صحافة دولية

فرنسي عائد من سوريا: ذهبت لأساعد الناس لا لقتل الفرنسيين

انضم نيكولا لجبهة النصرة لكنه لم يشارك بعمليات قتالية كما يقول - أرشيفية
انضم نيكولا لجبهة النصرة لكنه لم يشارك بعمليات قتالية كما يقول - أرشيفية
نشرت صحيفة "ميديا بار" الفرنسية الجزء الثالث من تحقيق حول مصيرالمقاتلين العائدين إلى فرنسا من سوريا والعراق. وفي هذا الجزء، تحدّث مقاتل عائد إلى فرنسا منذ سنة؛ عن دوافع ذهابه لسوريا، وعن ظروف العيش هناك، فضلا عما تعرض له بعد عودته لفرنسا.
 
وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن نيكولا، الذي تم تغيير اسمه بناء على طلبه، عاد إلى فرنسا منذ سنة بعد أن ذهب إلى سوريا للقتال هناك. وقد تمكن نيكولا من الإفلات من السلطات قبل أن يتم القبض عليه في نهاية المطاف من قبل الشرطة. وقال نيكولا، متحدثا عن نظرة المجتمع الفرنسي للعائدين من ساحات القتال، إنه "يتم التعامل معهم وكأنهم وحوش".
 
وأفادت الصحيفة بأن هذا المقاتل السابق البالغ من العمر 22 سنة؛ بدأ بالتفكير في الذهاب إلى سوريا منذ سنة 2013. فقد أراد أن يغير الحياة الهادئة التي كان يعيشها، وكان مستعدا للتخلي عن وظيفته وعن راتبه وعن زوجته أيضا.

وتجدر الإشارة إلى أن نيكولا ترعرع في عائلة كاثوليكية، إلا أنه اعتنق الإسلام في سن التاسعة عشر.

وفي هذا السياق، قال نيكولا: "لقد عشت طفولتي في حي فيه عدد لا بأس به من المسلمين، وكنت دائما ما أتساءل عن سبب وجود رسولين في ديانتي، بينما يوجد رسول واحد في الإسلام. وعندما غادرت ذلك الحي، قرأت العديد من الكتب وقمت بالعديد من الأبحاث على شبكة الإنترنت، وحاولت فهم القيم الصحيحة للإسلام".

وذكرت الصحيفة أن نيكولا كان قد توجه إلى سوريا بهدف مساعدة السوريين بعد أن انتشرت أنباء عن استعمال نظام بشار الأسد للأسلحة الكيمائية، حيث شعر نيكولا أن واجبه كمسلم يملي عليه أن يساعد السوريين الذين يعانون يوميا بسبب حاكم ديكتاتوري. وقال إن لم يكن يسعى، من خلال ذهابه إلى هناك، إلى أن يكون "شهيدا".

وحتى يتمكن من التوجه إلى سوريا، استقال نيكولا من عمله؛ وترك زوجته التي اتفق معها أن تنضم إليه بعد وصوله.

وتحدث نيكولا عن الظروف في سوريا، قائلا: "لا توجد الكثير من المواجهات، ولم أكن في البداية طرفا في الصراع المسلح، لكن كان علينا المشاركة في دورة تدريبية، وهذه الدورة لا تبدأ إلا إذا كان هناك عدد محدد من المقاتلين".

وقد بذل نيكولا جهدا في تعلم اللغة العربية، كما عمل على ترميم بعض المباني العامة التي تآكلت بسبب القصف الذي شنّه طيران النظام السوري.

وأبلغ الصحيفة أن كل مؤسسات الدولة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام من النظام في سوريا؛ تعمل وفقا للقوانين الإسلامية.

وبعد ذلك انضم نيكولا إلى جبهة النصرة بهدف التدرب على السلاح. وكانت التدريبات تتمثل في تعلم كيفية استعمال الكلاشنكوف، كما كان يتم التركيز أيضا على التدريب البدني وعلى الدروس الشرعية.

وبعد انتهاء التدريب، قرر نيكولا البقاء ضمن صفوف جبهة النصرة متمركزا في نقطة تفتيش داخل إحدى المراكز الحدودية، حيث لم يقم خلال تلك الفترة بحمل السلاح أو القتال. وقد أحس نيكولا خلال تواجده ضمن صفوف جبهة النصرة بنوع من التوازن، خاصة وأنه كان قادرا على ممارسة شعائره الدينية بكل حرية، فضلا عن تمكّن زوجته من اللحاق به.

وفي خريف سنة 2014، عاد الزوجان إلى فرنسا "لأسباب عائلية"، حيث انتقلا إلى تركيا أولا ثم عادا إلى فرنسا في سرية تامة. وقد تمكن من العثور على عمل بسهولة.

وحرصا منه على أن لا يتم رصده من قبل أجهزة الاستخبارات الفرنسية، قطع نيكولا كل اتصالاته مع سوريا. لكن أحداث شارلي ليبدو، التي أدانها نيكولا، تسببت في اعتقاله. وأخبرته الشرطة بأنهم على علم بتواجده سابقا في سوريا وأنه يعيش الآن حياة بعيدة كل البعد عن "الجهاد والإرهاب"، لكن ينبغي وضعه تحت المراقبة.

وبينما اعتقد نيكولا أنه أصبح حرا وعاد إلى حياته العادية، تم في شهر تموز/ يونيو 2015؛ اقتحام منزله من طرف الشرطة، واحتجز لمدة 96 ساعة،  حيث تم استجوابه عن كل تفاصيل حياته وعن قصة ذهابه إلى سوريا. وعلم نيكولا لاحقا أنه قد تم احتجازه لأن الشخص الذي رافقه أثناء سفره إلى سوريا انضمّ إلى تنظيم الدولة، ووجّه تهديدا لفرنسا عبر موقعي تويتر وفيسبوك. لكن نيكولا أكد أنه لم يتحدث مع هذا الشخص منذ سنة 2013.

وفي الختام، ذكرت الصحيفة أنه قد تم تقديم نيكولا لقاضي التحقيق، إذ تم الاشتباه في انتمائه إلى "مجموعات إرهابية"، ووجهت إليه تهمة "المشاركة في عصابة إجرامية بهدف الإعداد لأعمال إرهابية"، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدّة 10 سنوات، لكن محاميه تمكن من تبرئته، لكن تم وضعه تحت الرقابة القضائية.

وتقول الصحيفة إن نيكولا يُعد محظوظا؛ لأنه لم يُطبّق عليه القانون الذي سُنّ منذ أشهر، والذي يقضي بسجن المقاتلين العائدين من سوريا أو العراق.
التعليقات (0)