يواجه الأردن مخاطر وتحديات عدة تهدد أمنه، لا سيما أنه تعرض إلى هجمات عدة خلال عام 2016، ويثير محللون تساؤلات حول ازدياد التهديدات مع العام الجديد، لا سيما أن تنظيم الدولة هدد بعمليات إرهابية على غرار هجوم الكرك في بيانه الأخير، إلى جانب ما أشار إليه رئيس هيئة أركان الجيش الأردني من تحديات مماثلة.
وعبّر القائد العسكري الأردني محمود
فريحات عن قلق الأردن من تقدم فصائل الحشد الشعبي الشيعية في اتجاه مدينة تلعفر في العراق، محذّرا من إمكانية إقامة حزام بري يصل إيران بلبنان، إن استمر تقدمها في اتجاه الحدود السورية.
وأكد أن "فصيل (
جيش خالد بن الوليد) الموالي لتنظيم داعش
الإرهابي، المتواجد بمنطقة حوض اليرموك القريبة من الحدود الأردنية، يشكل خطرا دائما ووشيكا على المملكة"، وفق قوله.
ويأتي ذلك في ظل تهديدات تنظيم الدولة بتنفيذ هجمات مماثلة لهجوم الكرك، في المستقبل، الأمر الذي أكد خطورته خبير الجماعات الجهادية في الأردن، حسن أبو هنية، في حديثه مع "
عربي21"، محذرا من أن هناك نسبة من التعاطف واضحة مع التنظيم.
وعن قدرة التنظيم على تنفيذ تهديده بهجمات شبيهة بهجوم الكرك، قال أبو هنية إن "تنظيم الدولة سيحاول تنفيذ هجمات مثل ما حدث في الركبان، أو على شكل ذئاب منفردة كما حصل في الموقر".
اقرأ أيضا: "تحول كبير" لتنظيم الدولة بالأردن وتخوفات من خلايا نائمة
مخاطر خارجية وداخلية
من جهته، قرأ الخبير والمحلل العسكري، الدكتور فايز الدويري، تصريحات فريحات، وقال إن هذه التحديات الأمنية التي أشار إليها هي جزء من كل، مشيرا إلى أنه يعتقد بأن التحديات الأمنية تنقسم إلى صنفين، الأول ما هو خارج الحدود وعابر لها، والصنف الآخر ما هو داخل الحدود ويعد في الوقت ذاته امتدادا للمخاطر الخارجية.
وأشار في حديثه لـ"
عربي21" إلى أنه قد نتفق أو نختلف -بحسب توصيف التهديدات- مع ما ذكره رئيس هيئة الأركان، فهو اعتبر أن حركة الحشد الشعبي باتجاه تلعفر قد تمتد إلى سوريا، وبالتالي فإن هذا يساهم في إنشاء جسر بري إيراني قريب من الأردن. وتحدث عن قوات خالد بن الوليد الموجودة في المثلث الأردني الإسرائيلي السوري، وكان هذا هو توصيفه للتحديات الأمنية للأردن.
وأضاف الدويري أن تنظيمي الدولة والقاعدة، والحرس الثوري الإيراني، وحزب الله اللبناني وجميع الفصائل الراديكالية السنية والشيعية، جميعها تمثل خطرا خارج الحدود وهي بمثابة خطر يهدد أمن الأردن.
أما على الصعيد الآخر، فالتهديدات الأمنية في الداخل هي امتداد لهذه التنظيمات في الأردن، على شكل خلايا نائمة أو ذئاب منفردة متعاطفة معها، إلى جانب عدم بذل الجهود المناسبة لوقف دعاية تنظيم الدولة.
وأكد أن المخاطر الأمنية داخل الحدود الأردنية إنما هي امتداد لخارجها، ومرتبطة بها.
وبالنسبة لتهديد تنظيم الدولة للأردن، والحديث عن تغير في استراتيجيته في الأردن بعد تبنيه بشكل رسمي هجوم الكرك، قال إن استراتيجية تنظيم الدولة في الأردن واضحة، فالأردن ضمن دائرة الاستهداف لديه، وما يمكن أن يفعله التنظيم يقتصر على ثلاثة أمور:
- عمليات عابرة للحدود من خلال عمليات تسلل
- أن يحرك خلايا نائمة مثل خلية إربد وخلية الكرك
- أن تتحرك ذئاب منفردة مثل ما حدث في البقعة.
خطر جيش خالد بن الوليد
وحول خطر جيش خالد بن الوليد، قلل الدويري من إمكانيات هذا الجيش التابع أيدولوجيا لتنظيم الدولة، وقال إن عناصره يقدرون بأقل من ألف مقاتل، وهم محاطون بإسرائيل من الغرب وبالأردن من الجنوب، وبفصائل الجيش الحر.
وكان فريحات قال في مقابلته مع "بي بي سي"، إن "التنظيم متواجد في مناطق تبعد تقريبا كيلومترا واحدا في بعض الأماكن، ويمتلك إمكانيات عسكرية من دبابات وناقلات جند مدرعة ومضادات جوية ورشاشات قد تطال مواقعنا الأمامية، لذلك فإننا نتعامل معه بكل حذر والجهود الاستخباراتية مستمرة لرصده، ونحن بالمرصاد له، وعلى وعي تام بأنه مصدر خطر دائم ووشيك".
وأضاف أن "ما يزيد خطورة هذا التنظيم هو التعزيزات البشرية التي تصله من أماكن نفوذ تنظيم داعش في الشمال السوري، وخصوصا الرقة".
اقرأ أيضا: كيف قرأ محللون تصريحات قائد الجيش الأردني الأخيرة؟
ولكن الخبير العسكري الدويري رأى أن جيش خالد بن الوليد "ليس بذلك الجيش المعجزة"، مؤكدا أنه "لو شاءت أي دولة القضاء عليه فإنه بإمكانها ذلك، لكن الأمر اليوم مرتبط باعتبارات الحدود السياسية، وبالتالي فهو ليس بهذه القوة الخارقة".
ولفت إلى أن أقصى ما يمكن لهذا الجيش أن يفعله، هو أن يطلق قذائف باتجاه الأردن أو إسرائيل، وإذا قام بهذا فسيتم التعامل معها، سواء بنيران أرض-أرض أم جو-أرض.
وأكد أنه لا يعتبر جبش خالد بن الوليد بحد ذاته مشكلة أو أنه تهديد بمعنى التهديد، فهو لا يمكن له أن يحتل الأردن، أو أن يتجاوز الحدود، "ولكن المشكلة تكمن في وجود ذئاب منفردة مؤيدة له في الداخل".
اقرأ أيضا: "تحول كبير" لتنظيم الدولة بالأردن وتخوفات من خلايا نائمة
وشدد على أنه "لا يجوز تجزئة الحديث عن داعش، فجيش خالد بن الوليد جزء منه، وقد سبق له أن بايع التنظيم".
وطالب الدويري في ختام حديثه، بمواجهة الفكر بالفكر داخل الأردن، من خلال الوزارات والمؤسسات الإعلامية ومراكز البحوث والدراسات والأوقاف، مضيفا أن ذلك يستوجب تكاتف جهود من تربويين ورجال دين وأخصائيين وباحثين مع السياسة العامة للدولة.