أٌلقي القبض عليه في الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، أثناء عودته إلى منزله بمحافظة القليوبية، وكان عمره وقتئذ 18 عاما، بعد توقيفه في أحد كمائن الشرطة في منطقة المرج، شرق القاهرة؛ بسبب ارتدائه قميصا (تيشرت)، مكتوبا عليه "وطن بلا تعذيب"، ثم تنقل بين أربعة سجون. إنه الطالب محمود محمد حسين، المحبوس احتياطيا على ذمة القضية المعروفة إعلاميا بـ"معتقل التيشيرت".
يعود تاريخ القصة إلى عامين كاملين، حيث قرر الطالب "محمود"، الذي كان حينها في الصف الثاني الثانوي، ارتداء القميص في الذكرى الثالثة لثورة يناير. وقد وجهت إليه النيابة العامة اتهامات بالتحريض على العنف، ومخالفة قانون التظاهر، والتحريض ضد مؤسسات الدولة.
دعم دولي دون جدوى
وكشف شقيقه طارق تيتو، عضو لجنة الحريات بحزب الدستور، لـ"عربي21"، عن تلقي محمود دعما حقوقيا دوليا ومحليا واسع النطاق للمطالبة بالإفراج عنه، لكنه قال إن "كل المناشدات الدولية والمحلية لم تستجب لها السلطات، ولم تعرْها أدنى اهتمام"، مضيفا أنه "في كل مرة تبدي السلطات أسبابا واهية".
وتابع: "شقيقي محبوس احتياطيا على ذمة قضية ملفقة، ولم يعرض على المحكمة حتى الآن، وتجدد النيابة حبسه، دون مبرر أو مسوغ قانوني"، مطالبا بالإفراج عنه "وقد تجاوز فترة
الحبس الاحتياطي".
وكانت منظمة العفو الدولية قد أطلقت الثلاثاء حملة جديدة للتضامن مع محمود محمد حسين، بعنوان "عار على
مصر"، للضغط على السلطات المصرية لإطلاق سراحه، مع دخوله عامه الثالث في الحبس الاحتياطي.
وقالت المنظمة في بيان لها: "إن استمرار السلطات المصرية باعتقال محمود حسين يضرب بعرض الحائط على نحو فاضح القانون المصري والقانون الدولي، ويبعث على السخرية من ادعاءات الرئيس السيسي بأن 2016 سوف تكون سنة شباب مصر"، وفق تعبير المنظمة.
وأضاف البيان: "وعوضا عن إطلاق الوعود البراقة وحبس سجناء الرأي تعسفا لسنوات؛ ينبغي على السلطات المصرية إنهاء هذا الظلم الفادح بالإفراج فورا ودون قيد أو شرط عن محمود حسين، وعن أي شخص آخر اعتقل دون وجه حق لممارسته حقه في حرية التعبير والتجمع بصورة سلمية".
حفلات التعذيب
وقال شقيقه لـ"عربي21": "تم اقتياده إلى قسم شرطة المرج، الذي تعرض فيه لاعتداءات جسدية، بدأت بالضرب بالأيدي والهراوات وصولا للصعق بالكهرباء في مختلف أنحاء جسده". وذكر أن "هذه الاعتداءات استمرت لأيام طوال فترة تواجده في القسم، وبعد نقله إلى سجن أبو زعبل، حيث استمرت حفلات التعذيب حتى نقل إلى سجن الاستئناف".
قضية "معتقل التيشيرت"، مثلها مثل قضايا مشابهة، من قضية "مسطرة رابعة"، أو "دبوس رابعة"، التي أودت بأصحابها إلى غياهب السجون، دون محاكمة؛ لعدم وجود لائحة اتهام حقيقية بحقهم. وبعض هؤلاء من الأطفال أو الفتيات أو النساء.
وفي وقت سابق، طالب "الائتلاف العالمي للحريات والحقوق" بالإفراج عن محمود، وأدان انتهاج الأجهزة الأمنية في مصر سياسة القمع تجاه المواطنين الذين يعبّرون عن آرائهم بطرق مشروعة ومقننة، منتهكة بذلك نص المادة الـ19 الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي نصت على أنه "لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير".
مذكرة للنائب العام
وقال المحامي مختار منير، وهو محام بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، ويتولى الدفاع عن محمود، إنه تقدم بمذكرة للنائب العام، طالب فيها بالإفراج الوجوبي عن الطالب محمود المحبوس احتياطيا على ذمة القضية المعروفة إعلاميا بـ"محبوس التيشرت" بعد تجاوزه فترة الحبس الاحتياطي.
وأوضح مختار منير، في حديث لـ"عربي21"، أنه أوضح في مذكرته أن محمود سقطت عنه مدة الحبس الاحتياطي، بعد قضائه أكثر من عامين، دون اتخاذ قرار من النيابة العامة بإحالته للمحاكمة، الأمر الذي يستوجب الإفراج عنه.
تضامن حقوقي
كما طالبت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان النائب العام بالإفراج عن "معتقل التيشيرت"، وذلك تنفيذا لأحكام القانون، حيث قضى أكثر من عامين في الحبس الاحتياطي، دون أحالة إلى المحاكمة أو التصرف في القضية.
وأكد مدير الشبكة جمال عيد، لـ"عربي21": "أن الحبس الاحتياطي هو أخطر الإجراءات السابقة على الحكم؛ حيث يعد سلبا لحرية إنسان ما زال بريئا"، مشيرا إلى أن "محمود مثل المئات أو الآلاف غيره من السجناء، ليس عضوا بالإخوان أو بأي حزب أو جماعة"، لكن اعتقلته الشرطة لارتدائه تيشرت مكتوب عليه "وطن بلا تعذيب"، وشال مكتوب عليه "25 يناير".