ملفات وتقارير

تنظيم الدولة يفرض ديناره الذهبي بينما يخسر الأرض.. أي رسالة؟

روج التنظيم لديناره بطريقة هوليودية
روج التنظيم لديناره بطريقة هوليودية
يُلزمُ تنظيم الدولة "رعاياه" باستخدام الدينار الذهبي في البيع والشراء، تأكيداً - فيما يبدو - على شعار "باقية وتتمدد"، ومتجاهلاً معطيات الواقع الميداني التي تؤكد تقلص "دولته" سواء في العراق أو سوريا.

فقد بدأ تنظيم الدولة فعلياً التعامل بالعملة الذهبية في ريف حلب الشرقي والمناطق الشرقية من سوريا (الرقة، دير الزور). واقتصر التعامل بداية على بعض المجالات. وفي هذا السياق، يقول أحمد رمضان، رئيس تحرير موقع فرات بوست، إن "التعامل الفعلي بالدينار الذهبي اقتصر على النفط، فداعش تبيع النفط حصراً بالدينار الذهبي".

وطرح تنظيم الدولة فكرة العملة المعدنية أواخر عام 2014، وذكر حينها ما يسمى "ديوان بيت المال"؛ أنّ الهدف من هذه العملة "الابتعاد عن النظام المالي الطاغوتي الذي فُرِضَ على المسلمين، وكان سبباً لاستعبادهم"، وبالتالي فالخطوة تنقذ المسلمين، وفق رؤية التنظيم، من "النظام الاقتصادي العالمي الربوي الشيطاني". لكن الفكرة لم تطبق عمليا حتى وقت قريب، فيما عزا مقربون من التنظيم هذا التأخير لـ"أسباب فنية" تتعلق بسك النقود.

عملة جديدة لـ"دولة" تتقلص

ويبرز السؤال عن جدوى طرح التنظيم عملته في وقت تتقلص فيه مساحة الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق.

ويُرجع مراقبون ذلك لسببين رئيسيين؛ أحدهما سياسي والآخر اقتصادي. فالتنظيم يثبت من خلال الخطوة لأنصاره على الأقل؛ أن "دولته باقية، وتفكر بطريقة استراتيجية، ولن تتأثر بالتطورات الأخيرة"، وفق مصطفى حاج عبد الله، رئيس مجلس أمناء الثورة في منبج، بريف حلب الشرقي.

ويضيف حاج عبد الله لـ"عربي21": "يهدف التنظيم لجمع كلمة أنصاره، وإظهار التماسك لهذه الدولة المزعومة التي باتت على شفا الانهيار".

أما السبب الاقتصادي فيتمثل في تقلص موارد التنظيم، ولا سيما بعد خروج كثير من الحقول النفطية من سيطرته أو باتت خارج الخدمة.

وفي هذا السياق يقول عماد حنيضل، رئيس المجلس الثوري في منبج سابقاً: "بادروا (التنظيم) بخطوتهم نتيجة نقص الموارد، واشتداد الحصار. فهي طريقة لنهب أموال الناس"، على حد وصفه.

ويرى الناشط الإعلامي محمد الأحمد، من ريف حلب الشرقي، أن الهدف من هذه العملية هو "سحب النقد الأجنبي الذي بدأ ينفد".

لكن أنصار التنظيم يروجون لخلاف ذلك، فالخطوة بالنسبة إليهم "تصب في مصلحة المسلمين"، بحجة أن قيمة الذهب ذاتية.

الدينار الذهبي في جيوب النخب الاقتصادية

ولم يلمس الأهالي أثراً لاستخدام العملة الذهبية. ويوضح رمضان: "الناس لا تملك ثمن طعامها، فكيف تريد منها التعامل بالدينار الذهبي؟ كما أن 90 في المئة من الشعب لم ير الدينار، ولم يتعامل داعش بأنواع العملة الأخرى إلى الآن".

يُذكر أن قيمة الدينار الذهبي الواحد تُقدّر بـ190 دولارا، وهذا رقم كبير بالنسبة لكثير من السوريين في مناطق التنظيم؛ التي تباطأت فيها العجلة الاقتصادية.

ويرى أنصار التنظيم أنّ هذه خطوة أولى ريثما يتم إصدار العملة المعدنية المصنوعة من الفضة والبرونز.

وأضاف رمضان: "التعامل بالدينار لا ينحصر في المجال النفطي، إنما يشمل محلات الصرافة، فضلاً عن بعض الغرامات".

ويؤكد محمد الأحمد أيضا أن تنظيم الدولة "فرض غرامات على الستالايت (صحن التقاط البث التلفزيوني) بقيمة ثلاثة دنانير ذهبية، وكذلك غرامات السجائر والاتجار بها".

مستقبل الدينار "الإسلامي"

ولا يتوقع أن تلقى عملة التنظيم النقدية رواجاً بين المواطنين؛ نظراً لحجم التداخل بين مناطق التنظيم والمناطق الأخرى.

يقول حسين، وهو تاجر من مدينة الباب التي يسيطر عليها التنظيم في ريف حلب الشرقي: "لن يجرؤ أحد على اصطحاب عملة التنظيم خارج مناطق سيطرته، فتهمة الإرهاب جاهزة".

وفي هذا السياق، يرى الاقتصادي يوسف البرهو، من ريف حلب، أن العملة المعدنية، ولا سيما الذهبية، تحتفظ بقيمتها المالية بغض النظر عمّا رسم عليها من شعارات، "وهي لا شك ستُقدر بالدولار، ولكن ذلك لا يجعل منها عملة حقيقية باعتبارها غير قابلة للتداول خارج مناطق التنظيم، فالأساس بالعملة التداول"، كما قال لـ"عربي21".

ويقول أنصار التنظيم إن الناس ستتداول العملة باعتبارها "مستقرة"، فالذهب لا يخضع للمضاربات، ولا يتأثر بتطورات المعارك، وهذا يبعث على الاستقرار الاقتصادي، ويؤدي لثبات الأسعار، بحسب ما يروج له أنصار التنظيم.

لكن متابعين للوضع الاقتصادي للتنظيم يؤكدون صعوبة إتمام المشروع، وأنه يندرج في إطار "البروباغندا".

ويقول الناشط أحمد رمضان في هذا السياق: "كيف نصدق أن التنظيم يحارب الطاغوت، وهو يعطي رواتب عناصره بالدولار؟!"، وفق تعبيره.
0
التعليقات (0)

خبر عاجل