كتاب عربي 21

هل يكون الإسلاميون كبش فداء للمتغيرات الدولية والإقليمية؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
الناظر للتطورات في سوريا واليمن والعراق وبعض الدول الإقليمية يلحظ بوضوح أن هناك تطورات سياسية وأمنية وعسكرية متسارعة في هذه الدول، وهذه التطورات تؤكد أننا نعيش مرحلة جديدة بعد مرور حوالي الخمس سنوات على الربيع العربي وما نتج عنه من بروز قوي للتيارات والقوى والحركات الإسلامية، بغض النظر عن تقييمنا لأداء هذه القوى أو لمواقفها.

فخلال أقل من أسبوعين حصلت تطورات سياسية وأمنية وعسكرية عدة، منها على سبيل المثال لا الحصر:

أولا: اغتيال المناضل سمير القنطار في سوريا من قبل الإسرائيليين في ظل تواجد روسي عسكري كبير في سوريا، واستمرار اللقاءات التنسيقية بين الروس والإسرائيليين على صعيد الموقف من الوضع في سوريا.

ثانيا: اغتيال زهران علوش قائد جيش الاسلام في الغوطة الشرقية من دمشق، وفيما قال الجيش السوري إنه هو من استهدف علوش أشارت مصادر أخرى أن الجيش الروسي هو الذي استهدفه.

ثالثا: الاتفاق على عقد لقاء حواري جديد بين الحكومة السورية وقوى المعارضة السورية في أواخر شهر يناير الحالي على أن تعقد لقاءات تمهيدية بين مبعوث الأمم المتحدة لسوريا وممثلي قوى المعارضة في الرياض قبل هذا الحوار.

رابعا: التطورات الميدانية في العراق ونجاح الجيش العراقي بدعم أمريكي والعشائر العراقية باستعادة مدينة الرمادي وتراجع تنظيم داعش إلى مناطق أخرى، وبموازة ذلك حقق المقاتلون الأكراد نجاحات ميدانية في مناطق شمال العراق على حساب داعش.

وتقول مصادر عراقية مطلعة إن الدور الأمريكي يقوى في العراق على حساب الدور الإيراني، وإن الأمريكيين وضعوا بعض الخطوط الحمر أمام دور الحشد الشعبي، وأصبحوا يتدخلون في كل التعيينات العسكرية والأمنية، وإن عدد المستشارين والضباط والجنود الأمريكيين في العراق وصل إلى عدة آلاف..

في حين تعاني القوى الإسلامية في العراق من أزمات سياسية وفشل كبير في إدارة شؤون الدولة.

خامسا: على الصعيد السوري يزداد الدور الروسي العسكري والسياسي على حساب كل القوى الأخرى.

سادسا: يواجه الإسلاميون في أكثر من دولة عربية وأوروبية أزمات سياسية وأمنية ويتعرضون للمزيد من الضغوطات تحت عناوين مختلفة، ويعمل الأمريكيون والأوروبيون لمحاصرة هذه القوى تحت عناوين الإرهاب والعنف والتطرف.

سابعا: الحلول التي ترسم لبعض الدول العربية لا يلحظ فيها دورا فاعلا للقوى والحركات الإسلامية بل تتم هذه الحلول بإشراف دولي - إقليمي، ويضطر الإسلاميون للقبول بهذه الحلول.

كل هذه التطورات تشير إلى انحسار دور القوى والحركات الإسلامية في العالم العربي، وفيما يعود الروس والأمريكيون لتولي إدارة شؤون المنطقة، فإن الدول العربية والإسلامية تواجه أزمات مختلفة وتستمر الصراعات بين القوى والحركات الإسلامية وبين السعودية وإيران وتركيا، فيما تراجع دور بعض الدول التي كان لها دور فاعل في المراحل السابقة.

ولا يعني كل ذلك أن القوى والحركات الإسلامية لم تعد فاعلة، أو أنها لم تعد تتمتع بالشعبية والقوة، لكن المشكلة الأساسية أن هذه القوى انخرطت في الصراعات الإقليمية وفي داخل بعض الدول ما أفقدها تأثيرها، وأدى إلى حصول صراعات وخلافات فيما بينها، واليوم يتم إعادة رسم خرائط ومشاريع جديدة لدول المنطقة دون الأخذ بالاعتبار رؤية ومواقف هذه القوى باستثناء كونها تحولت إلى حطب في النيران المشتعلة.

والخوف الأكبر أن تأتي الحلول على حساب هذه القوى ولصالح القوى الدولية أو الاتجاهات غير الإسلامية، ويكون الإسلاميون مجرد كبش فداء في كل الصراعات التي حصلت وتحصل.

فهل يستدرك الإسلاميون التطورات ويعيدون النظر بأدائهم واستراتيجياتهم ويستفيدوا من المتغيرات الحاصلة كي يكون لهم دور فاعل في المرحلة أم سيظلون غارقون في الصراعات والخلافات دون الاتفاق على رؤى موحدة تنقذهم وتنقذ بلادهم من الأزمات المختلفة؟
التعليقات (0)