صحافة دولية

الغارديان: ليبيا جبهة فوضوية أخرى في الحرب على تنظيم الدولة

الغارديان: ليبيا تعيش حالة فوضى لا يستطيع الغرب غض الطرف عنها - أرشيفية
الغارديان: ليبيا تعيش حالة فوضى لا يستطيع الغرب غض الطرف عنها - أرشيفية
تقول صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها إنه بعد خمس سنوات من الثورة ضد معمر القذافي، بدأت ليبيا بالتحول بسرعة إلى الجبهة الجديدة للغرب في حربه على تنظيم الدولة

وتجد الافتتاحية أن "هذا التحول أصبح واضحا الآن، بعد أن قامت الولايات المتحدة بغارات جوية ضد هذه المجموعة الجهادية التي سيطرت على مساحات واسعة من ساحل ليبيا، واستهدفت منشآت البلد النفطية، وقامت الطائرات التابعة للولايات المتحدة يوم الجمعة بضرب معسكر تدريب تابع لتنظيم الدولة في صبراتة، شمال غرب ليبيا، ما أسفر عن مقتل عشرات المتشددين، بحسب تصريحات البنتاغون".

وتنقل الصحيفة عن المسؤولين الأمريكيين قولهم إن العملية استهدفت عنصرا تونسيا مسؤولا عن هجمات إرهابية ضد السياح في تونس عام 2015، بما في ذلك الهجوم على منتجع ساحلي في سوسة، حيث قتل 38 شخصا، بينهم 30 بريطانيا. 

وتشير الافتتاحية إلى أن "الأقل وضوحا هو إلى ماذا ستفضي هذه الاستراتيجية، وكيف يمكن الاستمرار بها في غياب حكومة وحدة وطنية ليبية تستطيع بسط سلطتها الشرعية على هذه البلد، التي مزقتها الحرب؟".

وتلفت الصحيفة إلى أن "قلق أمريكا وحلفائها من تمدد تنظيم الدولة في ليبيا تزايد، حيث تقدر قوته هناك بـ 650 مقاتلا، وبالرغم من الفوضى التي تبعت التدخل الغربي ضد القذافي عام 2011، إلا أن هناك مؤشرات على أن عددا من الدول الأوروبية تفكر في تدخل عسكري جديد في ليبيا مع حلفائهم الأمريكيين؛ بهدف منع تنظيم الدولة من إنشاء قاعدة انطلاق له للمزيد من الهجمات التي تستهدف أوروبا وشمال أفريقيا". 

وتستدرك الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، بأنه على الرغم من أن تلك الخطط تبدو قيد الدراسة في روما وباريس ولندن، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي قرار، وليس من الواضح إن كانت الحملة ستكون مقيدة بالضربات الجوية، أم إنه ستكون هناك قوات برية، وكانت إيطاليا قد أعلنت بأنها سمحت للطائرات دون طيار الأمريكية باستخدام قاعدة في صقلية للقيام بضرب تنظيم الدولة."    

وتنوه الصحيفة إلى مشكلات التدخل العسكري قائلة إن "إحدى المشكلات هي أن عملية عسكرية دولية ستحتاج الاستناد إلى قواعد قانونية، ومن الصعب الحصول على قرار في الأمم المتحدة في هذا الوقت، حيث يحتاج مثل هذا القرار إلى موافقة روسيا، فهناك حاجة لطلب رسمي من السلطات الليبية للتدخل، لكن ليس هناك اتفاق في ليبيا على الحكومة، وفشلت وساطة الأمم المتحدة إلى الآن في التوصل إلى اتفاق بين الفصائل المختلفة، فالأراضي الليبية منقسمة بين حكومتين وبرلمانين، إحداهما في العاصمة طرابلس، والأخرى، التي يعترف بها المجتمع الدولي، في مدينة طبرق شرق ليبيا، وخلقت الفوضى الناتجة عن ذلك فراغا نشأ فيه تنظيم الدولة".

وتورد الافتتاحية نقلا عن المسؤولين الأمريكيين قولهم الجمعة الماضية إن الغارات الجوية ليست بداية حملة جوية دولية، مستدركة بأن "ذلك قد يكون مسألة وقت، فيجب دون شك منع ليبيا من أن تصبح منصة انطلاق لتنظيم الدولة، فنتائج ذلك للمنطقة كلها ولأوروبا ستكون كارثية، خاصة أن ليبيا أيضا كانت ممرا مهما للاجئين والمهاجرين، لكن احتمال "حرب على الإرهاب" جديدة في ذلك الجزء من أفريقيا يستحق نقاشا عاما أكثر مما هو حاصل الآن".

وتذكّر الصحيفة بالتدخل في ليبيا عام 2011، الذي "زعم أنه كان بهدف مواجهة التهديدات المفتوحة التي وجهها القذافي بالقيام بمذابح في بنغازي، لكن كانت هناك فكرة أوسع، وهي حماية أي آمال كانت موجودة للربيع العربي في تونس ومصر المجاورتين، ومنذ ذلك الحين سقطت مصر في براثن الديكتاتورية العسكرية، بينما تخطو الديمقراطية التونسية خطواتها الصعبة". 

وتفيد الافتتاحية بأن "البعض سيرى أن انحدار ليبيا إلى الاقتتال الداخلي ليس إلا نتيجة للتدخل الغربي، والإطاحة بالقذافي عام 2011، لكن هذا المنطق يتجاوز مسألة مهمة، وهي أن ليبيا كانت تفتقر إلى مؤسسات الدولة الفاعلة، حتى تحت حكم القذافي، ولم يكن هناك سوى حكم ديكتاتور".

وتعتقد الصحيفة أن "سبب تفتت ليبيا يعود بشكل كبير إلى نقص الاهتمام الدولي والمتابعة الدبلوماسية بعد عام 2011، وجهود الأمم المتحدة لإعادة الاستقرار لم تكن كافية".

وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالإشارة إلى أن "ليبيا تعيش اليوم حالة فوضى لا يستطيع الغرب أن يغض الطرف عنها، ويجب عليه ألا يفعل، لكن التوصل إلى السياسة الصحيحة يحتاج إلى نقاش أمين ومفتوح".
التعليقات (0)