فجرت الحكومة
المصرية برئاسة شريف إسماعيل مفاجأة من العيار الثقيل، الاثنين، وأقامت عبر هيئة قضايا الدولة (ممثلها القانوني) دعوى أمام
المحكمة الدستورية العليا تطالب بوقف حكم
القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، واستمرار جزيرتي
تيران وصنافير تحت السيادة المصرية.
وذكرت الدعوى أن الحكم خالف نصوص الدستور والقانون، باعتبار أن الاتفاقية عمل من أعمال السيادة، وليست من اختصاص القضاء، متضمنة مستندات تثبت أن الجزيرتين سعوديتان، وأن الحكومة المصرية وافقت على إعادتها للسعودية سنة 1990، لكنها أرجأت تنفيذه بالاتفاق مع السعودية لحين استقرار الأوضاع في المنطقة.
وبجانب قيام هيئة قضايا الدولة بتقديم منازعة تنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا، فقد حركت إشكالا أمام القضاء الإداري، مؤكدة، في بيان أصدرته الاثنين، أنه بمقتضى المنازعة والإشكال يتم وقف تنفيذ حكم القضاء الإداري، لحين الفصل في المنازعة بحكم المحكمة الدستورية.
وشددت الهيئة في طلب منازعة التنفيذ الذى أقامته أمام المحكمة الدستورية على خطأ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في عدم التزامه بأحكام المحكمة الدستورية العليا بما يعيق سريان الأحكام.
وأضافت أنها أقامت بمناسبة الحكم إشكالا أيضا في تنفيذ ذلك القضاء أمام محكمة القضاء الإداري، للقضاء باستمرار الأثر الواقف لهذا الإشكال، لحين صدور حكم الدستورية في تلك المنازعة.
ووصفت الهيئة حكم محكمة القضاء الإداري، الصادر في 21 حزيران/ يونيو 2016، بأنه يتناقض مع أحكام سابقة صدرت من المحكمة الدستورية العليا، تعتبر المعاهدات الدولية من أعمال السيادة التي لا يجوز للقضاء مراقبتها، ولا يجوز الطعن عليها أمام المحاكم العادية، ومجلس الدولة، وفق البيان.
وأوضحت أن المحكمة الدستورية العليا سبق أن أصدرت أحكاما عدة بعدم قبول الطعون على عدد من المعاهدات والقرارات الخاصة بالعلاقات الخارجية والاستفتاء والانتخابات، باعتبارها من أعمال السيادة التي لا تراقبها المحاكم.
غضب شعبي وجهد حكومي
إلى ذلك، اعتبر مراقبون التحرك الحكومي الجديد مفاجأة صادمة للرأي العام.
وقالوا إنه بذلك يكون أمام الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري استشكالان متعاكسان؛ أحدهما مقام من الحكومة لوقف الحكم، والثاني مقام من المحامي، خالد علي، لإلزام الحكومة بتنفيذه.
وأشاروا إلى أن هذا يجري بالتوازي مع استمرار نظر طعن الحكومة على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، وهو الطعن المعلق لحين الفصل في طلب رد الدائرة التي تنظره بجلسة 27 آب/ أغسطس الجاري.
ومن جهته، أعرب المحامي الحقوقي، خالد علي، أحد مختصمي الحكومة بشأن الاتفاقية، عن غضبه من هذا التطور، مؤكدا، في صفحته عبر "فيسبوك"، أنه "منذ صدور حكم تيران والدولة تسعى جاهدة لوقف تنفيذ هذا الحكم أو إلغائه، وفي سبيل ذلك سلكت كل الطرق، المشروعة وغير المشروعة"، على حد قوله.
جديد الموقف القضائي
وكان وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي، صرح بأن المستندات التي تملكها الدولة في شأن اتفاقية تيران وصنافير لم تكن أمام القاضي في حكم البطلان (حكم محكمة القضاء الإداري).
ويذكر أن تنازل نظام السيسي عن الجزيرتين للسعودية تسبب في موجة غضب عارمة في الشارع المصري، التي اعتبرت ذلك تفريطا في مقدرات الشعب المصري وثرواته، مؤكدة تبعية الجزيرتين الاستراتيجيتين المتحكمتين في مدخل خليج العقبة لمصر، وأن السيسي يبيع الجزيرتين مقابل الحصول على استثمارات سعودية.
وكانت محكمة القضاء الإداري، وهي الجهة القضائية المختصة بالفصل في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها، قضت في حزيران/ يونيو الماضي، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وتبعية الجزيرتين لمصر.
لكن هيئة قضايا الدولة، التي تمثل السلطتين التنفيذية والتشريعية، تقدمت بطعن في قرار القضاء الإداري بإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود، وطالبت بتحديد جلسة عاجلة لنظره.
وكان رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل وولي ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان وقعا اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، في نيسان/ أبريل الماضي بالقاهرة.
لكن عددا من المحامين قاموا برفع قضية أمام القضاء الإداري؛ لوقف تنفيذ الاتفاقية.
وألقت قوات الأمن المصرية القبض على الناشط والمحامي الحقوقي مالك عدلي، تنفيذا لقرار النيابة العامة بضبطه، للتحقيق معه على خلفية التحريض على التظاهر فيما سمي "جمعة الأرض" في 25 نيسان/ أبريل الماضي.
وكانت الدائرة السابعة فحص بالمحكمة الإدارية العليا قررت حجز طلب رد الدائرة الأولى التي نظرت طعن الحكومة على حكم "تيران وصنافير"، للحكم بجلسة 27 آب/ أغسطس الجاري.
ولكن بعد التحرك الحكومي الجديد، من المقرر أن يتم إخطار خصوم الدولة، وهم أصحاب الدعوى الأصلية لبطلان الاتفاقية، ثم تخصيص فترة 45 يوما لتقديم المستندات الداعمة لموقف الحكومة، ثم موقف المدعين الأصليين، أمام هيئة مفوضي المحكمة الدستورية.
وتبدأ هيئة المفوضين بعد ذلك في عقد جلسات متتالية لنظر الدعوى، ثم حجزها لكتابة توصيتها، ثم رفعها إلى المحكمة الدستورية؛ لإصدار حكمها فيها.