تعكف دولة
الإمارات العربية المتحدة على توظيف فريق دولي من خبراء الكمبيوتر؛ لتطوير
نظام رقابة شامل يغطي إمارتي أبو ظبي ودبي، بحسب ما كشفت صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية.
وكشف الخبير الأمني الإيطالي سيموني
مارغاريتيللي عن تفاصيل المشروع، بعد أن زار مؤخرا دبي لإجراء مقابلة توظيف اتضح -حسب وصفه- أنها للعمل في نظام رقابة "مشبوه للغاية"، على حد وصفه.
وذكرت الصحيفة في التقرير -الذي ترجمته "
عربي21"- أن مارغاريتيللي، الذي يقيم في روما، يعد باحثا أمنيا متنقلا ضمن فريق البحث والتطوير التابع لشركة الأمن المتنقلة زيمبيريام، التي تتخذ من مدينة سان فرانسيسكو مقرا لها.
وبينت الصحيفة أن دولة الإمارات العربية المتحدة رغبت في توظيفه في مشروعها؛ نظرا لخبرته في العمل في "باتركاب"، وهو برنامج يستخدم في التنصت على الاتصالات التي تجرى عبر الإنترنت.
"وسائل المراقبة على نطاق واسع"
وأوضحت أنه "جرى الاتصال بمارغيتيللي بادئ ذي بدء، في الثالث من يوليو، من قبل موظف إيطالي يعمل في شركة أمنية اسمها فيرينت سيستيمز تتخذ من نيويورك مقرا رئيسيا لها، ويتواجد نصف موظفيها البالغ تعدادهم 2800 شخص في إسرائيل".
ولقد أبلغ الخبير الإيطالي بأن دولة الإمارات العربية المتحدة بصدد إنشاء "وحدة بحث وتطوير ستشكل فرعهم الأكثر تطورا في مجال أمن الإنترنت، والذي ستستفيد منه حصريا أجهزة الأمن الوطني في دولة الإمارات العربية المتحدة".
وقال مارغاريتيللي إنه قيل له بأن "المعلم الكبير" الذي يقف من وراء المشروع هو فيصل البناي، رجل الأعمال الإماراتي الذي يحتل موقع الرئيس التنفيذي لشركة دارك ماتر الإماراتية التي تعمل في مجال الأمن.
وأشارت الصحيفة إلى أن شركة دارك ماتر تصف نفسها بأنها "شريك موثوق به" لحكومة الإمارات العربية المتحدة. وتذكر الشركة في موقعها على الإنترنت أنها "الشركة الوحيدة في المنطقة، وواحدة من الشركات النخبوية القليلة على المستوى العالمي التي لديها القدرة على توفير طيف واسع من احتياجات الأمن المعلوماتي عبر الإنترنت".
وأوضح مارغاريتيللي أنه تلقى عرضا براتب شهري معفي من الضريبة، قدره خمسة عشر ألف دولار، إضافة إلى شقة سكنية ومكافآت إضافية فيما لو وافق على الانضمام إلى الشركة، وأضاف أن العرض ما لبث أن ارتفع إلى عشرين آلف دولار شهريا بعد رفضه له عند الوهلة الأولى.
وقال: "من المحتمل أنهم كانوا سيزيدون المبلغ تارة أخرى".
أجهزة تنصت في كل أنحاء البلاد
وأكد مارغاريتيللي أن نظام الرقابة المسمى فالكون آي (عين الصقر)، الذي أعلنت عنه مؤخرا السلطات في إمارة أبو ظبي، يعني أن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها "أجهزة تنصت منتشرة في كافة أنحاء البلاد".
وكان الشخص الإيطالي من شركة فيرينت سيستيم الذي تواصل مع مارغاريتيللي أخبره بأن شبكة أجهزة التنصت تعني أن السلطات الإماراتية سوف تتمكن حينما يتوفر لها برنامج الكمبيوتر المناسب من التجسس على كافة الاتصالات التي تصدر عن أي شخص يتواجد في أبو ظبي أو في دبي.
وقد ورد في رسالة إيميل تلقاها مارغاريتيللي واطلع عليها موقع ميدل إيست آي النص التالي: "لقد قمنا بتركيب جميع أجهزة التنصت التابعة لنا في مختلف أرجاء المدينة، وكل ما نحتاجه هو أن نضغط على الزر ثم بوم! كل الأجهزة معدة وقابلة للتقصي".
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى ما أوردته صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها مؤخرا خبرا مفاده أن دولة الإمارات العربية المتحدة اشترت عددا من أجهزة التنصت من عدد من الشركات، بما في ذلك المؤسسة الإيطالية المسماة "هاكينغ تيم". إلا أن مارغاريتيللي أوضح أن الفكرة من عرض العمل الذي تلقاه هو أن الحكومة الإماراتية تسعى الآن إلى تطوير نظام خاص بها، ولا ترغب في الاقتصار على شراء المنتجات فقط.
وقال مارغاريتيللي إن الشركات المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة وافقت على التعاون مع خطط الحكومة للتنصت، وإن الأجهزة المختصة بذلك يجري الآن تركيبها في "كل الأماكن"، بما في ذلك مجمعات التسوق والمطارات في كل من أبو ظبي ودبي.
وأوضح مارغاريتيللي أن كل ما يحتاجون إليه الآن لتشغيل نظام التنصت الهائل هذا هو الحصول على برنامج كمبيوتر مصمم لهذه المهمة.
وبين أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت تسعى إلى توظيف المهارات الشابة في مجال أمن نظم المعلومات؛ من خلال إغداق المكافآت المالية الكبيرة عليها، وتقديم المحفزات المختلفة، وتوفير الشقق السكنية، وكذلك من خلال إعطاء الانطباع بتوفر بيئة عمل تتميز بأعلى درجات المهنية والنشاط الفكري".
وأضاف أنه كلما أثيرت تساؤلات من قبل العاملين في المشروع يبدأ المسؤولون بالتحدث لهم عن "الضرورات التي تبيح المحظورات حينما يتعلق الأمر بمتطلبات الأمن القومي".
الدور الإسرائيلي في المشروع
وتؤكد الصحيفة إلى أنه تأتي هذه الأخبار حول التحركات الأخيرة التي تقوم بها دولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير قدراتها التجسسية، والتي تعدّ غاية في التقدم وغاية في التعقيد، بعدما كشفه موقع ميدل إيست آي في العام الماضي من أن الشركة المكلفة بتركيب نظام فالكون آي (عين الصقر) تعود ملكيتها إلى رجل الأعمال الإسرائيلي ماتي كوتشافي.
وبينت أن الدور الإسرائيلي في تطوير نظام الرقابة التابع لدولة الإمارات العربية المتحدة يعدّ جزءا من العلاقة المتنامية بين البلدين، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بينهما.
وكانت قناة التلفزيون الثانية في إسرائيل قالت في شهر كانون الثاني/ يناير إن وزارة الخارجية الإسرائيلية تبدي اهتماما بفتح مكتب لها في أبو ظبي. وجاء ذلك بعد الإعلان في كانون الأول/ ديسمبر بأن إسرائيل بصدد فتح مكتب علني في دولة الإمارات العربية المتحدة داخل مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة الذي يوجد في مدينة أبو ظبي.
وقال الناطق باسم المجموعة الحقوقية المعروفة باسم "برايفاسي إنترناشينال" إن خطط الرقابة الإماراتية "مرعبة تماما".
يقول مسؤول قسم الأبحاث إدين أومانوفيتش: "مثل هذه البنية التحتية من أجهزة التنصت إنما صممت بهدف فرض الرقابة الصارمة على كل شخص، وعلى كل جهاز في البلاد، بغض النظر عن وجود أي شكوك. وحقيقة أن شركات دولية مختصة في الرقابة والتنصت يجري التعاقد معها لتنفيذ المشروع إنما يسلط الضوء على دور هذا القطاع في توفير وسائل الرقابة والتنصت، ويؤكد على الحاجة إلى المزيد من الشفافية، وعلى الضرورة الملحة لمحاسبة من يقومون بذلك".
ويضيف أومانوفيتش أن سجل دولة الإمارات العربية المتحدة السيئ -كما يزعم البعض- في مجال حقوق الإنسان ينبغي أن يثير القلق بشأن خطط الإماراتيين لفرض الرقابة على نطاق واسع داخل الدولة. هذا مع العلم أن دولة الإمارات العربية المتحدة متهمة بسجن وتعذيب المعارضين السلميين للدولة، وهي ادعاءات طالما نفتها السلطات الإماراتية.
لم تستجب أي من الشركات التي ورد ذكرها في هذا التقرير، ولا حتى حكومة الإمارات العربية المتحدة، للطلبات المتكررة التي تقدمنا بها إليهم ليعلقوا على ما ورد فيه.