نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للكاتبين نانسي يوسف وشين هاريس، قالا فيه إنه من المتوقع صدور أمر تنفيذي عن البيت الأبيض الأسبوع القادم، لأول مرة، يدعو الولايات المتحدة للكشف سنويا عن عدد المدنيين، الذين تعتقد أنها قتلتهم خلال غاراتها ضد الإرهابيين في أنحاء العالم، بحسب معلومات وصلت للموقع.
وجاء في التقرير أن الإدارة الأمريكية ستعلن بأن عدد قتلى
الغارات من المدنيين، ومنذ 20 كانون الثاني/ يناير 2009، وصل إلى 100 مدني في بلدان، بينها اليمن وباكستان وليبيا والصومال، بحسب أحد مسؤولي الدفاع، مشيرا إلى أنه رقم يتوقع أن تنظر إليه جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان على أنه متدن، لكن التقديرات المستقلة لهذا الرقم تقول بأنه أقرب لـ 1000.
ويرى الموقع أن الهدف من الأمر التنفيذي هو إلقاء الضوء على الجهود التي تبذلها أمريكا للتقليل من
الضحايا المدنيين، وسط ادعاءات بأن ألفا أو أكثر من الأبرياء سقطوا في الغارات، مستدركا بأن الادعاء بأن 100 مدني فقط سقطوا جراء آلاف الغارات الجوية الأمريكية، قد يشعل الجدل مرة أخرى حول ما إذا كانت أمريكا تعلم حقا من تقتل خلال حربها الجوية السرية.
ويشير الكاتبان إلى أن وزارة الدفاع تحتفظ بإحصائيات لأعداد القتلى على الأرض، أو في الغارات الجوية في مناطق الحروب، مثل العراق وسوريا وأفغانستان، لافتين إلى أن هذا الأمر التنفيذي سيغطي حروب الظل، وهي الحروب شبه الرسمية في مناطق مثل باكستان، حيث قامت أمريكا بأكثر من 300 غارة في باكستان وحدها خلال عهد
أوباما.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن الأمر التنفيذي سيدعو إلى نشر الأرقام حول أي غارة بالطائرات دون طيار الأمريكية في تلك المناطق، كما أوضح مسؤولان أمريكيان للموقع، مشيرا إلى أن الإدارة ترى أن برنامج
الطائرات دون طيار شكل دقيق وفعال، وهو من أشكال الحرب التي تستهدف الإرهابيين، وتقلل من فرص تورط الولايات المتحدة في مستنقع الحرب ضد المتطرفين.
ويستدرك الموقع بأن كثيرا من المعارضين يقولون إن أمريكا لا تعلم من تقتل، لافتا إلى أن ما هو أسوأ هو أنها تراوغ في تحديد من تستهدف، لدرجة أن بعض المسؤولين العسكريين يخشون أن يكون برنامج الطائرات دون طيار أدى بالبعض للانضمام للمتطرفين.
ويذكر الكاتبان أن قيادات الإرهاب في أنحاء العالم كله اعترفت بأن الطائرات دون طيار سبب لانضمام أفراد جدد لهم، مشيرين إلى أن الكشف عن هذا الأمر والأرقام الرسمية سيؤديان في الغالب إلى المزيد من الجدل على المدى القصير.
ويورد الموقع أن أشهر الضحايا المدنيين لتلك الغارات في الغرب هما الأمريكي وارين وينستين، والإيطالي جيوفاني لي بورتو، اللذان كانا محتجزين لدى حركة طالبان في باكستان، حيث قتلا في شهر كانون الثاني/ يناير، في استهداف لنائب قائد تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، مستدركا بأنهما ليسا المدنيين الوحيدين اللذين يقتلان في الغارات الأمريكية، حيث تقدر الجمعيات المدنية عدد الضحايا بالمئات، وأحيانا بالآلاف، وتقول بأن أمريكا لم تكن صادقة حول ضحايا الغارات، فمثلا تقدر جمعية "ربريف"، وهي جمعية حقوقية متخصصة في دراسة حرب الطائرات دون طيار، بأن عدد ضحايا الغارات حوالي 4700 شخص.
ويكشف التقرير عن أن تقرير عام 2013 لشركة "ماكلاتشي" أظهر أنه بالرغم من ادعاء أمريكا بأن غارات الطائرات دون طيار تقتل القيادات العليا في تنظيم القاعدة، إلا أن الوثائق السرية تظهر بأن الغارات قتلت أيضا مئات من المتطرفين من الرتب الدنيا، منوها إلى أنه إذا تم نشر هذه الأرقام بشكل روتيني، فإن ذلك سيسهل قيام أمريكا بدفع التعويضات للقتلى المدنيين، الذين يسقطون في الغارات في أماكن مثل اليمن، حيث دفعت أمريكا تعويضات أحيانا عن طريق وكلاء.
ويقول الكاتبان إن الرئيس قد يفرض قواعد جديدة لغارات الطائرات دون طيار، بما في ذلك تقديم المزيد من التعويضات المالية لعائلات الضحايا المدنيين، ومطالبة الدول المتحالفة مع أمريكا باتباع القواعد ذاتها، بحسب مصدر مطلع على الحوار.
وينقل الموقع عن المصدر قوله إنه يتوقع أن تصدر الإدارة نسخة أكثر اكتمالا للتوجيهات الرئاسية التي تحكم غارات الطائرات دون طيار، ما يعني أن المزيد من التفاصيل ستعرف عن تلك السياسات، أكثر مما هو متوفر الآن، لافتا إلى أن الرئيس أوباما أوضح عام 2013 أن المسؤولين الأمريكيين يصرون على عدم القيام بغارات ما لم يكن هناك "علم شبه أكيد بأنه لن يقتل أو يجرح مدنيون"، حيث يصف أوباما هذه الحرب بأنها حرب ناجحة على تنظيم القاعدة، وكان آخر مرة قالها يوم الثلاثاء الماضي، بعد اجتماع لمكافحة الإرهاب في وزارة المالية.
وبحسب التقرير، فإنه عندما تنشر أمريكا إحصائيات عن العراق وسوريا، فإنها تتضارب في العادة مع تقديرات من هم على الأرض، مشيرا إلى أنه بحسب منظمة "إيروورز"، التي تراقب الغارات في سوريا والعراق، فإن عدد الضحايا المدنيين لغارات التحالف منذ بدء الحرب ضد
تنظيم الدولة، وصل إلى 1323 شخصا، لكن بالمقارنة، وبحسب أرقام القيادة المركزية، فإن عدد الضحايا المدنيين منذ نيسان/ أبريل 2016 هو 21 قتيلا و17 جريحا.
وينوه الكاتبان إلى أن أول إشارة بخصوص الأمر التنفيذي للإدارة كانت عندما أعلنت مستشارة الرئيس لمكافحة الإرهاب ليزا موناكو عن القرار، في خطاب أمام مجلس العلاقات الخارجية في آذار/ مارس، وأوضحت بأن القرار نابع من التزام الرئيس بالشفافية، مستدركين بأن القرار أصبح موضوع نقاش قانوني، ما أخر الإعلان عنه، بحسب ما قاله مسؤول أمريكي.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن المسؤولين في البيت الأبيض رفضوا مناقشة تفاصيل الأمر، وقالوا إن أي قرار هو محاولة لزيادة الشفافية حول جهود أمريكا للتقليل من الضحايا المدنيين.