قالت مجلة "إيكونومست" في تقرير مطول لها الأربعاء، إن مشروع "
سد النهضة، أكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهربائية في أفريقيا، لم ينتج حتى الآن سوى الشقاق بين دول النيل:
مصر والسودان وإثيوبيا".
وأشارت "
إيكونوميست" في تقريرها "مياه مضطربة"، إلى أن مصر والسودان وإثيوبيا تتصارع على مياه النيل عبر هذا المشروع، موضحة أن الرئيس المصري محمد مرسي كان يسعى لإيقاف مشروع "سد النهضة" في لقاء تم بثه على التلفاز الرسمي.
وذكرت المجلة أن إثيوبيا ستكمل بناء السد في 2017، وسوف يكون طوله 170 مترا و1.8 كيلومتر عرضا، بينما يستطيع خزانه أن يحتفظ بما يزيد عن حجم النيل الأزرق كله وهو الفرع الذي يقام عليه، كما أنه سينتج 6 آلاف ميجاوات من الكهرباء، ما يزيد عن ضعف الناتج الحالي (الهزيل) الذي يترك ثلاثة من كل أربعة أشخاص يعيشون في الظلام".
ووصفت "إيكونوميست" السد بأنه نعمة إثيوبيا ونقمة مصر التي كانت تعتبره منذ آلاف السنين "شريان حياة يتلوى عبر الصحراء الشاسعة"، مؤكدة أن النهر مازال يمد كل المصريين تقريبا بالمياه، فمصر تحصل على ثلثي المياه استنادا إلى معاهدة تم توقيعها مع السودان في 1959.
وأشارت إلى أن هذا لم يعد كافيا لإشباع حاجة عدد السكان المتنامي وري المحاصيل والحفاظ عليها، ونبهت إلى أن نصيب الفرد من الماء سنويا انخفض بما يزيد عن النصف منذ 1970، في حين أن الأمم المتحدة تحذر من "أزمة وشيكة".
واقتبست المجلة قول المؤرخ الإغريقي هيرودوت "مصر هبة النيل"، مشيرة إلى قيادات مصرية لا تحصى "أشهرت سيوفها" دفاعا عن مورد المياه، مما أدى لتوتر العلاقات مع ثماني دول أخرى تتشارك في حوض النيل ومعظمها وافق على التعاون مع بعضهم البعض، ونبذوا معاهدة أخرى قديمة، تتمسك بها مصر، وتعطيها حق الاعتراض على المشاريع على منع النهر.
وأشارت إيكونوميست إلى أن مصر تراجعت في خطابها تجاه إثيوبيا، موضحة أن زعيم الانقلاب تنازل ووافق على توقيع اتفاقية مع رئيس وزراء إثيوبيا هايلي مريم ديسالين، والرئيس السوداني عمر البشير، لتوقيع إعلان يبارك ضمنا إقامة السد طالما أنه لا يوجد "ضرر جسيم" لدول المصب.
وأشارت إلى أنه تم تأكيد هذه الاتفاقية في كانون الثاني/ ديسمبر، عندما استقرت الدول الثلاث على شركتين فرنسيتين لدراسة التأثير المحتمل للسد.
وقالت المجلة إن هذه الخطوة جاءت متأخرة جدا، فالدراسات الخاصة بتأثير السد كان ينبغي الانتهاء منها العام الماضي، لكن الخلاف حول تقسيم العمل وانسحاب إحدى الشركات تسبب في التأجيل، مشيرة إلى أن كثيرا من المصريين يعتقدون أن إثيوبيا "تتلكأ" كي يصبح السد "أمرا واقعا"، في حين أن خبراء يشعرون بالقلق من أن يكون الأوان قد فات لتصحيح أية أخطاء خاصة بعد الانتهاء من نصف السد.
وأكد تقرير المجلة أن "شعورا بالشك" يسود فيما يتعلق بالاستخدام النهائي للسد، فإثيوبيا تصر على أنها سوف تنتج الطاقة فقط وأن المياه التي تدفع التوربينات سوف تخرج في نهاية المطاف للجانب الآخر، لكن مصر تخشى من أن يتم استخدام هذه المياه أيضا في الري، مما يؤدي إلى الحد من نصيبها من المياه.
ونبهت إلى أن هناك خوفا مشروعا بشأن خزان السد الضخم، موضحة أنه إذا تم ملؤه بسرعة كبيرة، فإنه قد يحد وعلى نحو كبير من نصيب مصر من المياه ويؤثر على قدرة سد أسوان على توليد الكهرباء.
وقالت المجلة إن الحكومة الإثيوبية تواجه ضغطا كي ترى عائدا سريعا لاستثمارها، حيث يكلف المشروع – وهو في معظمه تمويل ذاتي – 4.8 مليارات دولار، في حين يرى بعض الخبراء أن ملء الخزان قد يستغرق سبع سنوات، حيث يوصي الأستاذ بجامعة أوكسفورد، كيفن وويلير، بأن يملأ الخزان بكمية ثابتة كل عام بإيقاع تحدده الطبيعة.
واختتمت "إيكونومست" تقريرها بأنه إذا أجبرت مصر على الشعور بأنها تحت رحمة جيرانها، فإنها قد تغير خطابها و"تشهر سيفها"، بحسب قولها.