ملفات وتقارير

قرى أثرية في ريف إدلب السوري بلا حماية

عدد البيوت الأثرية في قرية شنشراح بريف إدلب يُقدر بقرابة 150 منزلا - أرشيفية
عدد البيوت الأثرية في قرية شنشراح بريف إدلب يُقدر بقرابة 150 منزلا - أرشيفية
اتخذ أهالي بلدة كفروما والقرى المجاورة لها في ريف إدلب بسوريا، من قريتي شنشراح وسيرجلا الأثريتين؛ مكاناً للسكن، هرباً من قصف النظام وبراميله المتفجرة، لتكون منازل القريتين مقصداً لعشرات العائلات.

غير أن النازحين أدخلوا الأحجار والأتربة الحديثة إلى هاتين القريتين، واتخذوا بعض المنازل كمواقد للطبخ، وأخرى مكاناً لتربية المواشي والأبقار، مما أحدث تغيرات كبيرة على معالمهما؛ بسبب العبث والتخريب في أركانهما العائدة لقرون خلت.

يقول مراسل راديو "صوت راية" في إدلب، رزق العبي، إن عدم وجود جهات مختصة تحمي المعالم الأثرية منذ سنوات؛ أتاح المجال لكثير من العائلات المهاجرة؛ أن تتخذ منازلها بيوتاً سكنية، وساحاتها لرعاية المواشي والأبقار، مشيرا إلى أنه "رغم عودة الأهالي إلى مناطقهم السكنية؛ إلا أن القرى الأثرية ما زالت شاهدة على أعمال التخريب، والمتغيرات الحاصلة في أركانها".

وأضاف العبي لـ"عربي21" أن "ثلاث سنوات كانت كفيلة باستباحة هذه القرى الأثرية، وتحويلها مستقراً للنازحين"، مبينا أن كثيرين فعلوا ذلك من منطلق أن "البشر أهم من الحجر"، بينما يرى آخرون أن عليهم الحفاظ على هذه القرى ومعالمها، على اعتبار أنها من الآثار القديمة التي تشهد على حقب متوالية من العهود الرومانية البيزنطية".

وأوضح أن قرية شنشراح في ريف إدلب؛ تعد من القرى الأثرية والتاريخية في محافظة إدلب السورية، "ويعود تاريخها إلى العهد الروماني البيزنطي، ولا تزال معظم أبنيتها قائمة حتى اليوم؛ ما عدا الأسقف التي انهارت بسبب العديد من المتغيرات التي من بينها طول العمر"، لافتا إلى أنها تضم ست كنائس؛ أهمها بقايا المعبد الروماني".

وأشار العبي إلى أن عدد البيوت الأثرية في شنشراح يُقدر بقرابة 150 منزلا، مبينا أن "معالم هذه القرية كانت حصنا احتمى به الفرنجة؛ إلى أن حررها القائد المسلم نورالدين زنكي".

وقال إنه "مع دخول الهدنة الموقعة في سوريا طور التنفيذ؛ عاد قسم كبير من العائلات التي كانت تسكن القرية إلى مدنها التي تركتها قبل أعوام، وقبل يومين خرجت آخر العائلات منها، تاركةً المدينة الأثرية في أوضاع سيئة، وتغييرات في ملامحها التاريخية".

وأضاف أن حركة النزوح هذه أثرت كليا على المعالم الأثرية في شنشراح، "إذ إن النازحين أدخلوا عليها مواد بناء حديثة، وعاثوا ببعض المنازل فسادا وتخريبيا؛ بسبب الحاجة تارة، ولعدم تقديرهم لقيمة المدينة الأثرية تارة أخرى"، مستهجنا "غياب أي دور فاعل للمعارضة السورية في حماية أو تقديم تعاليم للأهالي بكيفية التعامل مع الآثار".

تجار الحروب

من جهته؛ قال الناشط الميداني عبد الله جدعان، إن هذه البلدات الأثرية تعرضت عدة مرات للقصف من قبل الطائرات الحربية والمروحية السورية، مما أدى إلى تدمير العديد من سقوف المباني الأثرية، وكم كبير من الجدران.

وأشار جدعان في حديثه لـ"عربي21" إلى تعرض الآثار للسرقة على أيدي جنود النظام السوري عندما كانوا يسيطرون على قرية البارة في جبل الزاوية، حيث قامت مجموعات منهم بالتنقيب على الآثار وسرقة الثمين منها.

وأكد تعرض بلدات شنشراح وسيرجلا للتنقيب أيضا على يد عدد من تجار الحروب؛ بعد أن خرجت المنطقة عن سيطرة النظام السوري، دون معرفة نتائج أعمال التنقيب.

وبيّن جدعان أن الثوار شكلوا قوة لحماية الآثار عقب خروج البلدتين عن سيطرة النظام السوري، وانسحاب قوات النظام من قرى وبلدات جبل الزاوية، "إلا أن هذه القوة سرعان ما انهارت".



التعليقات (0)