صحافة دولية

كاتب أمريكي: حملة الكراهية ضد كلينتون بدأها نيويت غينغرتش

فايننشال تايمز: غياب الخطاب السياسي في أمريكا يجب أن تلقى مسؤوليته على كاهل غينغرتش- أ ف ب
فايننشال تايمز: غياب الخطاب السياسي في أمريكا يجب أن تلقى مسؤوليته على كاهل غينغرتش- أ ف ب
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للكاتب جوريك مارتين، يقول فيه إن حملة الكراهية ضد هيلاري كلينتون، التي حرفت تفكير الولايات المتحدة، تعود إلى رئيس الكونغرس الجمهوري السابق نيويت غينغرتش

ويبدأ مارتين مقاله بالقول: "هناك أغنية في جنوب الباسفيك، التي يريد رعاة المسرحيات الموسيقية في برودوي (نيويورك) محوها؛ لأنها قريبة من العصب الاجتماعي قبل 60 عاما، والجميع يعرفها، وتقول: (سيتم تعليمك قبل فوات الأوان/ قبل أن تصل السادسة أو السابعة أو الثامنة/ كي تكره كل الناس الذين يكرههم أقاربك/ ويجب تعليمك بدقة". 

ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الكراهية هي الكلمة المكونة من أربعة حروف (الكلمة الإنجليزية- هيت/ hate) في أمريكا اليوم، فقد شهدت أمريكا خطابات كراهية وجرائم كراهية، وهناك سياسة الكراهية، وربما كانت موجودة قبل أن يوسع مداها الإنترنت و(تويتر)، وفي عام 1804 لم يتبارز كل من وزير المالية ألكسندر هاميلتون، ونائب الرئيس أرون بير، بعد منافسة حامية بينهما؛ لأنهما كانا يحبان بعضهما، فقد أطلق بير النار على هاميلتون وأصابه ليموت لاحقا في بيته". 

ويستدرك مارتين بأن "هذه القصة هي قصة رجلين كانا يكرهان بعضهما، أما الأغنية فتتحدث عن (تعليم)، وأزعم أن هيلاري كلينتون تظهر كما هي، أو كما تبدو؛ لأن أمريكا لقنت لتكرهها ولأكثر من ربع قرن، وعندما تقول شيئا طوال الوقت فإنه يلصق، وكلامي ليس دفاعا عن المرشحة الديمقراطية أو قضيتها، فأنا لا أعرفها مع أني قابلت زوجها من خلال عملي المهني، لكن هذا واحد من التفسيرات".

ويقول الكاتب: "من المهم العودة إلى الوراء، إلى عام 1992، عندما كان الجمهوريون في ذروة نجاحهم، ويحاولون البناء على نجاح رئاسة رونالد ريغان، فقد سيطر الحزب على البيت الأبيض لمدة 12 عاما، ولمدة 20 عاما خلال الـ24 عاما الماضية، ومع أن جورج هيربرت بوش لم يكن الجواب للحلم الذي يريد اليمين المتطرف في الحزب تحقيقه، إلا أنه حافظ على الحصن، فبعد حرب العراق الأولى، كانت شعبيته 90% كافية لتأمين ولاية ثانية له، التي كان الجمهوريون سيحاولون خلالها استعادة الكونغرس من الديمقراطيين، ومن هنا درسوا المشهد السياسي، ووجد المحافظون أن لا أحد على الجانب الأخر من الكونغرس يمكنه أن يواجه نفوذهم -وليس آل غور ولا بيل برادلي، وبالتأكيد ليس بول تسونغاس- ودون أن يلاحظوا، وكي نكون دقيقين من أركنساس، ظهر الحاكم بيل كلينتون، الذي كان يمثل نوعا جديدا من الديمقراطيين، شاب وفصيح وصارم، ويميل إلى الوسط، مع وجود ذكاء سياسي يجب التعامل معه بجدية، ولم تنفع كفاءات جورج بوش ولا إنجازاته".

ويضيف مارتين: "لهذا تم اتخاذ قرارات لإنزاله عن الفرس قبل أن يبدأ بالعدو، ونزع الشرعية عنه إن اقتضت الضرورة، في حال وصل إلى الرئاسة، حيث وصل في النهاية، وبدأت الحملة بامرأة ظهرت أمام الكاميرات، وزعمت أن الحاكم أقام علاقة عاطفية معها، ومن ثم قدموا تفاصيل غامضة عن صفقات (وايت ووتر لاندز) في أركنساس، وقد تسيدت هذه القصص أول فترة رئاسية له، ومن ثم جاءت (ترافيل غيت)، المتعلقة بمكتب السفر في البيت الأبيض، وفي النهاية لم تتم إدانة أي شخص، رغم الجهود التي بذلها المدعي كينث ستار". 

ويتساءل الكاتب هنا عن الشخص الذي كان يقف وراء هذه التسريبات، ويجيب قائلا إن "هناك شخصا واحدا وهو رئيس الكونغرس في عام 1994 نيويت غينغرتش، فقد تعلم الفن المظلم للتدمير السياسي، الذي مارسه ضد السياسيين (وزوجاتهم)- فلم يحب المتحدث باسم الغالبية الديمقراطية جيم رايت، وزعيم الأقلية الجمهورية بوب ميشيل". 

ويرى مارتين أن "غياب الخطاب السياسي المدني في أمريكا يجب أن تلقى مسؤوليته على كتف غينغرتش، الذي لا يزال يقدم خدماته، فهو مستشار لترامب."

ويشير الكاتب إلى الدور الذي قامت به الصحافة، مثل مجلة "سبكتاتور" المحافظة، و"وول ستريت جورنال"، التي كانت افتتاحية حادة من افتتاحياتها عاملا في انتحار أحد مساعدي كلينتون الموثوقين في البيت الأبيض فينس فوستر، وتبعت ذلك اتهامات من النائب عن ولاية إنديانا، دان بيرتون، بأنه قتل بناء على طلب من هيلاري كلينتون. 

ويلفت مارتين إلى أن "الجمهوريين وجهوا ضربات مهمة، ففي منتصف التسعينيات من القرن الماضي، ظهرت شبكة (فوكس نيوز)، تحت إدارة روجر إيلز، اليد القديمة في فن الظلام، الذي عمل مساعدا لريتشارد نيكسون، وقدم للقوى المعادية لكلينتون حضورا على التلفاز، أما على الراديو، فقد كان لراش ليبمو حضور أوسع، وأدى إلى تقليد (مارك ليفين ومايكل سافيج وشين هانيتي وغيرهم)، وهناك كتب صدرت دون توقف عن دور النشر التي يديرها اليمين المتطرف مثل ريجينري".

ويفيد الكاتب بأن "هيلاري كلينتون وصفت العصابة السرية ضد زوجها بأنها (مؤامرة يمينية واسعة)، والحقيقة أنها لم تكن كبيرة، لكنها كانت فاعلة ولم تتوقف، وبعد ذلك قدم لها هدية، وهي علاقته مع مونيكا لوينسكي، المتدربة في البيت الأبيض، التي قادت إلى محاكمة الرئيس؛ لأنه كذب تحت القسم، وترك البيت الأبيض بعد ثماني سنوات من الازدهار الاقتصادي، وفائض في الميزانية، وحضر أمريكا للقرن الحادي والعشرين، وبشعبية أكبر من تلك التي حظي بها رونالد ريغان".

ويذكر مارتين أن هذه كانت علامات حملتها زوجته، وتمت ملاحقتها طوال السنوات الماضية، في مجلس الشيوخ ووزارة الخارجية، مشيرا إلى أن نزعتها للدفاع عن نفسها هي نتاج لتلك التجارب التي مرت بها، كما أن تصميمها، الذي بالغت فيه، وارتكبت فيه أخطاء، كان نتاجا لهذا كله.

وينوه الكاتب إلى أن "ترامب هو الأخير في سلسلة الذين انضموا لكتيبة كراهية كلينتون، ووصفها بالمجرمة، ووعد برميها في السجن، حيث نقل سم الكراهية إلى درجة أخرى، لكنه كان يزرع سمه في أرضية خصبة قابلة، فقد تعلم الأمريكيون فن كراهية كلينتون، ولم تكن وحدها، فلم يكن الحال سهلا لأول رئيس أمريكي أسود".

ويختم مارتين مقاله بالإشارة إلى أن الأغنية تقول أيضا: "يجب أن تتعلم كيف تخاف/ من الناس الذين خلقت عيونهم بطريقة غريبة/ ومن الناس ذوي البشرة المختلفة".
التعليقات (0)

خبر عاجل