تسود بالجزائر موجة سخط عمالية عالية بعد ترسيم مجلس الوزراء المنعقد، الاثنين، قرار الحكومة
إلغاء التقاعد النسبي والتقاعد دون شرط السن، الذي كان معمولا به منذ مطلع التسعينيات، بينما أحدث القرار زلزالا عماليا وسياسيا كبيرا، وتشير توقعات المراقبين إلى أن الموسم الاجتماعي المرتقب بداية من شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، سيكون ساخنا مثلما تتوعد
النقابات العمالية.
وبموجب القانون العمالي الجديد، لا يمكن لأي عامل جزائري أن يودع ملف التقاعد إلا وقضى 32 سنة خدمة، أو تجاوز سنه 60 عاما، خلافا لما كان ينص عليه القانون، الذي وفر للعمال إمكانية الإحالة على "التقاعد النسبي" أي دون شرط اكتمال 32 سنة عمل، أو عمرا دون 60 سنة.
وأقدمت الحكومة
الجزائرية على إلغاء التقاعد النسبي تحت وطأ الأزمة النفطية وتراجع مداخيل الخزينة العمومية، لكن، وإن تقبَّل الجزائريون إجراءات حكومية اتخذت في إطار خطة التقشف، إلا أن قرار إلغاء التقاعد النسبي الذي صادق عليه مجلس الوزراء برئاسة الرئيس بوتفليقة أحدث موجة غضب عارمة وسط عمال مختلف القطاعات.
وأعلنت النقابات بالجزائر رفضها هذا التدبير الحكومي، معتبرة التقاعد النسبي "مكسبا هاما للعمال منذ مطلع التسعينيات"، كما توعدت النقابات، التي تكتلت بفضاء موحد ضم 13 تنظيما، الحكومة بشن حركات
احتجاجية بداية من الدخول الاجتماعي المرتقب بداية شهر أيلول/ سبتمبر.
ويدخل الإجراء الحكومي المتخذ من طرف حكومة عبد المالك سلال بالجزائر، حيز التنفيذ بداية من شهر كانون الثاني/ يناير، لكن صناديق التقاعد بالبلاد ترفض من الآن استلام ملفات التقاعد بالنسبة للعمال الراغبين بالإحالة على المعاش بسن مبكرة عن السن المحددة بالقانون الجديد (60 عاما)، رغم أن وزير العمال الجزائري نفى أن تكون صناديق التقاعد ترفض استلام ملفات المعنيين بالتقاعد النسبي.
ويرتبط تطبيق القرار بصفة رسمية وفعلية بقانون جديد للعمل بالجزائر، وهو ما شرعت به الحكومة، بما يلغي قانون التقاعد النسبي الذي كان يشكل حلا أنسب للآلاف من الجزائريين، خاصة العمال الذين يمتهنون أشغالا شاقة، علاوة عن بعض المهن المرهقة، كالتعليم، حيث يضطر الكثير من المدرسين إلى إيداع ملفات التقاعد المسبق بسبب أمراض معينة تتسبب بها مهنتهم.
ويرى نقابيون بالجزائر، أن الحكومة فتحت جبهة عداء جديدة مع الطبقة الشغيلة، وسوف يظهر ذلك جليا مع الدخول الاجتماعي المقبل، ويقول علي حداجي، النقابي بقطاع الصحة إن "عددا لا بأس به من النقابات تحضر لأرضية عمل مشتركة من أجل الوقوف ضد هذا القرار الجائر".
ويضيف حداجي في تصريح لـ"
عربي21"، الخميس: "لا يمكن أن تطبق على العمال إجراءات لتعويض خسائر صناديق التقاعد التي تقول الحكومة إنها أفلست لتتخذ مثل هذه القرارات دون إشراك النقابات بالاستشارة".
ويرى سياسيون بالجزائر أن التوقيت الذي أعلنت خلاله الحكومة إلغاء التقاعد المسبق "غير مناسب تماما" حتى بالنسبة لمصلحة السلطة، التي تنتظرها مواعيد انتخابية هامة العام المقبل 2017 أهمها الانتخابات النيابية والبلدية، ثم بدء التحضير لانتخابات الرئاسة المقررة العام 2019.
ويرى موسى بلمنور، المحلل السياسي بالجزائر، في تصريح لـ "
عربي21"، الخميس، أنه "لا يمكن لأحزاب الموالاة بالجزائر أن تقنع العمال هذه المرة بجدوى قرار إلغاء التقاعد النسبي، كما تمكنت من إقناعهم بوقت سابق بجدوى قرارات تم تطبيقها رغم أنها ليست في صالحهم، وساهمت قرارات رفع الأجور بغض الطرف عنها لاحقا".