- لا تواصل ولا تفاهمات ولا توافقات بيننا وبين النظام بخصوص العملية الانتخابية
- ما يعنينا هو أن تخلو الانتخابات من التزوير وليس عدد المقاعد التي سنحصدها
- الضغوط التي مورست على بعض مرشحي تحالفنا تبعث على عدم الارتياح
- الحركة الإسلامية واقع يعبر عن وجدان شرائح من المجتمع ولا يمكن اجتثاثها
- ما جرى في مصر ودول أخرى ليس نهاية المطاف.. وإرادة الشعوب ماضية
بعد سنوات من مقاطعة
الانتخابات النيابية في الأردن، احتجاجا على "التزوير الرسمي"، وعلى شكل قانون الانتخاب؛ عادت جماعة الإخوان المسلمين للمشاركة في العملية الانتخابية المزمع إجراؤها في 20 أيلول/ سبتمبر الحالي، من خلال ذراعها السياسية "
حزب جبهة العمل الإسلامي" الذي يخوض الانتخابات بقوائم تحالف وطني مع أطياف سياسية مختلفة.
ورغم تلقي الحركة الإسلامية وبقية الناخبين "ضمانات" رسمية بنزاهة العملية الانتخابية، فإن رئيس اللجنة العليا للانتخابات في جبهة العمل الإسلامي،
زكي بني ارشيد، ما زال ينظر إلى الانتخابات القادمة بعين الشك، بسبب ما قال إنها "تجارب سابقة زُورت فيها الانتخابات من قبل جهات رسمية".
صحيفة "
عربي21" حاورت بني ارشيد الذي شغل مناصب قيادية مختلفة في جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي، كان آخرها تسلمه ملف إدارة المشاركة في الانتخابات النيابية.
فإلى نص الحوار..
* بعد سنوات من المقاطعة؛ لماذا شاركتم في الانتخابات؟
- السبب الأول هو الاستجابة للاستفتاء الذي أجرته الحركة الإسلامية بين قواعدها، والذي أظهر أن نسبة المؤيدين للمشاركة في الانتخابات 80 بالمئة.
والمشاركة جاءت أيضا استجابة لمجموعة من القوى الوطنية التي كانت تطالبنا طوال الفترة الماضية بالعدول عن قرار المقاطعة، وبالانخراط في المشاركة البرلمانية، بسبب ضعف أداء مجلس النواب، ما يعني أننا بحاجة إلى تفعيل الحياة السياسية في الأردن.
والسبب الثالث للمشاركة هو أن هذه الانتخابات تأتي بعد تعديل قانون الانتخاب، إذ إن القانون السابق كان يشكل إحدى العقبات أمام مشاركتنا.
أضف إلى ما سبق؛ أن هنالك جملة من المتغيرات الجذرية جرت في الإقليم، ومنها: ثورات الربيع العربي، والانقلاب على إرادة الشعوب، والثورات المضادة، والانقلابات العسكرية. وهذه المتغيرات رجحت خيار المشاركة على المقاطعة.
* كثيرون يترقبون ما يمكن أن تحصده الحركة من مقاعد في البرلمان.. هل هنالك نسب معينة تتوقعها؟
- هذه الانتخابات تأتي بعد متغيرات ومقاطعة طويلة، ما يعني أنه ليس هنالك حسم أو معايير لأوزان القوى السياسية في الأردن.
إن ما يعنينا هو أن تكون الانتخابات نزيهة ونظيفة وخالية من التزوير، ونحن بالتأكيد نقبل ونرضى بإرادة الشعب ونتائج صناديق الاقتراع، بغض النظر عن عدد المقاعد التي يمكن أن نحصل عليها في البرلمان.
* كيف تقرأ عرقلة الحكومة لبعض فعاليات قوائم التحالف، كممارسة التحريض الإعلامي، ومنع حفل الإشهار، وإبطال ترشح قيادات إسلامية؟
- المؤشر السلبي لهذه الإجراءات؛ أنها تأتي خلافا لتوجهات وسياسات الحكومة والدولة الأردنية، التي أعلنت على لسان أكثر من ناطق باسمها أنها معنية بإنتاج انتخابات يشارك فيها الجميع، وهذه الإجراءات لا تساعد على إعادة الثقة في العملية الانتخابية، ولا تساعد المواطنين على المشاركة، وخصوصا أننا نواجه عزوفا لا يستهان به.
إن التدخلات الرسمية التي حصلت، والضغوط التي مورست على بعض المرشحين؛ تعني أن هنالك ما يبعث على عدم الارتياح.. وبهذا الصدد نرجو من الجهات الرسمية التوقف عن هذا العبث الذي يعيق العملية الانتخابية، ويقدح في نزاهتها.
* إذا ما زادت وتيرة هذا "العبث"؛ ماذا ستكون إجراءاتكم؟
- "
التحالف الوطني للإصلاح" هو كيان سياسي قيد التأسيس، وهو صاحب الصلاحية في هذا الموضوع، والمعني باتخاذ القرار، وسنتشاور مع جميع مكونات هذا التحالف وجميع المرشحين، وهم أصحاب القرار باتخاذ أي توجه جديد في حال زادت التدخلات الرسمية في العملية الانتخابية.
* ماذا بعد النجاح أو الفشل في الانتخابات؟ كيف ستكون رؤيتكم للعملية السياسية؟
- النجاح يساعدنا على إنتاج الحالة الوطنية التي نريد، ويسهل لنا المهمة التي تتمثل في ترسيخ التحالف الوطني، واستكمال بناء مؤسسات هذا التحالف.
وأما الفشل؛ فلن يعيقنا، فنحن ماضون في استكمال هذا البناء. وإذا توفرت النزاهة في الانتخابات؛ فإننا سنكون أكثر من سيتقبل النتائج بروح معنوية عالية، وسنتعاون مع الجميع.. المهم أن تكون الانتخابات نزيهة، وشفافة، وخالية من التزوير.
* هل أجريتم اتصالات مع النظام في الأردن، وكان بينكم وبينه حديث عن صفقة تحدد عدد المقاعد التي يحصل عليها الحزب؟
- لا يوجد أي تواصل بيننا وبين النظام بخصوص العملية الانتخابية، ولا توجد أية تفاهمات أو توافقات، وأحسب أن إرادة الشعب لا تحتاج إلى تحديدها سلفا، وكما قال الملك: "الإصلاح والتغيير يأتيان من خلال صناديق الاقتراع"، ولذلك لا يوجد أي تواصل أو تفاهم حول هذا الموضوع.
* هل باتت العملية الانتخابية بوابة للوصول إلى الحكومة البرلمانية؛ بعدما تعثر تحقيق ذلك من خلال الشارع والحراك الشعبي؟
- لا يمكن التقليل من شأن الحراك في الشارع، وأعتقد أن الربيع العربي حقق إنجازات كبيرة وضخمة وهائلة، حتى على المستوى الأردني، حيث إن هذا الحراك رسّخ ثقافة إرادة الشعب وتمكين الشعب، وساهم في الإصلاحات السياسية التي حصلت في الأردن. وعندما كانت حركة الشعب في الشارع تقدم وتحقق إنجازات في الإصلاح السياسي؛ كان لها الأولوية، واليوم عندما تراجعت هذه الحركة؛ كان لا بد من استكمال هذا المسار من خلال المشاركة في الانتخابات البرلمانية، والحضور في مجلس النواب.
إنني أرجو أن يكون الظرف قد نضج لإنتاج الحكومة البرلمانية، مع أن قانون الانتخابات لا يسمح بتشكيل أغلبية من أي قوة سياسية، وهذا يعني ضرورة التعاون والتحالف مع قوى سياسية تصل إلى البرلمان، أو على مستوى كتل برلمانية، سواء شكلت أم إنها ستتشكل في قادم الأيام بعد الانتخابات.
إن ما يعنينا هو التفاهم على قواسم مشتركة تعبر عن مصالح الدولة الأردنية، ومن ضمنها رد الاعتبار لمجلس النواب باعتباره سلطة ذات صلاحيات في التشريع والرقابة، وأتمنى لهذا المجلس أن يأخذ دوره، ويمارس صلاحياته التي ضعفت إلى حد كبير في البرلمانات السابقة.
* هل تلقيتم ضمانات بنزاهة العملية الانتخابية؟ وما شكل هذه الضمانات؟
- الإجراءات التي تتحدث عنها الهيئة المستقلة للانتخابات يمكن أن تبعث على الارتياح، لكن العملية الانتخابية في الأردن لا يمكن التأكد من ضمانات نزاهتها حتى آخر لحظة، وفي مرات سابقة قيل لنا ولغيرنا إن الدولة ضامنة لنزاهة الانتخابات، وكنا نُفاجأ باختراق النزاهة، وبإجراء تزوير بمستويات متعددة.
لكن؛ أظن أن هذه المرحلة لا تحتمل تجربة تخوض فيها الدولة تزويرا للانتخابات؛ لأنه لا مصلحة للحكومات ولا للجهات الرسمية في ذلك، وخصوصا أن الثقة مهزوزة جدا في العملية الانتخابية من قبل قطاعات واسعة من المواطنين.
* هل باتت جماعة الإخوان المسلمين خارج حسابات النظام الأردني، بعد تحالف هذا الأخير مع دول معادية للجماعة، كمصر والإمارات والسعودية؟
- لا أظن أن ما جرى في مصر وفي دول أخرى هو نهاية المطاف، ولا بد من استكمال المسار الشعبي والإرادة الشعبية. وقد راهن كثيرون على نهاية الإرادة الشعبية، ولا أقول نهاية الحركة الإسلامية الموجودة منذ قديم الزمان.. وعلى الرغم من كل المحاولات لاجتثاثها وإقصائها وتهميشها، فإن الأحداث أثبتت أن الحركة الإسلامية هي واقع يعبر عن وجدان شرائح من المجتمع العربي والإسلامي، ولا يمكن تجاوزها.
وإنني أعتقد أن أفضل طريقة لمصلحة الإقليم والشعوب العربية؛ هي طاولة الحوار والتفاهم لإعادة ترسيم قواعد العلاقة بين الأنظمة وبين الحركات الشعبية، وفي مقدمتها الحركة الإسلامية. وخلافا لذلك؛ فإن الذهاب تجاه المصادمة مع الحركة الإسلامية يعني مصادمة قطاعات من الشعب العربي، واستنزاف القوى، وأعتقد أن برنامج مصادمة القوى الشعبية هو برنامج يخدم مصالح الأعداء والخصوم.
* بعد مشاركة الإخوان المسلمين ممثلة بحزب جبهة العمل في الانتخابات؛ هل سنشهد انفراجا في العلاقة بين الجماعة وبين النظام الأردني؟
- نأمل أن يكون ذلك، وهذا الأمر متعلق بإرادة الجهتين؛ الحركة الإسلامية، والجهات الرسمية. فإذا ما وصلنا إلى حالة من النضج الذي يمكن من خلاله التفاهم والتقارب والتعاون؛ فهذا يعني أننا أمام محطة جديدة؛ نستعيد فيها المحطات التي كان فيها تعاون بين الحركات الشعبية والجهات الرسمية.
وأؤكد هنا أنه عندما جُسّدت الوحدة الوطنية، وكان لمجلس النواب حضور مؤثر؛ كان الأردن كبيرا وقويا وعزيزا ومصانا من الداخل. ونحن الآن بأمسّ الحاجة لهذه المعاني؛ لأننا نعاني من دول الجوار التي ينعدم فيها الأمن والاستقرار، ما ينعكس على أمننا واستقرارنا.
* ما أهم ما يطرحه التحالف الوطني للإصلاح في برنامجه؟
- برنامج التحالف الوطني أعده فريق متخصص، قدم برنامجا وطنيا بامتياز، وكانت العناية والأولوية فيه لقضايا الوطن ومشاكله الكثيرة جدا، وربما تصدر الموضوع الاقتصادي هذه الاهتمامات، بالإضافة إلى الحريات العامة، وهي عنوان مهم وضروري جدا.
وتطرقنا في البرنامج إلى ما يتعلق بعلاقة الأردن بالمحيط الإقليمي والخارجي والدولي، وأولوية القضية الفلسطينية، والعلاقة مع الكيان الصهيوني الذي أكدنا أن الصراع معه مستمر ووجودي.
* إذا ما وصلتم إلى مجلس النواب بعدد كافٍ، هل ستطالبون بإلغاء معاهدة وادي عربة؟
- من الواضح أننا لا نوافق على معاهدة وادي عربة منذ البداية، ولا نقر بأي تعاون مع الكيان الصهيوني على أي مستوى من المستويات الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية.. هذه هي الرؤية التي تحكم مسارنا وبوصلتنا. أما إمكانية أن يتم تطبيق هذه الرؤية أو تلك؛ فهذا شأن آخر يحتاج لحوار وتقدير للموقف بشكل رسمي ودقيق.
* هل وضعت جماعة الإخوان ثقلها في حزب جبهة العمل الإسلامي بعد إغلاق مقراتها؟
- حتى اللحظة؛ ما زال الحزب هو المعبّر عن المشروع السياسي للجماعة، ولم يتم إدماج الجماعة وكوادرها في الحزب، فالجماعة لها عنوانها الخاص، ومؤسساتها الخاصة، وهي المعنية في إدارة شؤونها، وليس الحزب.