ملفات وتقارير

تحليل: الهجوم على الرقة بسوريا أكثر تعقيدا من معركة الموصل

استعراض عسكري لتنظيم الدولة في الرقة السورية- أرشيفية
استعراض عسكري لتنظيم الدولة في الرقة السورية- أرشيفية
يريد التحالف الدولي، الذي أطلق قبل عشرة أيام المعركة لاستعادة الموصل في العراق، مهاجمة الرقة، التي تعدّ "العاصمة" الثانية لتنظيم الدولة في سوريا، لكن المهمة تبدو صعبة؛ نظرا للتساؤلات حول القوى القادرة على تنفيذ العملية، وعدد الأطراف المتورطين بالحرب في سوريا.

وقال وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، ونظيره البريطاني، مايكل فالون، الأربعاء، إن الهجوم لاستعادة الرقة من تنظيم الدولة سيبدأ "في الأسابيع المقبلة". 

وأضاف: "إننا خططنا منذ زمن بعيد، ونحن قادرون على دعم" الهجمات على الموصل والرقة في آن واحد.

وحتى الآن، لم يعط المسؤولون في التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة أي معلومات عن الجدول الزمني للعمليات ضد مقاتلي التنظيم في سوريا. لكن نظرا إلى "التقدم الكبير" في الهجوم الجاري في العراق، يشير القادة العسكريون إلى أن "تداخل" العمليات في الموصل والرقة ممكن.

إلا أن هذه التصريحات -التي طلب أصحابها عدم كشف هوياتهم- تبقى غامضة بعض الشيء.

وقال مسؤول عسكري أمريكي كبير: "سيكون من الصعب للتحالف اليوم تنسيق العمليات وتنظيمها بين المعركتين وتوزيع وسائله الجوية بفاعلية".

وقال مصدر فرنسي: "من الواضح أن التحضيرات لم تنته لاستعادة الرقة غدا"، مقرا بأن "الشق السوري (في محاربة مقاتلي تنظيم الدولة) أكثر تعقيدا".

الفوضى السورية

لخصت صحيفة "لوريان لوجور" اللبنانية مؤخرا الوضع بالقول إن "المعضلة العراقية بسيطة للغاية مقارنة بالفوضى السورية".

والهجوم على مدينة الموصل، التي سقطت بأيدي مقاتلي التنظيم في حزيران/ يونيو 2014، تم البحث فيه، والإعداد له، لأكثر من عام بين التحالف وبغداد وسلطات كردستان العراق. 

ويشن الهجوم القوات العراقية والمقاتلون الأكراد (البيشمركة) بدعم من التحالف.

وهذه العملية، التي "تسير حاليا" طبقا لخطط التحالف، معقدة أصلا، وقد تفضي إلى المزيد من التعقيدات؛ لأن دور المليشيات الشيعية النافذة جدا في العراق، وكذلك دور تركيا في مدينة الموصل ذات الغالبية السنية، يطرح مشكلة.

فمع أي طرف؟ وكيف يشن الهجوم على سوريا التي تشهد حربا أهلية أوقعت أكثر من 300 ألف قتيل منذ 2011، وباتت مفككة بسبب وجود عدد كبير من المجموعات المتخاصمة المدعومة من قوى إقليمية أو دولية بشكل مباشر أو غير مباشر؟

وقال المصدر الفرنسي: "هناك فرق بين الوضع في العراق والوضع في سوريا؛ ففي العراق نتدخل بطلب من سلطات بغداد". إلا أن الدول المشاركة في التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة معارضة لنظام بشار الأسد، وتريد تفادي شن هجمات قد تصب في مصلحة رئيس النظام السوري.

من سينفذ الهجوم على الرقة؟

وقال آشتون: "كما في معركة الموصل، فإن المبدأ الاستراتيجي يملي أن تكون قوات محلية فعالة ومتحمسة".

وقال المسؤول العسكري الأمريكي الكبير، الذي طلب عدم كشف اسمه: "يجب أن تكون القوة التي تستعيد الرقة عربية". 

وذكرت مصادر عدة أن القوات الكردية لا تستطيع استعادة مدينة الرقة ذات الغالبية السنية، التي تعد 200 ألف نسمة.

العاملان التركي والكردي


وقال المصدر الفرنسي: "في هذه المرحلة، هناك قوتان في سوريا تحاربان داعش، هما القوات الديموقراطية السورية (تحالف كردي- عربي تدعمه الولايات المتحدة) وقوات المعارضة السورية (الجيش السوري الحر)".

هل عدد القوات يكفي؟ يؤكد العسكريون أن العدد كاف، لكن بحسب المصادر، فإن عدد العناصر المتوفرة يراوح ما بين عشرة آلاف إلى ثلاثين ألف رجل.

وهناك خصوصا الخلاف بين الأكراد وتركيا، التي نفذت عملية برية في شمال سوريا في آب/ أغسطس؛ لمنع قيام أي كيان كردي مستقل، ما يجعل أي تعاون بين القوتين مستحيلا.

ويبدو أن كفة واشنطن كانت تميل الأربعاء باتجاه تركيا. 

وقال كارتر في بروكسل، بعد لقاء مع نظيره التركي، عصمت يلماظ: "نعمل بشكل كبير مع الجيش التركي في سوريا. أعطى ذلك نتائج مهمة جدا مع الاستيلاء على دابق" في تشرين الأول/ أكتوبر.

وقال: "نبحث عن فرص جديدة للتعاون في سوريا، والرقة إحداها".

والسؤال الأخير الذي يطرح نفسه: "ماذا عن موقف موسكو، الطرف الداعم للنظام السوري؟"، وقال المصدر الفرنسي: "روسيا تشن حربا من نوع آخر. فهي تسحق المعارضة في حلب. ومن الواضح أن مدينة الرقة ليست مسألة تهمها".

وقال دبلوماسي فرنسي: "بسبب تحويل الاهتمام إلى معركة الموصل والرقة؛ قد ينسى الناس ما يحصل في شمال غرب سوريا في مدينة حلب"، التي تتعرض لقصف روسي- سوري مكثف منذ شهر.
التعليقات (0)