كشف سيد قاسم
المصري، أول سفير لدى المملكة العربية
السعودية عقب استئناف العلاقات في الفترة من 1987 إلى 1991، خطابات متبادلة بين مصر والسعودية حول ملكية جزيرتي
تيران وصنافير، اللتين أثارتا الجدل.
وفي حوار للمصري مع صحيفة "الشروق" المصرية، اعتبر المصري أن "قرار الحكومة حول تيران وصنافير مفاجئ لجميع المصريين، عدا مسؤولي التفاوض، أدى إلى الغضبة الشعبية العارمة"، مستنكرا أن "تكون إسرائيل تعلم بالجزيرتين قبل المصريين".
وشدد المصري على أنه "لا يمكن للسلطة التنفيذية أن تتنازل عن جزء من أراضي الوطن"، داعيا البرلمان إلى ألا يسارع بالتصديق على اتفاقية ترسيم الحدود، وتطبيق الدستور الذى يطلب إجراء "استفتاء شعبي أولا".
واقترح السفير السابق مبادرة وصفها بـ"الملاذ الأخير"، وتقضي بإقامة "منطقة اقتصادية خاصة" بين البلدين في منتصف جزيرة تيران، أسوة بالمنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية، وبين إندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة.
وفي رده على العالم فاروق الباز، الذي رأى أن جيولوجيا تيران وصنافير تشير إلى أنهما سعوديتان، قال: "إذا كنا سنقيم سيادة الدول على أراضيها بناء على الجيولوجيا فستذهب سيناء بأكملها إلى المملكة".
أهمية استراتيجية
وأشار المصري إلى الأهمية الاستراتيجية للجزيرتين، مشيرا إلى أن "جزيرة تيران بالذات تملك أهمية استراتيجية كبيرة، نظرا لأن الجزء الوحيد الصالح للملاحة في مدخل خليج العقبة هو ما بين تيران والساحل المصري المعروف باسم مضيق تيران، الذي لا يزيد عرضه على ثلاثة أميال، والذي يسيطر عليها يمكنه السيطرة على هذا الممر المائي المهم، وهذا ما فعلته مصر طوال سنوات الحرب مع إسرائيل، وكان ثمن الانسحاب في عام 1957 هو وضع قوات دولية في هذه الجزيرة لضمان حرية الملاحة للسفن الإسرائيلية".
وحول تعامل حكومة بلاده مع الأزمة، فقد استنكر المصري تعامل الحكومة المصرية، قائلا إن "أسوأ ما في الأزمة الحالية التكتم الشديد وعدم الشفافية، فلا يعقل أن تعرف إسرائيل بالاتفاقية قبل مصر".
وثائق تاريخية
وأشار المصري إلى "قضية طابا" التي تم حلها بالوثائق التاريخية، موضحا أن هناك مذكرة بريطانية مؤرخة بتاريخ 15 أيار/ مايو 1906 بشأن تعيين حدود سيناء المرفق رقم 7، وتعليم الحدود التركية المصرية بين ولاية الحجاز وشبه جزيرة سيناء المرفق رقم 8، والإرادة "الإمبراطورية الصادرة من السلطان العثماني في 11 أيلول/ سبتمبر 1906، والمرفق رقم 9، فضلا عن ترجمة أعدتها مصر في آب/ أغسطس 1987 لاتفاق 1906 من اللغة التركية إلى اللغة الإنجليزية وتقدمت بها للمحكمة في مذكرتها المضادة، موضحا أن الخبراء يعتبرون أن هذه الوثائق نفسها تثبت أن الجزيرتين مصريتان.
ودعا السفير السابق إلى اللجوء لمركز إسطنبول للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية "أرسيكا" الذي "أمدنا بوثائق وخرائط هامة من الأرشيف العثماني كان لها أكبر الأثر في حسم النزاع لصالحنا، فلماذا لا نلجأ إلى المركز نفسه لمساعدتنا في هذه القضية حيث إنه متاح له الدخول على الأرشيف العثماني الزاخر بملايين الوثائق التاريخية المهمة؟".
ونفى المصري وجود وثائق لديه، إلا الوثائق العلنية مثل الكتب البيضاء لوزارة الخارجية، مشيرا إلى أنه "لا يجوز لي وليس من حقي أن أحتفظ بوثائق سرية أطلعت عليها بحكم المناصب الرسمية التي توليتها".
وأشار السفير السابق إلى برقية أرسلها الملك السعودية إلى ملك مصر يهنئه فيها بدخول القوات المصرية إلى الجزيرتين وإغلاق ممر تيران ويشيد بهذه الخطوة التي اتخذتها القاهرة في مواجهة العدو المشترك ودفاعا عن المصالح العربية، وتتضمن البرقية ترحيبا من المملكة بتمركز القوات المصرية في جزيرة صنافير "السعودية" ولم يشر إلى تيران بهذه الصفة، مستدركا بأن ما نشر الآن يشير إلى أن البرقية لم ترسل مباشرة إلى الملك فاروق، لكنها أرسلت إلى الوزير المفوض السعودي في مصر لإبلاغ المسؤولين المصريين بها.
إسرائيل هي الخطر
واعتبر المصري أن "الخطر الأكبر على المنطقة إسرائيل وليس إيران"، مشيرا إلى أنه لا يوافق على التدخل الإيراني، لكن "ما يجمع بين إيران والعرب أكثر ما يفرقنا، وبالنظر للعالم الإسلامي فإن النزاع (السني-الشيعي) أخطر ما يهددنا مع الخطر الإسرائيلي".
الاستفتاء هو الحل
ورأى السفير السابق أن "الاستفتاء الشعبي هو بالطبع الحل الأمثل والطريق الوحيد الذي يرسمه الدستور".
واقترح المصري "كملاذ أخير" أن "تقام المنطقة الحدودية والجمركية بين البلدين في منتصف جزيرة تيران بعد إقامة الجسر، وأن يوضع لهذه الجزيرة نظام اقتصادي خاص يحقق الفائدة للبلدين، مع نظام خاص لدخول مواطني البلدين دون الحاجة إلى تأشيرات، وهناك نماذج كثيرة فى مختلف أنحاء العالم لمثل هذه الأنظمة الخاصة في المناطق التي كانت في الماضي محلا لمطالب إقليمية متنازع عليها".
وأوضح السفير السابق اقتراحه بأن "لا يسري على تلك المنطقة القانون المصري أو السعودي، بل قانون خاص ومشترك"، داعيا لجعل "تيران" مكانا للتعاون لا الخلاف والنزاع، مثل المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية، والمنطقة بين إندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة.