ترفض
تركيا أي تدخل للقوات الكردية في معركة
الرقة، شمال سوريا، لاستعادة المدينة التي تعد معقلا لتنظيم الدولة وعاصمة لـ"الخلافة" التي أعلنها زعيم التنظيم “أبو بكر البغدادي” في 2014.
وكشف موقع "المونيتور" الأمريكي، معلومات تنشر للمرة الأولى، تفيد بأن الولايات المتحدة الأمريكية فاجأت تركيا بـ"منحها دورا في عملية الرقة" خلال الفترة المقبلة، ما يعني استبعادا لقوات سوريا الديمقراطية (الكردية).
وبحسب التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، فإن زيارة غير معلنة قام بها رئيس هيئة الأركان الأمريكية، الجنرال جوزيف دانفورد، إلى العاصمة التركية أنقرة، تلخصت بوعود للحكومة التركية بأن التحالف سيعمل معها على إعداد خطة طويلة الأجل لتحرير الرقة والمحافظة عليها وإدارتها".
وذكر التقرير الذي أعده أمبيرين زمان، أن جهود الولايات المتحدة لترضية تركيا نتيجة لتعاونها مع القوات الكردية السورية في انتزاع الرقة، حققت بعض التقدم في زيارة دانفورد لأنقرة، ولقائه نظيره التركي، خلوصي أكار.
وأفاد بأن الجنرال دانفور قال بعد أربع ساعات ونصف من المحادثات مع نظيره التركي، إن "التحالف سيعمل مع تركيا على إعداد خطة طويلة الأجل لاستعادة الرقة"، واصفا العلاقات التركية الأمريكية بـ"الممتازة".
وقال دانفورد في تصريحات غير مسبوقة: "إننا نعلم بأن قوات سوريا الديمقراطية لم تكن الحل للسيطرة على الرقة وإدارتها. ما نعمل عليه الآن هو إيجاد مزيج مناسب من القوات لهذه العملية".
وكانت هذه القوات الكردية التي تعاديها تركيا، أعلنت في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري بدء شن عملية لاستعادة السيطرة على الرقة، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية.
ولقي هذا الإعلان معارضة تركية قوية، وذلك بسبب الصلات الوثيقة بين المكون الكردي لقوات سوريا الديموقراطية، بحزب العمال الكردستاني، المصنف في تركيا على أنه "إرهابي".
وأكد دانفورد أن التحالف لن يبدأ مرحلة تحرير الرقة "دون إشراك الأتراك، وإدراج وجهة نظرهم في خططنا".
وجاءت زيارة دانفورد بعد بضعة أيام فقط من زيارة رئيس الأركان التركي أكار لموسكو، برفقة رئيس الاستخبارات هاكان فيدان، الأمر الذي أثار القلق بين حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي من التقارب الروسي التركي المحتمل.
تفاهمات تركية أمريكية
وفي أعقاب اللقاء المطول الذي جمع الجنرالين في الاجتماع الثاني بينهما في أقل من شهر، اكتفت القيادات السياسة التركية بإعلان إبلاغها الضيف الأمريكي بخطورة التنسيق الحاصل بين إدارته وحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) المصنّف إرهابيا في تركيا.
من جانبه، نشر الباحث والخبير في القانون الدولي العام والعلاقات الدولية، الدكتور سمير صالحة، مقالا تحت عنوان "تركيا ومصيدة الرقة"، النقاط المهمة التي توصل إليها الجانبان في اجتماع الجنرالين الأمريكي والتركي:
- تعزيز التنسيق القائم بين تركيا والتحالف الدولي على المدى الطويل، بهدف القضاء على تنظيم الدولة في مدينة الرقة.
- تأكيد أن قوات تحرير الرقة يجب أن تكون من العرب السنّة، وليس من
الأكراد.
- أن الطرفين توصلا إلى قناعة بشأن العمل المتواصل باتجاه إيجاد المكون الصحيح من القوات لعملية عملية تحرير الرقة.
- أن لا تكون قوات سوريا الديمقراطية هي التي تدخل مدينة الرقة، وأنها لن تتدخل في إدارة شؤون المدينة.
وقال صالحة الأكاديمي في تركيا، لـ"
عربي21"، إن الجانب التركي يتعامل بحذر في الحديث عن التفاهم الذي تم، تحسبا لارتكاب أي خطأ، قد يحسب عليه في موقفه حيال حزب الاتحاد الديمقراطي، وسياسته السورية.
وأضاف أنه لا يظن بأن أمريكا ستتخلى بسهولة عن دور قوات سوريا الديمقراطية، وذلك لأنها ستشهد إدارة جديدة بقيادة دونالد ترامب الرئيس المنتخب الجديد.
وأشار إلى أن الإدارة القديمة بقيادة أوباما كانت تكيل بمكيالين بما يخص الملفات المتعلقة بتركيا، وباتت اليوم أمريكا على موعد مع إدارة تعطي الأولوية في الشأن السوري لحرب تنظيم الدولة.
وعلى الرغم من الموقف الذي أعلنه الجنرال الأمريكي لتركيا، إلا أن الناطق باسم "قوات سوريا الديموقراطية"، طلال سلو، سبق أن أشار إلى أنهم اتفقوا بشكل نهائي مع التحالف الدولي على عدم وجود أي دور لتركيا أو للفصائل المسلحة المتعاونة معها، في عملية تحرير الرقة.
وعلق صالحة على ذلك بالقول، إن أمريكا تقدم لتركيا ما تريده من ضمانات لتطلق يدها في شمال سوريا، من أجل إكمال عملية درع الفرات، وقطع الطريق على محاولة الربط بين جرابلس وعفرين، في اتجاه دمج الكانتونات الكردية ببعضها.
كما أن تركيا حسمت سياسيا مسألة دخول فصائل المعارضة السورية إلى منبج، وإعادة مقاتلي الحزب الديموقراطي الكردي إلى شرق نهر الفرات.
وحصلت تركيا كذلك على الضوء الأخضر الأمريكي، لتسريع عملية إخراج قوات تنظيم الدولة من مدينة الباب. والمضي في خطة وضع أسس المنطقة الآمنة، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم.
وبهذا الشأن، قال وزير الخارجية التركي، مولود شاووش أوغلو، إن إرسال قوات حزب الاتحاد الديمقراطي إلى الرقة -وهي التي لا تستمع إلى ما تقوله واشنطن في موضوع انسحابها من منبج- يفتح الطريق أمام أزمة أكبر في العلاقات التركية الأمريكية، إذ لا تلتزم الوحدات الكردية، شريكة واشنطن وحليفتها، بتعهداتها أمام الإدارة الأمريكية نفسها.
ولفت صالحة إلى أن أمريكا ربما تخطط لصفقة، بخصوص تسهيل الوصول التركي إلى مدينة الباب، في مقابل "تمهيد الطريق أمام الوحدات الكردية للوصول إلى الرقة"، مراهنة على أنه بات من غير المستبعد أن يأتي دور جيش النظام السوري في إحدى هاتين المرحلتين، لدخول الرقة.
وقال: "يبدو أن التفاهم التركي الأمريكي الأهم كان حول موضوع البحث عن قيادة قوات عربية سنية، تقود معركة الدخول إلى الرقة، تطرح معها سيناريو قديما جديدا، وهو فتح الطريق أمام قوات الجيش السوري الحر للدخول إلى المدينة، بدعم ورعاية أمريكيتين.
وأضاف أن ذلك يعني "تضييقَ الخناق على قوات صالح مسلم زعيم الاتحاد الديمقراطي، ومحاصرته سياسيا وجغرافيا، أكثر فأكثر عبر الجنوب هذه المرّة".
ليتساءل أخيرا: "هل تستسلم الإدارة الأمريكية لسيناريو تدمير حليفها المحلي الوحيد في سوريا، الذي جهّزته لدور كبير هناك؟".