حقوق وحريات

تفعيل المحاكمات العسكرية.. أداة السيسي لضرب معارضيه

يريد نظام السيسي تقليص دور القضاء المدني في محاكمة المعارضين - أرشيفية
يريد نظام السيسي تقليص دور القضاء المدني في محاكمة المعارضين - أرشيفية
بعد وقت قصير من حديث قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، عن ضرورة إجراء تعديلات قانونية لتعديل إجراءات المحاكمات بهدف تسريع إصدار الأحكام، أصدرت محاكم عسكرية في مصر أحكاما عسكرية، الثلاثاء، على مئات المعارضين في عدة قضايا.

وانتقد وزير العدل المصري الأسبق، المستشار أحمد سليمان، سعي السلطات إلى تغيير قانون الإجراءات المدنية، وإحالة بعض القضايا إلى المحاكم العسكرية.

وقال لـ"عربي21": "مصر ودّعت القانون، ولم تعد هناك ضمانات للمحاكمات العادلة، والأحكام تصدر بناء على تحريات الأمن الوطني، وبدون تحقيق"، مشيرا إلى أن النظام يريد تشريعا جديدا "ليستكمل مصادرة حقوق الناس، بحجة العدالة الناجزة"، كما قال.

وأصدرت محكمة أسيوط العسكرية أحكاما بالسجن بحق 484 متهما، تراوحت بين ثلاث سنوات والمؤبد، كما عاقبت المحكمة نفسها 250 متهما غيابيا بالسجن المشدد 15 عاما، وعاقبت كذلك 170 متهما بأحكام تراوحت بين ثلاث سنوات والمؤبد في قضية أخرى.

تصفية الخصوم وغياب العدالة

واعتبر المستشار سليمان أن رغبة السلطة في تغيير إجراءات المحاكمات المدنية، وإحالة بعضها للمحاكم العسكرية "ليس بغرض العدالة؛ بل بغرض تصفية الخصوم السياسيين"، مشيرا إلى أن "اختصار درجات التقاضي لا يكمن في اختصار إجراءاته، كما يروجون، وإنما في صحتها، فعندما يصدر الحكم صحيحا فالطعن عليه يرفض من قبل محكمة النقض، وبهذا تكون اختصرت درجات التقاضي".

وتساءل: "لماذا لا يزال (الرئيس المخلوع حسني) مبارك يحاكم حتى الآن منذ عام 2011"، لافتا إلى أن "العدالة الناجزة تتحقق بضمان حقوق المتهمين، وبالقاضي العادل المتجرد، ولكن النظام لا يعنيه القانون ولا العدالة في شيء". وذكّر بأن "وزير داخلية مبارك، حبيب العادلي، فجّر كنيسة القديسسين بالإسكندرية في 2011، ولم يحاكم ولو تمت محاكمته لما تكررت حادث الكنيسة المرقسية"، كما قال.

تورط نظام السيسي

من جهته، قال رئيس حزب الأصالة، المهندس إيهاب شيحة، لـ"عربي21"، إن "طبيعة العسكري لا تثق بكل ما هو غير عسكري، فمهما كان القضاء المدني أداة طيعة في يده، تظل الثقة فقط في القضاء العسكري، فهو القضاء غير القابل للطعن على أحكامه أو نقضها، فضلا عن إجراءاته السريعة فهو أشبه بالأحكام المسبقة".

واعتبر أن تسارع وتيرة صدور الأحكام العسكرية مؤشر على "ضعف نظام السيسىي الذي يسعى لتثبيت حكمه بالقمع"، ولم يستعبد تورط النظام في تفجير الكنيسة المرقسية، "إما بالمسؤولية أو بالتقصير، وليس أدل على ذلك من الإبقاء على وزير داخلية التفجيرات الذي يدير الأمور بعقلية إجرامية بحتة"، على حد وصفه.

وحذر من أنه إذا لم يكن النظام متورطا في تفجير الكنيسة، فهو "مؤشر على خطورة الوضع الأمني بوصول الجماعات الإرهابية إلى قلب القاهرة، وهذا يجعلني أستحضر مقولة السيسي: لا هانسيبها تنفع لينا ولا لغيرنا، في تهديد لا يتصوره عاقل من رئيس سلطة مهما بلغ إجرامه"، كما قال.

التفرد بالسلطة بذريعة الإرهاب

أما عضو الهيئة العليا لحزب البناء والتنمية، إسلام الغمري، فقال لـ"عربي21؛ إن "ما يقوم به رئيس سلطة الانقلاب من محاولة استبدال المحاكم المدنية بالمحاكم العسكرية إنما يهدف لقطع الطريق على أي حل سياسي؛ لأنه يعرف تماما أن أي حل سياسي لا بد أن يتضمن رحيله عن السلطة، لذا نجده يسعى لتلغيم الأجواء وبث روح الفتنة الطائفية"، على حد قوله.

وأضاف أن "السيسي يهدف لإشعال الفتنة، والدفع بالبلاد نحو الاحتراب الأهلي، وأن يُصدّر للعالم أنه يحارب إرهابا، لكي يتخذ من ذلك ذريعة لاستمراره في السلطة، وانتهاك حقوق الإنسان، والتصفيات الجسدية ضد المعارضين، ويفتح الباب للمحاكم العسكرية لكي يتخلص بها من قيادات الإخوان ورموز الثورة".

وذهب الغمري إلى القول؛ إن "السيسي بالرغم من فشل منظومته الأمنيه، إلا أنه أبقى على وزير داخليته لتنفيذ سياسات التصفية الجسدية، والإخفاءات القسرية، والقتل بدم بارد داخل السجون وخارجها، وغير ذلك من جرائم"، مؤكدا أنه "لا بديل عن استكمال ثورة يناير، وإنهاء سلطة الانقلاب"، وبحسب تعبيره.

مخالفة الدستور وتصفية حسابات

بدوره، قال المحلل السياسي، أسامة الهتيمي، لـ"عربي21": "ليس من شك في أن هذا التسارع (في الأحكام العسكرية) كان أحد الدوافع التي أصابت الكثيرين بحالة من الشك والريبة؛ تجاه الروايات الرسمية حول ملابسات حادث تفجير الكنيسة البطرسية، خاصة وأن البعض اجتر من الذاكرة حادثة كنيسة القديسين في الإسكندرية، والتي أشارت بعض التقارير إلى تورط وزارة الداخلية آنذاك في تنفيذها".

وتابع: "تنبّه الوعي الجمعي المصري إلى الربط بين وقوع مثل هذه الحوادث؛ وبين اتخاذ إجراءات قانونية تتعارض مع نصوص الدستور، كما حدث في أعقاب اغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات، والحديث وقتها عن تكبيل العدالة الناجزة، وهو ما مهد الطريق لإصدار ما سمي بقانون الإرهاب الذي لاقى رفضا من العديد من القوى السياسية آنذاك".

واستدرك قائلا: "ترتيبا على ما سبق، فإن الأحكام الأخيرة بدت وكأنها جاءت في سياق تصفية حسابات، ومحاولة حاسمة لإغلاق أي حديث أمام أي أطراف عن التقدم، ولو لخطوة واحدة، باتجاه تحقيق حالة من التوافق الشعبي الغائب منذ سنوات عن مصر"، وفق قوله.
التعليقات (2)
مصري
الخميس، 15-12-2016 08:43 ص
فترة حكم العسكر هي فترة حالكة السواد منذ إنقلاب 52 و أكثر سنواتها طغيانا وجبروت وكفر هي سنوات إنقلاب السيسي علي الحكم الشرعي للرئيس محمد مرسي وفي النهاية فالعسكر لن يخلدوا مثلهم في ذلك ، مثل كثير من الطغاه وكثير من الأمم العاتية التي عصت ربها ، فالدنيا دار فناء ومن ظن أنه قد بني مجد لا يزول إن كان مجدا ، فلينظر إلي أثار وبقايا الأولين ولا باقي إلا الله مالك الملك العدل عالم الغيوب وسبحان من له الدوام .
محمد عبدالله
الأربعاء، 14-12-2016 11:58 م
التفرد بالسلطة بذريعة الإرهااااااب السيسي يهدف لإشعال الفتنة، والدفع بالبلاد نحو الاحتراب الأهلي، وأن يُصدّر للعالم أنه يحارب إرهابا، لكي يتخذ من ذلك ذريعة لاستمراره في السلطة، وانتهاك حقوق الإنسان، والتصفيات الجسدية ضد المعارضين، ويفتح الباب للمحاكم العسكرية لكي يتخلص بها من قيادات الإخوان ورموز الثورة