صحافة دولية

ميدل إيست آي: قطر قادرة على تجاوز العاصفة الاقتصادية

ميدل إيست آي: للدوحة ما يميزها عن منتجي الغاز المسال الآخرين - أ ف ب
ميدل إيست آي: للدوحة ما يميزها عن منتجي الغاز المسال الآخرين - أ ف ب
نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتب بول كوتشرين، حول المتغيرات في سوق الطاقة، وأثر ذلك على سوق الغاز المسال، التي كان لقطر نصيب الأسد فيها، وبالأسعار التي كانت تطلبها، مشيرا إلى أن التغيرات في السوق أصبحت تعني أن المنتجين لا يستطيعون فرض أسعارهم مع تزايد الإنتاج العالمي للغاز، ما جعل هذه السوق أكثر منافسة.

ويشير التقرير إلى أن قطر ركبت قمة موجة أسعار الغاز، واستثمرت عشرات المليارات من الدولارات في البنية التحتية، خاصة في الغاز المسال، حيث بدأت المشاريع إنتاجها في الوقت المناسب، عندما كان سعر النفط حوالي 100 دولار للبرميل، وكان الغاز المسال يباع بـ 13 دولارا (للوحدة الحرارية البريطانية).

ويذكر الكاتب أن عائدات الدوحة من الهيدروكربونات، التي تشكل 49% من دخلها و90% من صادراتها، وصلت إلى ذروتها البالغة 147.9 مليار دولار عام 2013، مستدركا بأنه مع تراجع أسعار البترول إلى حوالي 30 دولارا للبرميل، وتراجع سعر الغاز إلى 5.75 دولارات للوحدة الحرارية البريطانية، فإنه يتوقع أن يكون دخل هذا العام 42.9 مليار دولار فقط.

ويلفت الموقع إلى أن قطر ستواجه لأول مرة منذ 15 عاما عجزا في الميزانية، يصل إلى 12.7 مليارا، إن لم يكن أكثر من ذلك، حيث تم وضع الميزانية بناء على تقدير ثمن برميل النفظ بـ 48 دولارا. ويقول المحلل المستقل المتخصص بالشرق الأوسط ناصر التميمي: "إذا استمرت الأسعار بالنزول، فإن العجز القطري سيكون أكبر، وقد يصل إلى 20 – 25 مليار دولار، والعلاقة بين أسعار النفط والغاز المسال علاقة مباشرة، فكلما انخفضت أسعار النفط انخفض سعر الغاز المسال".

ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن المشترين استغلوا التراجع في الأسعار ليقوموا بالتفاوض ثانية على عقود طويلة الأمد بأسعار أعلى بكثير من أسعار السوق الحالية، مشيرا إلى أن هذا الأمر يحث قطر على إعادة التفكير في استراتيجيتها، حيث إن 70% من صادراتها من الغاز المسال هي بحسب عقود طويلة الأمد.

ويقول التميمي للموقع: "إن الضغط يتزايد، وقطر قرأت الواقع وقامت بإعادة التفاوض مع الهند، وأظن أنها ستفعل الشيء ذاته مع كوريا الجنوبية ومع اليابان؛ لأنه لا يمكنها خسارة السوق الآسيوية، التي تشكل حوالي ثلاثة أرباع صادرات قطر من الغاز المسال، وعندما يجدد الزبائن عقودهم سيملون الشروط، وليس قطر".

التحكيم: نذير بما هو قادم

ويورد كوتشرين أن "إنديا بترونت" نجحت في التفاوض مرة أخرى على صفقة غاز طويلة الأمد مع قطر، حيث تراجعت الأسعار إلى النصف تقريبا من 12-13 دولارا للوحدة الحرارية البريطانية إلى 6-7 دولارات للوحدة، وإلغاء غرامة بـ 1.8 مليار على "بترونت" بسبب عدم شرائها للكميات المتفق عليها في العقد، ما يبين أن قطر لم تعد قادرة على فرض شروطها. ويقول خبير الطاقة المتخصص بالشرق الأوسط في جامعة أكسفورد جاستين دارغين: "إن هذا نذير لما هو قادم".

ويستدرك الموقع بأن هذه المفاوضات ليست الأولى لإعادة النظر في الاتفاقيات، ويقول المدير المساعد في خدمات "ستاندرد أند بورز ريتنغ سيرفيس" كريم ناصيف: "كان هناك نقاش مع المشترين الأوروبيين على مدى السنوات القليلة الماضية، توجت بإجراءات التحكيم، وما هو جديد في القصة يتجاوز الهند وأوروبا".

وينوه التقرير إلى أن "صفقة الهند شكلت سابقة لآسيا، مع أن قطر كانت أقل تصلبا من ذي قبل للإبقاء على زبائنها، فمع الصين مثلا هناك عقد مدته 25 عاما للإمداد بالغاز المسال، لكن مع القفزة المفاجئة للاستخدام في الشتاء كان على الصين شراء الباقي من الأسواق". 

ويقول دارغين للموقع: "قامت قطر بإعادة ترتيباتها لإيصال الشحنات اللازمة للصين، دون أن تحتاج الأخيرة للشراء من الأسواق الأخرى، وهذا يبين استعداد قطر لفعل أكثر مما هو مطلوب منها في العقد، حيث لم يكونوا ليفعلوا ذلك حتى عام 2015".

ويبين الكاتب أن توقيع اتفاق طويل الأمد بـ16 مليار دولار مع باكستان في شهر شباط/ فبراير، علامة أخرى على استعداد قطر للتوصل إلى صفقات أفضل، مشيرا إلى أن الاتفاق يتميز بالمرونة في الطلبات، حيث سيتم مراجعته بعد 10 سنوات، وكانت تسعيرة الغاز المسال مبنية على أساس 13.37% من معدل سعر برميل النفط على مدى الشهور الثلاثة السابقة، وكانت قطر تحسبه قبل ذلك على أساس 16% من ذلك المعدل، بحسب دارغين.

العرض العالمي للغاز يغير اللعبة

ويذهب الموقع إلى أن ما يؤثر على سوق الغاز المسال ليست فقط أسعار الوقود المنخفضة، ما يجعل الزبائن يريدون إعادة التفاوض على الشروط، ولكن العرض العالمي للغاز المسال يزداد بشكل مستمر، وسيدخل السوق هذا العام 81.6 مليار متر مكعب من الغاز المسال الإضافي، ما يزيد القدرة العالمية بنسبة 20% إلى 469 مليار متر مربع في العام. واللاعبون الكبار موجودون في الشرق وفي أمريكا بسبب "ثورة غاز الصخر الزيتي".

وينقل التقرير عن مستشار الغاز المستقل آندي فلور، قوله: "نحن نرى غازا مسالا أقل يشحن إلى آسيا، فقد تأثر كثيرا بزيادة الإنتاج من بابوا غينيا الجديدة وأستراليا وأندونيسيا العام الماضي، وهذا سيزداد، ولذلك ستضطر قطر للبحث عن أسواق خارج آسيا".

ويقول كوتشرين إن "القضية الآن هي أي أسواق ستكون موضع استهداف لقطر؟ إن الطلب على الغاز في أوروبا الآن في حالة استواء، وبالرغم من النوايا الأوروبية لتقليل استيراد الغاز من روسيا لأسباب جيوسياسية، فإن ذلك مبالغة أكثر منه واقعا".

ويستدرك الموقع بأنه حتى إذا حصل ذلك، فإن هناك مزودين كثيرين سيكونون في الانتظار، ويقول دارغين إن "قطر تعول على جهود أوروبا بتنويع مصادرها بعيدا عن الغاز الروسي، ويحتمل أن يدفعهم هذا إلى أحضان قطر، لكن على قطر أن تنافس الغاز المنتج في أمريكا".

وبحسب التقرير، فإن المشترين، خاصة في آسيا، يحاولون شراء الغاز من مكان قريب؛ خشية مواجهة تعطل في النقل في مضيق هرمز مثلا، الذي يشكل أخطر نقطه على إمدادات الطاقة الدولية.

ويقول التميمي للموقع: "بالنسبة لآسيا، وحتى إن كان الغاز المسال من أمريكا أو أستراليا أغلى سعرا، إلا أنهم بحاجة إلى تنويع المصادر، ولا يريدون الاعتماد بشكل كلي على قطر والشرق الأوسط، وهذا يحصل مع الصين واليابان والبلدان الأخرى، ويبقى الطلب الآسيوي ليس واضحا".

ويبين الكاتب أن الدول تنوع من أشكال الطاقة المستخدمة، ويقول ناصيف: "إن المسألة تتعلق بالموازنة بين الطاقة الذرية والفحم والغاز، والطاقة الذرية عادت إلى الواجهة، وهذا يؤثر على الطلب على الغاز، ونحتاج مراقبة كيف تسير معادلة الطلب على الغاز، حيث يتوقع أن يتوفر فائض بمقدار الثلث من الغاز المسال مع عام 2018. ومن المهم لقطر أن تعرف أين كان التراجع في الطلب في أسواقها النهائية".

ويجد التقرير أنه بالرغم من المنافسة المتنامية، إلا أن الدوحة لها ما يميزها عن منتجي الغاز المسال الآخرين، فالبنية التحتية الضخمة، التي أنشأتها للغاز المسال على مدى العقود الماضية، يتم تسديد تكلفتها، وليست هناك خطط لأي استثمارات مستقبلية ضخمة في هذا المجال، ولدى قطر أسطولها الخاص بها المكون من 60 سفينة غاز مسال، بما في ذلك 27 من سفن كيوفليكس وكيوماكس، التي بإمكانها تغطية العالم، ولذلك فإن قطر متحكمة تماما بسلسلة الإمداد من بدايتها وحتى نهايتها.

ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول التميمي: "وضع قطر يساعدها على إنتاج الغاز بتكلفة 1.6 إلى دولارين للوحدة الحرارية البريطانية، بالمقارنة مع تكلفة إنتاج الغاز الأمريكي، وهي 2.5 دولار، والأسترالي 3 دولارات؛ ولذلك يمكن للقطريين عرض عقود أفضل، والمنافسة لإبقاء نصيبهم من السوق". 
التعليقات (0)