صحافة دولية

كيف يستخدم السوريون الدراجات الهوائية لتوليد الكهرباء؟

فايننشال تايمز: السوريون أعطوا معنى جديدا لمصطلح "الطاقة البديلة" - أرشيفية
فايننشال تايمز: السوريون أعطوا معنى جديدا لمصطلح "الطاقة البديلة" - أرشيفية
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للكاتبتين نوعام ريدان وإريكا سولومون، حول ندرة الكهرباء في سوريا، والوسائل المختلفة التي يلجأ إليها السوريون لتوليد ما يحتاجونه من كهرباء.

وجاء في التقرير أن "رامي السيد يستخدم دراجته الهوائية لساعتين يوميا، لكن ليس لممارسة الرياضة، بل ليشحن بطارية جهاز الحاسوب المحمول الخاص به".

وتشير الصحيفة إلى أن السوريين، وبعد نجاتهم من الغارات الجوية ومعارك الشوارع والحصارات التي لا تنتهي، أعطوا معنى جديدا لمصطلح "الطاقة البديلة"، وأصبح الكثير منهم يعرف كيف يتدبر أموره بقليل من الطاقة يوميا.

وتقول الكاتبتان إن "الناس في المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق، حيث يعيش مئات آلاف السوريين تحت حصار عمره أربع سنوات، دون كهرباء تقريبا، اضطروا لاستخدام وسائل مختلفة لإنتاج الطاقة، حيث أصبحت سوريا التي تمزقها الحرب مليئة باللوحات الشمسية، وإنتاج الوقود من الأكياس البلاستيكية، وحتى أن البطاريات تشحن عن طريق الدراجات".

ويلفت التقرير إلى أن السيد وجيرانه بدؤوا بإنتاج الكهرباء عن طريق الدراجات الهوائية قبل ثلاث سنوات، مستدركا بأن السيد يقول إنه لحسن الحظ بدأت تنتشر طرقا أقل إرهاقا.

وتنقل الصحيفة عن السيد قوله إن الأمر كان أصعب عندما منعت القوات السورية المؤسسات الخيرية من إدخال الطعام إلى مخيم اليرموك، حيث كان يسكن لعدة أشهر هناك، ويضيف: "كان صعبا علي تحريك بدالات الدراجة عندما أكون جائعا"، ويستدرك قائلا إن ندرة الكهرباء تسببت بوجود روح مجتمعية، ويذكر أنه خلال شهر رمضان العام الماضي كان الجيران يتعاونون على توليد الكهرباء لمشاهدة المسلسل الرمضاني، ويقول السيد: "كان الناس يجتمعون لمشاهدة التلفزيون، ويضعون دراجة هوائية يديرونها بالدور". 

وتنوه الكاتبتان إلى أن الحرب السورية، التي دامت خمس سنوات، بدأت بثورة سلمية ضد حكم رئيس النظام السوري بشار الأسد، لكنها تحولت إلى صراع تسبب بمقتل أكثر من 300 ألف شخص، وأجبرت نصف الشعب على النزوح من بيوتهم، مشيرتين إلى أنه مع عدم رؤية نهاية قريبة للمأساة، فإن السوريين يسعون باستمرار لتطوير وسائل تجعل حياتهم أفضل.

ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن عددا من المتاجر في جنوب سوريا تقوم ببيع لوحات توليد كهرباء شمسية، ثمنها يترواح بين 20 دولارت و200 دولار، بحسب حجمها ونوعيتها.

وتورد الصحيفة نقلا عن الناشط الإعلامي في بلدة كودنا عمر الجولاني، قوله إن معظم السوريين لا يملكون ثمن تلك الألواح، لكنهم يجدون طريقة لتجميع مبلغ كاف لشرائها، خاصة مع اقتراب حرارة الصيف، ويضيف: "يقوم الفقراء بالاستدانة، أو بيع ما يحصلون عليه من حصص طعام (من لجان الإغاثة) لشراء اللوحات".

وتذكر الكاتبتان أن الكهرباء لا تزال متوفرة في معظم المناطق السورية؛ لأن قوات الأسد لا تقطع الكهرباء عن المناطق التي يسيطر عليها الثوار، أو حتى التي يسيطر عليها تنظيم الدولة؛ خوفا من أن يقوموا بقطع الكهرباء عن مناطق السلطة، مستدركتين بأن الدمار للبنية التحتية خارج دمشق كبير، لدرجة أنه حتى مع هذه الاتفاقيات الهشة ليس هناك كهرباء إلا لعدة ساعات في اليوم.

وبحسب التقرير، فإن مدير المستشفى في إدلب الدكتور أحمد الدبيس يأمل بأن يحصل على دعم لشراء 250 لوحة توليد كهرباء بالطاقة الشمسية لمستشفاه، مستدركا بأن الناس المتعبين من الحرب في الشمال، حيث جرت أشد جولات القتال، يخشون بأن تشكل اللوحات مخاطرة ثمينة، ويقول الدبيس: "يخشى الناس من أن تستهدف الغارات الجوية اللوحات وتدمرها".

وتورد الصحيفة أن بعض السوريين يحاولون استخدام طاقة الرياح في توليد الكهرباء، بحسب خالد عيسى من إدلب، الذي قال: "يشترون المراوح، أو يصنعون مراوح بأنفسهم، ويضعونها على السطوح".

وتكشف الكاتبتان عن أن "الناس في مناطق ريف دمشق، التي يصعب الوصول إليها، يستخدمون أساليب أقل صداقة للبيئة، فمنذ أواخر 2013 يقوم الناس بتحويل أكياس البلاستيك إلى وقود، حيث أصبح البحث عن أكياس البلاستك تجارة، ويقول السيد: (البعض يجمع البلاستيك، وآخرون يطحنونه، وآخرون يحرقونه)".

وينقل التقرير عن بعض المواطنين قولهم إن البلاستيك المحروق والمبرد، الذي يتحول إلى سائل ويمكن استخدامه بديلا للديزل والكيروسين، تسبب بارتفاع في معدل الأمراض التنفسية، حيث تقول سيدة تعيش في دمشق بالقرب من تلك المناطق: "الرائحة سيئة جدا، وأستطيع شمها أحيانا من الحي الذي أعيش فيه، ولا أستطيع تخيل الأمراض التي يتسببون بها لأطفالهم".

وتقول الصحيفة إنه "بغض النظر عن مكان عيشهم، في مناطق النظام أو في مناطق الثوار، فإن السوريين كلهم تقريبا تحولوا لاستخدام تكنولوجيا (LED) للإنارة، التي تستمر لساعات، وهي أرخص من استخدام الشموع، ويمكن إنارتها من بطاريات السيارات".

وتشير الكاتبتان إلى أن التجار والمجموعات المسلحة في شمال سوريا يشترون النفط الذي ينتجه تنظيم الدولة في المحافظات الشرقية؛ لتشغيل مولدات كبيرة، ثم يبيعون الكهرباء المولدة للمشتركين، لافتتين إلى أن الكهرباء للبيت العادي تكلف بحدود 15 ألف ليرة سورية في الشهر "68 دولارا"، وهو ما يزيد على نصف متوسط راتب موظف حكومي، ولا يستطيع دفعه حوالي 85% من السوريين الذين أصبحوا تحت خط الفقر.

وبحسب التقرير، فإن معظم السوريين يوفرون الوقود للآلات الزراعية وللمولدات التي تزود المتاجر والمستشفيات، أو للجرافات والمعدات التي تستخدم في إنقاذ ضحايا الغارات من تحت الأنقاض، مشيرا إلى أن الناس ينامون في البيوت في أول الليل، ولا يستخدم الثلاجات لتخزين الطعام سوى الأثرياء.

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه لدى سؤال مصطفى الغريب، وهو ناشط من بلدة معرة النعمان في الشمال السوري، عن الثلاجات، كان رد فعله أن ضحك وقال: "ثلاجات؟ عم تتحدثان؟.. الناس يغسلون ملابسهم بأيديهم، ولا يملكون ثلاجات، لقد باعوها منذ زمن بعيد".
التعليقات (0)