أودعت محكمة سيدي امحمد، وسط العاصمة،
الجزائر، أربعة متورطين بتسريب
امتحانات الثانوية العامة (البكالوريا) السجن، من ضمن عدد كبير من المشتبه بهم، الذين مثلوا الخميس أمام وكيل الجمهورية بذات المحكمة.
وإعتقلت مصالح الدرك والشرطة بالجزائر، على مدار الأيام الماضية، عددا من المشتبه بهم بتسريب امتحانات شهادة البكالوريا، التي جرت بين 29 أيار/ مايو و3 حزيران/ يونيو الجاري.
وأحدثت فضائح تسريب امتحانات الثانوية العامة، زلزالا سياسيا بالجزائر، واتخذت المعارضة السياسية من هذه الفضائح غير المسبوقة بالبلاد، مادة دسمة لإقامة الحجة على ما تسميه "فشل السلطة بحماية الأمن القومي".
وشرعت أجهزة الأمن فور الانتهاء من امتحانات البكالوريا، بتحقيقات معمقة بشأن مصادر تسريب الامتحانات، في حين أظهرت أولى النتائج أن مدرسين ورؤساء مراكز امتحانات وموظفين بديوان المسابقات والامتحانات، متورطون بالفضائح.
ودعمت تحقيقات الدرك الوطني بالجزائر بخبراء مختصين بالجرائم الإلكترونية، علما أن المصالح المختصة أحصت تسريب الامتحانات، عبر أكثر من 200 صفحة على موقعي التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيسبوك".
وتم، الخميس، التحقيق مع عدد من المشتبه بعلاقتهم بفضائح البكالوريا، من بينهم مسؤول رفيع المستوى بديوان الامتحانات و المسابقات المشرف على امتحان شهادة البكالوريا.
وكانت وزارة التعليم بالجزائر، رفعت دعاوى قضائية، عقب فضائح التسريب التي دوت البلاد، ودفعت بالوزير الأول عبد المالك سلال إلى إعلان إعادة امتحانات البكالوريا بالتخصصات التي عرفت تسريبا لأسئلتها، وعددها سبعة تخصصات أهمها تتعلق بمواد علمية.
"كبش فداء"
ورفض قطاع واسع من المترشحين إعادة امتحانات شهادة البكالوريا بالتخصصات التي طالها الغش، وأجمع مترشحون بأحاديثهم مع صحيفة "عربي21"، الجمعة، بالقول: "لا نريد أن نكون كبش فداء لصراعات سياسية لا ناقة لنا فيها ولا جمل".
وعبّر أولياء المترشحين عن توجسهم من إعادة أبنائهم لامتحانات البكالوريا بعد صدمة نفسية شديدة، تلقاها المترشحون الذين لم يلجؤوا للغش، في حين تبدأ امتحانات البكالوريا المعادة بالجزائر يوم 19 حزيران/ يونيو الجاري، ويشارك بها زهاء 400 ألف مترشح.
ويتحدث أئمة المساجد وعلماء الاجتماع و النفس بالجزائر، عن أزمة أخلاقية في المجتمع ولدت احتقانا، تجلى بظواهر شتى أهما الغش في الامتحانات.
وأفاد علي عية، إمام المسجد الكبير، بالعاصمة الجزائر أن "المجتمع الجزائري صار رهينة الغش"، وتابع بتصريح لصحيفة "عربي21"، الجمعة أن "الدين الإسلامي حرم الغش حتى مع الكفار والمشركين، وهذا في كل الميادين، سواء الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي".
وانتقد عية " تراجع دور الأئمة والمساجد، في النهي عن الغش"، مضيفا أن "المجتمع المدني لم يعد إيجابيا في المجتمع الجزائري".
وشدد عضو المكتب الوطني لاتحاد عمال التربية والتكوين بالجزائر، مسعود عمراوي بأن "سياسة اللاعقاب المنتهجة من طرف السلطات العليا، هي المحرك الأول لاستفحال ظاهرة الغش، ليس في قِطاع التربية فحسب، وإنما حتى في باقي القطاعات".
وطالب نواب بالبرلمان الجزائري الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بإقالة وزيرة التعليم، نورية بن غبريط، موضحين في بيان، أن "ضرب مصداقية البكالوريا، دق آخر مسمار في نعش المنظومة التربوية من خلال تسريب غير مسبوق لمواضيع هذا الامتحان المهم والمصيري، الذي مس جميع شعب البكالوريا دون استثناء، وصار الامتحان متداولا بين التلاميذ في كل الأوقات كالواجبات المنزلية، مما شكل صدمة حقيقية للتلاميذ وأوليائهم يصعب محو آثارها".
ودعا النواب، الوزيرة إلى "التحلي بالشجاعة الواجبة بإعلان استقالتها برفقة كل من له صلة بتنظيم وتسيير هذا الامتحان، ونطالب رئيس الجمهورية بإقالتها إن لم تفعل ذلك طواعية".