت التقرير إلى أن القلق ساد، خاصة بين الطلاب، حيث يسافر إلى أمريكا عشرات الآلاف من الطلاب الماليزيين لإتمام دراستهم الجامعية هناك، مشيرا إلى أن جوانا غزالي (28 عاما)، وهي خريجة ماليزية جديدة، وتعمل مع شركة استشارات في مدينة نيويورك، قالت إنها لن تذهب لزيارة بلدها هذا العام؛ خوفا من عدم الحصول على تأشيرة عودة، وتأمل أن تتحسن الأوضاع، وما يبقي لديها الأمل هو أن الأمريكيين يؤمنون بالتنوع.
وتورد الكاتبتان أن الطالبة الإندونيسية في جامعة هارفارد كندي ضياء رمضاني قالت: "نمر في ظرف مزعج، ولا أريد أن أكون في حالة خوف عندما أمارس ديني"، وأضافت أنها تراقب الوضع، مشيرة إلى أنها "قلقة من أن والديها لن يتمكنا من حضور تخرجها".
وتذكر المجلة أن هواتف الطوارئ للقنصلية الإندونيسية في أمريكا لم تتوقف عنها الاتصالات من رعاياها في أمريكا، وقال ممثل عن السفارة الإندونيسية في واشنطن مكتي سيتيانتو: "قد يؤثر الحظر في الهدف المعلن: الحد من الإرهاب، فتوجيه اللوم لدين واحد بخصوص الإرهاب منزلق خطير".
ويفيد التقرير بأنه بسبب مواجهة ماليزيا وإندونيسيا لحركات جهادية، فإن الناشطين، مثل رئيس حركة الشباب الإسلامي في ماليزيا محمد رايمي عبد الرحيم، قلقون من الآثار الأوسع للحظر، ويظن أن التحرك قد يثير مشاعر الكراهية نحو أمريكا، وهو ما ينذر "بمخاطرة كبيرة، واحتمال خلق راديكاليين جدد".
وتبين الكاتبتان أنه "إلى الآن، فإن رد فعل المتطرفين كان محدودا، وهناك تقارير بأن مؤيدي تنظيم الدولة استخدموا مواقع التواصل للتعبير عن الفرح لإجراءات ترامب، التي تعد دليلا على أن الولايات المتحدة في حرب مع الإسلام، لكن هذا يبدو محصورا في مجموعات تعيش في الشرق الأوسط، وليس جهاديي جنوب شرق آسيا".
وتذكر المجلة أن المحلل السياسي في كوالالمبور تشاندرا مظفر، يعتقد بأن الزعيمين نجيب وودودو يظهران عدم المبالاة؛ لأن ترامب ونجيب مستفيدان من الإبقاء على علاقات طيبة، وقال: "سيبحث ترامب عن حلفاء في هذا الجزء من العالم ضد الصين"، وأضاف أن ذلك يبعد احتمال شمولها في أي توسيع مستقبلي للحظر، مشيرا إلى أنه من المحتمل أن يراجع نجيب علاقاته مع الصين مقابل علاقة جيدة مع أقوى دولة في العالم.
وينوه التقرير إلى أنه "في الوقت ذاته، قد تحمي إندونيسيا علاقاتها التجارية مع إمبراطورية ترامب، ولا تزال الدول ذات الأغلبية الإسلامية، التي لترامب علاقات تجارية معها، مثل إندونيسيا والسعودية والإمارات، غير مشمولة في قرار الحظر، الذي وصفه محامو الأخلاقيات بأنه (تعسفي وعنصري)، ويقوم ترامب بتطوير منتجعات فاخرة في جاوة وبالي مع الملياردير الإندونيسي هاري تانويسويديبجو".
وبحسب الكاتبتين، فإن أستاذ العلوم السياسية في جامعة سينز في ماليزيا أحمد فوزي عبد الحميد يرى بأن الزعيمين محقان بعدم إبداء ردة فعل قوية، وقال إنه في الوقت الذي يرى فيه صحة موقف ويدودو دبلوماسيا، إلا أن يشك في تمكنه من السيطرة على غضب الشعب.
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أنه يمكن أن يوفر عدم احترام ترامب للحريات المدنية واللاجئين غطاء للحكومتين الإندونيسية والماليزية لمزيد من الاستبداد.