توقع مصدر عسكري عراقي سقوط مدينة حديثة بيد
تنظيم الدولة نتيجة تصاعد حدة الخلافات بين عشيرتي الجغايفة والبو نمر، في المدينة الواقعة غرب
العراق، على خلفية الهجوم الأخير الذي حقق فيه التنظيم تقدما واضحا في محيط القضاء، وفرض سيطرته على مناطق عدة من الضفة اليسرى لنهر الفرات مقابل مركز القضاء.
وقال الضابط في الجيش العراقي الذي يعمل في قوة حماية سد حديثة، وتتحفظ "
عربي21" على نشر اسمه بناء على طلبه، إن الخلافات بين العشيرتين تصاعدت على "إثر هروب
صحوات الجغايفة من بعض أحياء ناحية بروانة على الضفة الأخرى لنهر الفرات، وهو ما وضع عشيرة البو نمر في موقف حرج دفعها للانسحاب أيضا، خاصة وأن الجيش العراقي وقف مكتوف اليدين عن تقديم أي دعم للعشيرتين".
وتتبادل العشيرتان الاتهامات "بالهروب أمام هجمات التنظيم، والتخاذل عن قتاله"، بحسب المصدر الذي أضاف أن "عشيرة الجغايفة تحمل قوات الجيش وعشيرة البو نمر مسؤولية تقدم التنظيم، وسقوط العشرات من أبناء العشيرة قتلى في المعارك الأخيرة".
وأضاف: "الخلافات بين الجغايفة والبو نمر ليست جديدة، فقد كان هناك خلاف سابق حول منصب القائم بمقام، نتج عنه استقلال قيادة عشيرة البو نمر عن صحوات الجغايفة وأصبحت تمسك مواقعها في جبهات القتال ضد تنظيم الدولة بشكل منفصل عن الجغايفة، وتنسيقها مباشر مع الجيش".
وعن طبيعة المعارك وكيف تمكن تنظيم الدولة من التقدم، قال الضابط العراقي لـ"
عربي21": "التنظيم بدأ هجومه بقصف عنيف على مواقع الأجهزة الأمنية ما أدى إلى انسحاب مقاتلي صحوات الجغايفة قبل وصول عناصر تنظيم الدولة، حيث قاموا بإخلاء عائلاتهم وأفرغوا الطرق، الأمر الذي أدى إلى انهيار خطوط الصد بعد خلوها من الجغايفة، فاضطر مقاتلو عشيرة البو نمر للانسحاب، بينما اكتفى الجيش بالمراقبة، ولم يتحرك من مواقعه في منطقة السنجگ القريبة من محرمات سد حديثة".
وكشف المصدر عن أن هجوم التنظيم لم يستهدف مركز المدينة بل محيطها لتضييق الخناق عليها، والضغط عسكريا باستهداف بعض المواقع.
وتابع الضابط العراقي حديثه قائلا: "أغلب سكان حديثة يحاولون الخروج من المدينة بسبب الحصار، وممارسات صحوات الجغايفة، حيث إننا كوننا جيش في داخل مدينة حديثة، نتوقع مواجهة مع الجغايفة بأي لحظة، وذلك لمساندة المرجعية والحشد الشعبي لهم، فما يصل للجغايفة من إمدادات وتسليح أفضل مما يصل للجيش، وهم يعتبرون أنفسهم السلطة في المدينة"، وفق تعبيره.
ورأى الضابط في الجيش العراقي أن سبب تقدم تنظيم الدولة هو الخلافات الحادة بين الجغايفة وباقي القوات المدافعة عن المدينة، حيث حدثت عمليات "توريط" بانسحاب الجغايفة أكثر من مرة من مواقع مساندة لمواقع البو نمر، "ولا يمكن تفسير هذا الأمر إلا محاولة لتسليم البو نمر لتنظيم الدولة والتخلص منها كمنافس في حديثة، حيث يظن الجغايفة أن حديثة خالصة لهم، وحتى الجيش يجب أن يخرج منها بعد النصر وفك الحصار واستعادة الأنبار".
وحذر الضابط في الجيش العراقي من أن "المشكلة بين البو نمر والجغايفة أكبر مما يتصوره البعض، حيث وصل الأمر إلى تصفيات جسدية بين الطرفين، ويجب على الحكومة التدخل لأن الأمر سيتطور وستؤدي لاصطفاف
عشائر أخرى مع الطرفين، ما سيؤدي لحرب أهلية بين العشائر، وهذا أفضل وضع يتمناه تنظيم الدولة"، كما قال.
وختم الضابط حديثه قائلا: "مدينة حديثة أصبحت في خطر كبير، والهجوم الأخير للتنظيم فضح الاستعدادات الهشة لهجمات مفاجئة، وبينما يتقدم التنظيم في أكثر من منطقة تتصاعد الخلافات بين البو نمر والجغايفة بعد إصرار الأخيرة على التصعيد مع كل الأطراف التي تدافع عن المدينة، والتفرد بالقيادة"، مضيفا: "هذا يعني أن حديثة أصبحت قاب قوسين أو أدنى من السقوط بيد التنظيم، فالتركيبة العشائرية للصحوات غير قادرة على مواجهة التنظيم العسكري لتنظيم الدولة، وهذا هو الفارق الحقيقي الذي منح التنظيم هذا التفوق والتقدم"، على حد قوله.