سياسة عربية

"أمنيَّة" السيسي لاقتصاد الجيش تثير غضب مؤيديه ومعارضيه

السيسي يتمنى أن تصبح نسبة اقتصاد الجيش خمسين بالمئة من حجم الاقتصاد المصري-أرشيفية
السيسي يتمنى أن تصبح نسبة اقتصاد الجيش خمسين بالمئة من حجم الاقتصاد المصري-أرشيفية
أثارت "أمنيَّة" رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، بأن تصبح نسبة اقتصاد الجيش خمسين بالمئة من حجم الاقتصاد المصري، غضبا واسعا بين مؤيديه ومعارضيه، الذين شددَّوا على رفضهم توسيع رقعة مشاركة الجيش في الأنشطة المدنية.

وشككوا في صحة الرقم الذي ذكره السيسي عن الحجم الفعلي لاقتصاد الجيش، الذي قدَّره بأنه يتراوح بين واحد ونصف بالمئة، واثنين بالمئة، من الحجم الكلي للاقتصاد المصري، مؤكدين أنه أكبر من ذلك بكثير، فيما وقف إعلاميو السيسي موقف المؤيد لتصريحاته، وقالت إحداهن: "وما له لو كانت النسبة حتى خمسين بالمئة؟".

"نار  تحت الرماد"

وتحت هذا العنوان، علق محمد أمين، في "المصري اليوم"، على قول السيسي إنه يريد أن يفعل كل "حاجة حلوة" للمصريين فقال: "أولى الحاجات الحلوة للوطن، ألا يشعر الشعب بأن الجيش يملك كل شيء في الوطن.. الأراضي والمشروعات والمصانع والمدارس ومحطات البنزين وحتى المساجد وصالات الأفراح والعزاء.. قد يكون هذا مجرد شعور.. وقد يكون اقتصاد الجيش في حدود 2% كما قلت.. ولكنه الاقتصاد الأهم".

وأضاف أمين: "هناك من يقول إن الجيش يملك مصر، وليست مصر هي التي تملك الجيش"، متسائلا: "كيف تحل هذه المعضلة يا ريس؟"، بحسب تساؤله.

عيسى: السيسي يخاطب الغرب

ومن جهته، تناول إبراهيم عيسى تصريحات السيسي في برنامجه "مع إبراهيم عيسى"، عبر فضائية "القاهرة والناس"، مساء الأحد، مضيفا أمنية أخرى إلى أمنية السيسي بقوله: "كل ما أتمناه أن تصبح مصر بلدا ما عندهاش "حاجة تخبيها"، وذلك في إيماء إلى قول السيسي: "ما عندناش حاجة نخبيها".

ولاحظ عيسى أن: "هذه القضية (اقتصاد الجيش) لم تطرح في وسائل الإعلام الحكومية أو الخاصة على الإطلاق، وإن تطرقت لها أي وسيلة إعلامية فسيكون على سبيل الاحتفاء، فلماذا طرحها "الرئيس" على أنها موضوع يؤرق الرأي العام؟"، وفق تساؤله.

وكشف في إجابته أن "هذا الموضوع قد أثير على ألسنة الشركات وأصحاب الشركات والصحف الغربية ودوائر غربية، لذلك فإن الرئيس اعتبره موضوعا يشغل الرأي العام"، على حد قوله.

وبينما وصف عيسى: "هذا الموضوع بأنه "حرج"، كال المديح للسيسي، دون أن يتطرق إلى صحة الرقم الذي ذكره، ولم يتعرض لتأثير حجم اقتصاد الجيش على الدولة المدنية، التي طالما دعا إليها عيسى.


الشيمي: "السيسي رأسمالي صيفا.. اشتراكي شتاء"
لكن الكاتب الصحفي محمد زكي الشيمي، علق، في مقال بجريدة "المقال"، التي يرأس تحريرها عيسى نفسه، قائلا: "رغم أننا نقر بأن الحديث عن حجم هائل لاقتصاد الجيش، يصل إلى خمسين في المئة هو مبالغات كبرى، فإن النسبة التي ذكرها الرئيس تبدو أقل من المتوقع أيضا"، وفق قوله.

وشدَّد الشيمي على أنه في غياب أي أرقام رسمية ومفصلة، لا نستطيع الجزم بصحة هذا الرقم.

وعلى عكس إبراهيم عيسى، رأى الشيمي أن "الرئيس يقول إنه يذكر الرقم لأن "ما عندناش حاجة نخبيها"، مع أن التصرف الطبيعي للي ما عندوش حاجة يخبيها هو الرد بسرعة، وبشكل رسمي، وبوثائق تعزز مبدأ الشفافية، وحق المواطن في معرفة هذه المعلومات غير السرية، مشيرا إلى أن السيسي "بدلا من ذلك يرد بعد سنوات طويلة برقم يذكره في كلمة له دون أي تفاصيل جادة من الدولة".

ورأى الشيمي أن اعتبار أن زيادة حجم اقتصاد القطاع العام هو أمر إيجابي يتمناه السيسي، ويرى أنه يعبر عن زيادة قدرة الدولة، يعني أن السيسي يفكر بطريقة سوفيتية الهوى، ولا يعرف أن أكبر مشكلات مصر الاقتصادية سببها الخلل الهيكلي الناتج عن القطاع العام عموما، وموظفي الدولة"، حسبما قال.

ومؤكدا أن السيسي يعطي بكلامه رسائل بالغة السلبية للمستثمرين بأن الحكومة ترى أن القطاع العام يجب أن يتوسع أكثر، سخر الشيمي من أن السيسي قال في مرات سابقة عكس ذلك تماما.. مختتما: "أصبح بإمكاننا اعتبار أن الرئيس (يقصد السيسي) رأسمالي تنافسي صيفا، واشتراكي شمولي شتاء"، وفق وصفه.

حسام مؤنس: مزج بين الدولة والقوات المسلحة
ومتفقا مع الرأي السابق، حذر الكاتب الصحفي حسام مؤنس، في مقاله بعنوان: "غياب الكلام السياسى هو بيت الداء"، من "هذا المزج بين الدولة والقوات المسلحة، واختزال الدولة في واحدة من مؤسساتها".

وشدَّد على أن هذا التوسع الكبير في الأنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة تزايد بشكل واضح في الأعوام الأخيرة خاصة، وتجاوز ما يمكن اعتباره ضمن الأمن القومي.

وتابع: "مجمل هذا الحديث والفهم في ظل سياسات هي بالأساس تعبير عن توجه ليبرالي شديد اليمينية لا علاقة له في الحقيقة بأي دور للدولة والقطاع العام، يجعلنا في شرَك التناقض الجذري بين ما يُقال وما يحدث، وفي تخوف من مخاطر حقيقية تحدق بمستقبل وتركيبة الاقتصاد المصري وبنيته في حال استمرار الوضع الراهن واستمرار ترسيخه"، وفق تعبيره.

أيمن نور: كذب السيسي معلن وصريح
وكذَّب كثيرون من معارضي السيسي ما ذكره عن اقتصاد الجيش. وعقَّب زعيم حزب "غد الثورة"، رئيس فضائية "الشرق"، أيمن نور، على تصريحات السيسي الخاصة بخضوع مشاريع الجيش للرقابة، قائلا: "كذب معلن وصريح من رئيس الدولة".

وقال نور، عبر تغريدة له بموقع "تويتر": "السيسي يزعم أن مشاريع الجيش تخضع للرقابة ويتجاهل أن موازنة الجيش ترد للبرلمان رقما واحدا دون تفاصيل تمكن من مراقبتها.. السيسي يكذب كما يتنفس".

إعلاميو السيسي: "وماله لمَّا الجيش يمتلك 50%؟"
وفي المقابل، شن عدد من الإعلاميين الموالين لرئيس الانقلاب، حملة لتلميع اقتصاد الجيش.
وقالت الإعلامية رشا مجدي إنه لا تمنع أن يكون اقتصاد الجيش المصري 50% من اقتصاد مصر، وليس 2%، كما كشف السيسي.

وتساءلت، في برنامج "صباح البلد"، عبر فضائية "صدى البلد"، الأحد: "وإيه يعني.. مش دا جيشنا، ولا جيش حد تاني؟".


ومن جهته، قال الإعلامي خالد صلاح، عبر فضائية "النهار"، الأحد: "الجيش لمَّا يدخل في شراء اللبن بيجيبه أرخص.. لحمة يجيبها أرخص.. ينتج أرخص.. يعني الحاجات ممكن تتعمل صح، لأن ما فيش في النص بيزنيس، ولا بيبزنسوا.. دي ناس قاعدة بتخدم بلدها"، بحسب تعبيره.

تراجر: لا أحد يعرف الحقيقة
وتعليقا على المشهد الحاصل، قال الباحث الأمريكي، إريك تراجر، عبر تويتر: "السيسي يقول إن نسبة الجيش من إجمالي الاقتصاد تتراوح بين 1.5% و 2%، لكن بعض المحللين يقدرونها بما يتراوح بين 15و40%.. لا أحد يعرف الحقيقة".
التعليقات (0)