ملفات وتقارير

الغارديان: كيف تغير إيران التركيبة الطائفية بسوريا؟

وجود حزب الله  الطاغي في سوريا مكنه من حصار مضايا والزبداني وحماية دمشق- أرشيفية
وجود حزب الله الطاغي في سوريا مكنه من حصار مضايا والزبداني وحماية دمشق- أرشيفية
ناقشت صحيفة "الغارديان" البريطانية، السبت، تبعات التغيير الديمغرافي الذي تقوم به في المناطق السورية، عبر إسكان مواطنين شيعة في الأحياء والمناطق التي أخرجت منها السنة.

وقالت الصحيفة، في تقرير لمارتين تشولوف، إن هذا الإجراء يأتي لضمان "هلال" من السيطرة، يمتد من حدودها إلى إسرائيل.

وقالت الصحيفة إنه في الأودية الواقعة بين دمشق ولبنان، غادر سكان مناطق كاملة منازلهم بسبب الحرب، وحل مكانهم سكان آخرون، بينما بدأ البعض بالعودة للمرة الأولى منذ بداية الحرب.

وقالت إن أولئك العائدين المستقرين ليسوا من العوائل السنية التي تشكل الأغلبية في المناطق التي عادوا لها، وإنما، بحسب الذين أرسلوهم، يمثلون مقدمة انتقال لملء المنطقة بالشيعة من سوريا ولبنان والعراق.

"تغييرات ديمغرافية"

وقالت الصحيفة إن هذه الانتقالات أساسية لخطة تقوم بها إيران لإجراء تغييرات ديمغرافية لمناطق في سوريا، تمكنها من السيطرة والاستخدام لمصالح أوسع، موضحة أنها تصعد جهودها في الصراع، وتبحث عن مصالح متمايزة عن حليفة نظام الرئيس السوري بشار الأسد الأخرى، روسيا.

فروسيا بالمقابل، بحسب "الغارديان"، تبحث عن وقف إطلاق نار ومصالحة سياسية بين نظام الأسد والمعارضة، بينما تسعى إيران لبدء مشروع سيغير البنية الاجتماعية في سوريا، ويعزز مواقع حزب الله شمال شرق لبنان، ويقوي تأثير إيران من طهران إلى حدود إسرائيل الشمالية.

وقال أحد الزعماء اللبنانيين: "إيران والنظام لا يريدون أي سنة بين دمشق وحمص والحدود اللبنانية"، موضحا أن هذا "يمثل تغيرات كبيرة تاريخية في السكان بهذه المناطق".

الزبداني ومضايا

ومن أهم هذه المناطق بالنسبة لإيران مصايف الزبداني ومضايا، حيث أصبح مصير هاتين المنطقتين موضوعا لمفاوضات طويلة بين مسؤولين إيرانيين كبار وحركة أحرار الشام، أكبر الفصائل المعارضة لنظام الأسد في المنطقة، وأقواهم في سوريا.

وأدت هذه المحادثات إلى تبادل للسكان بين هاتين البلدتين، وبين سكان الفوعة وكفريا، الشيعيتيين، الواقعتين غرب حلب، والواقعتين تحت حصار فصائل المعارضة.

وكان هذا التبادل، بحسب ما نقلت "الغارديان" عن المشرفين عليه، اختبارا لانتقالات سكانية أوسع، على طول الحدود مع دمشق ووصولا لمعقل الجالية العلوية شمال غرب سوريا، حيث يحصل الأسد على دعمه الأكبر.

وقال لبيب النحاس، الذي قاد وفد "أحرار الشام" في إسطنبول، حينها، إن "طهران كانت تسعى لخلق مناطق تستطيع السيطرة عليها"، مؤكدا أن "إيران جاهزة للقيام بتبادل كامل بين الشمال والجنوب، وأرادت استمرارا جغرافيا إلى لبنان".

وأضاف: "السيطرة الطائفية الكاملة تقع في صميم المشروع الإيراني في سوريا، فهي تبحث عن مناطق جغرافية تستطيع السيطرة والتأثير الكامل عليها، مما سيترك آثارا على المنطقة بكليتها".

وتابع النحاس، رئيس المكتب السياسي لحركة "أحرار الشام"، بقوله إن "حصار مضايا والزبداني كان القضية الأساسية لمنع المعارضة من استعادة الفوعة وكفريا، الشيعيتيين، حيث اعتبرها حزب الله منطقة أمنية وامتدادا طبيعيا للأراضي في لبنان، وكان لهم أوامر مباشرة من القيادة الروحية في إيران لحمايتها بأي ثمن".

وجود طاغ لحزب الله

وكانت إيران نشيطة حول المناطق الأربعة عبر وكلائها في حزب الله، على طول الحدود بين وادي الباقع، وحتى ضواحي دمشق، حيث يملك الحزب وجودا طاغيا، مكنه من حصار مضايا والزبداني وحماية العاصمة السورية.

وتدخل منطقة وادي بردى، التي تشهد قتالا طويلا هذه الأيام، في الحسابات، بحيث ما أكدت مصادر داخل حركة حزب الله لـ"الغارديان".

داريا

وفي مناطق أخرى في سوريا، تعيد التبادلات الديمغرافية تشكيل النسيج الجيوسياسي، في مناطق كانت موجودة لعقود.

ففي داريا، انتقلت أكثر من 300 عائلة شيعية إلى الأحياء التي غادرها الثوار السنة نهاية آب/ أغسطس الماضي، بعد ثلاث سنوات من القتال، واتجهوا إلى إدلب، ليعلن الإعلام الرسمي مباشرة أن العراقيين وصلوا.

وكانت المراقد الشيعية في داريا ودمشق ذريعة وجود حزب الله والمليشيات الشيعية الأخرى المدعومة من إيران.

حيث تم تعزيز مقام "السيدة زينب" غرب المدينة من حزب الله وسكنته عائلات التنظيم منذ عام 2012، واشترت طهران كثيرا من المنازل قرب مسجد السيدة زينب، وحصلت كثيرا من الأراضي، لتستخدمها كعازل أمني.

وقال أبو مازن دركوش، أحد القياديين في منطقة الزبداني وانسحب إلى وادي بردى، إن المسجد الأموي، أكبر المعالم الإسلامية في دمشق، أصبح الآن منطقة أمنية يسيطر عليها الوكلاء الإيرانيين.

وأضاف: "هناك الكثير من الشيعة الذين حضروا إلى هذه المناطق حول المسجد، في منطقة سنية، ضمن تخطيطهم لتأمينها على يد الشيعة، ثم حصاره".

حرق السجلات

وكان مسؤولون كبار في لبنان يراقبون ما يعتقدون أنه حرق متعمد لمكاتب تسجيل العقارات في المناطق السورية التي يسيطر عليها النظام، حيث يصعب غياب السجلات على المواطنين إثبات ملكيتهم.

وتم تأكيد حرق المكاتب في الزبداني وداريا وحمص والقصير، التي سيطر عليها الحزب بداية 2013.

وقال دركوش إنه أحياء كاملة تم تطهيرها من سكانها الأصليين في حمص، والعديد من السكان منعوا من العودة لمنازلهم، بذريعة عدم امتلاك أدلة تثبت سكنهم هناك.

وقال: "تحققت الخطوة الأولى، وهي طرد السكان من تلك المناطق وحرق أي شيء يربطهم بأراضيهم ومنازلهم، والخطوة الثانية هي استبدالهم بالأغراب من العراق ولبنان".

وفي الزبداني، قال أمير بهران، مدير مشفى البلدة، إن "عملية النزوح من هنا بدأت في 2012، لكنها تصاعدت دراماتيكية في 2015"، مضيفا أن "معظم السكان أصبحوا في إدلب، وهناك خطة واضحة وعلنية لنقل السنة بين دمشق وحمص".

وتابع: "إنهم يحرقون أراضي الناس ومنازلهم ويقولون لهم: هذا المكان لم يعد لكم".

وأضاف بهران: "هذا يؤدي لتشظي العوائل، حيث يتم تحليل مفهوم العائلة وارتباطه بالأرض بهذا الترحيل والتهجير، ويقسم المجتمع السوري".

وقال النحاس: "هذا ليس تغييرا للتوازن الديمغرافي، بل لموازين القوى في كل المنطقة، عبر سوريا".

وأوضح بقوله: "هناك جاليات كاملة ستصبح هشة، والحرب مع إيران تتحول لحرب هوية، فهي تريد بلدا يشبهها ويخدم مصالحها، ولا يجب أن تسمح المنطقة بذلك".
1
التعليقات (1)
ابن الجبل
الأحد، 15-01-2017 08:32 م
لللاسف العلويين والشيعة والاقليات الاخرى مارسوا ضد الاغلبية السنية ما فعلته اسرائيل ضد الفلسطنيين،فكلا الحالتين نكبة بمعنى الكلمة.