على وقع طلب رئيس البرلمان
العراقي، محمود المشهداني، من الحكومة إحالة كبار المسؤولين في الدولة إلى التقاعد لبلوغهم السن القانونية، دخل الإطار التنسيقي الشيعي في
أزمة حقيقية، بسبب خلافات على الشخصيات البديلة لشغل المناصب الشاغرة.
وفي كتابه الرسمي الموجه إلى رئيس الحكومة العراقية، أشار المشهداني إلى أن استمرار هؤلاء المسؤولين في مناصبهم رغم تجاوزهم الستين من العمر يشكل ضررا جسيما على النظام الإداري للدولة ومخالفا لما استقر عليه مجلس الدولة من مبادئ قانونية.
ولفت المشهداني إلى أن هذه التجاوزات لا تقتصر على الأبعاد القانونية فقط، بل تؤثر سلبا على فرص الشباب المؤهلين في تولي المناصب القيادية، مما يعزز من حالة الجمود الإداري ويفتح الباب أمام تأثيرات غير قانونية من قبل جهات نافذة.
اظهار أخبار متعلقة
"تفجّر الخلافات"
وفي هذا السياق، كشفت مصادر سياسية عراقية خاصة، أن الإطار التنسيقي الشيعي، يشهد إرباكا وخلافات بخصوص موضوع مسؤولي الهيئات والمحافظين، والدليل على ذلك ما حصل من حديث عن
إقالة رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ثم نفي الموضوع.
وقالت المصادر لـ"عربي21" طالبة عدم الكشف عن هويتها، إن "الكتاب الرسمي الذي أصدره المشهداني يُرجح أنه جاء بدفع من زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، الذي يسعى إلى تسمية شخصية جديدة لرئاسة هيئة الحشد الشعبي تكون قريبة منه".
وأوضحت المصادر أن "مليشيا (عصائب أهل الحق) بقيادة قيس الخزعلي، تسعى هي الأخرى إلى الظفر برئاسة هيئة الحشد الشعبي، وسبق أن دعت عبر وسائل الإعلام على لسان زعيمها بضرورة إقالة فالح الفياض من منصبه كونه تجاوز السن القانونية".
وأكدت المصادر أن "الإطار التنسيقي يشهد حالة من الإرباك، وأن الاجتماعات التي عقدها لحسم الشخصيات البديلة لرئيس هيئة الحشد الشعبي، ومحافظ البنك المركزي، لم تتوصل إلى حل يرضي الجميع، لذلك الموضوع يصعب حله في ظل التنافس الحاد على هذه المناصب المهمة".
وفي هذه النقطة تحديدا، قال المحلل السياسي العراقي، غالب الدعمي لـ"عربي21" إن "ما يدور عن إقالة فالح الفياض، لأنه زعيم كتلة سياسية (حركة عطاء) وفي الوقت ذاته رئيس هيئة الحشد الشعبي، يخالف القوانين العراقية".
وأوضح الدعمي أن "القانون العراقي، لا يجيز لقادة الأجهزة الأمنية والعاملين في مفاصلها، الجمع بين وظيفتهم والعمل السياسي، لذلك فإن وجود الفياض في منصبه حاليا غير صحيح".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد الخبير العراقي أن "من يدفع إلى إقالة الفياض من منصبه هي أطراف داخل الإطار التنسيقي، فالبعض يريد أن يشغل المنصب مكانه أو يرشح بديلا عنه من كتلته، والقصة خلافات سياسية".
وتابع: "أما نفي العامري لموضوع إقالة الفياض من منصبه، فإنه يأتي في السياق ذاته (الخلاف داخل الإطار)، لأنه لا يريد أن يكون البديل شخصية غير قريبة منه أو ليست موالية له".
وأشار إلى أن "أغلب المناصب العليا في العراق تشغلها شخصيات بالوكالة، لذلك ربما يفتح هذا الملف، خصوصا أن معظمهم قريبون جدا من السوداني، وجزء من وسائل الضغط على الأخير هو إعادة فتح هذا الملف في جوانب الهيئات، إما التصويت عليهم أو إعفاؤهم".
وتوقع الدعمي أن "تستمر الضغوط على السوداني كلما اقتربت الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين/ أكتوبر المقبل، لكن تطبيقها ربما صعب إلا إذا ارتبطت بضغوط أخرى أقوى من الكتل السياسية فهنا ممكن أن يحصل التغيير، ولا سيما مع رئيس هيئة الحشد الشعبي".
"صراعات مستمرة"
وفي المقابل، قال المحلل السياسي العراقي، أحمد العلواني، إن "السوداني طالما سعى إلى إجراء تغييرات حكومية، لكنه فشل في إقناع الإطار التنسيقي فيها، لتأتي اليوم مطالبة المشهداني بإحالة مسؤولين بارزين في مؤسسات الدولة إلى التقاعد لتجاوزهم السن القانوني".
وأضاف العلواني لـ"عربي21" أن "هذا المطلب كان يواجه دائما بالرفض من منظمة بدر، بزعامة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، لأنه سيشمل العديد من قياداتهم، ومن بينهم رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض".
وأشار إلى أن "الإطار التنسيقي يرفض أي تغيير في تشكيل الحكومة الحالية، ويعتبر أن هؤلاء القيادات من الصف الأول لهم فضل كبير في تشكيل الحكومة الحالية، وأن لهم تأثيراً قوياً في الجانبين السياسي والأمني في العراق".
اظهار أخبار متعلقة
وأعرب العلواني عن اعتقاده بأن "هذه الأطراف السياسية تعتبر إحالة هذه الشخصيات للتقاعد ستؤدي إلى فقدان الإطار التنسيقي جزءا من قوته وتأثيره في هذه الفترة التي يتعرض فيها لضغوط خارجية كبيرة".
من جهة أخرى، يضيف العلواني، أن "هناك قوى أخرى داخل الإطار التنسيقي مثل تيار الحكمة وحزب الفضيلة وعصائب أهل الحق، ترى أن بقاء هؤلاء الأشخاص في مناصبهم يعرقل تنفيذ القانون".
وتابع: "هذه الأطراف المعترضة، ترى أن بقاء
رؤساء الهيئات هؤلاء سيفتح الباب أمام المزيد من القيادات للمكوث في مواقعها والاستمرار في دورهم على حساب الآخرين، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الصراع داخل الإطار التنسيقي".
وأشار العلواني إلى "وجود أطماع لدى أحزاب الإطار التنسيقي بمختلف مسمياتها للظفر برئاسة هيئة الحشد الشعبي، نظرا لما يقدمه هذا المنصب من مكانة ومكاسب سياسية وانتخابية ومالية وشعبية".
ورأى المحلل السياسي أنه "إذا لم تتم إحالة فالح الفياض ومحافظ البنك المركزي علي العلاق إلى التقاعد، فقد يؤدي ذلك لخلاف كبير يشتد في الأيام القادمة داخل الإطار".
وأردف: "الجهتان اللتان ترفضان هذه الإحالة هما منظمة بدر وائتلاف دولة القانون، لذلك يمكن أن يستمر الصراع إلى الدورة الحكومية الجديدة بعد الانتخابات في تشرين المقبل".