حقوق وحريات

الهاجس الأمني يدفع الغرب للتضييق على حرية مرتادي الإنترنت

إعطاء الأجهزة الأمنية صلاحيات أثار مخاوف في بريطانيا
إعطاء الأجهزة الأمنية صلاحيات أثار مخاوف في بريطانيا
دفعت الأحداث الإرهابية الأخيرة عددا من الدول الغربية إلى اقتراح مجموعة من الإجراءات لتشديد المراقبة على الملايين من المبحرين على الإنترنت، وفي الوقت الذي تبرر فيه تلك الدول خطواتها بالهاجس الأمني، يرى العديد من الفاعلين والهيئات غير الحكومية أن الخطوة ستضعف من حرية وأمن البيانات الشخصية لمرتادي الإنترنت.

وعبرت شركة "أبل" عن مخاوف إزاء خطط بريطانية لإعطاء الأجهزة الأمنية صلاحيات أكبر لمراقبة الإنترنت، وذلك بعد أن كشفت بريطانيا النقاب، عن مقترحات بصلاحيات واسعة جديدة تشمل الحق في معرفة أي المواقع الإلكترونية التي يزورها المستخدمون، قائلة إن هناك حاجة لها لتأمين البلاد في مواجهة المجرمين والمحتالين والمتشددين.

منتقدو المقترحات البريطانية اعتبروا أن الصلاحيات الجديدة تعد اعتداء على الحريات، وأنه يمنح جهاز المخابرات البريطانية صلاحيات تتجاوز تلك الممنوحة لدول غربية أخرى بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية.

 شركة "أبل" قالت إن رفضها للمقترحات الواردة في مشروع القانون البريطاني نابع من كون مضمونه سيضعف التشفير، مثل الإلزام الصريح لمقدمي خدمات الإنترنت بالمساعدة في اعتراض البيانات والتسلل إلى أجهزة المشتبه بهم.

تهديد الحريات والخصوصيات

وقال محمد لشيب، الصحفي والمدون المهتم بالشبكات الاجتماعية في تصريح لصحيفة "عربي21"، إن فرض هذه القوانين الجديدة التي بدأت تنتشر في عدة دول بداعي التصدي لجرائم الإرهاب من شأنها أن تهدد بشكل كبير الحريات الفردية والخصوصيات الخاصة للأفراد التي غدت اليوم في متناول السلطات".

وأكد الصحفي المغربي المقيم بقطر، أنه لا ينبغي أن ننسى أن الانطلاقة الأولى التي استجابت لها ثورة الشبكات الاجتماعية، هي التخلص من قيود الرقابة والتمرد على القوانين، والبحث عن متنفس بعيدا عن سلطة الرقابة.

لشيب الباحث في العلوم السياسية، لم ينف أن التطور الذي وصلته الشبكات الاجتماعية أصبح يطرح عدة إشكالات وتحديات، من بينها الجانب الأمني إضافة إلى الاعتداء على حريات الآخرين، ما أصبح يفرض حسب المتحدث "ضرورة تدخل السلطات المعنية لتقنين هذا المجال وفرض تدابير وقوانين وعقوبات وجزاءات".  

وأشار المتحدث إلى أن التعابير الفضفاضة لأغلب تلك القوانين وعدم تحديدها لتعاريف مضبوطة ودقيقة للجرائم الإرهابية يمكنها أن توظف لحسابات سياسية أو غيرها، معتبرا أن الاستجابة للتحديات التي يفرضها تطور الإنترنيت بصفة عامة، يجب أن يوازيها حرص على ضمان حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية.

دعوة أوروبية لتعزيز المراقبة تفاديا للهجمات

من جهته، طالب المفوض الأوروبي المكلف بالاقتصاد والمجتمع الرقمي الألماني غونتر أوتنغر السبت في حديث لصحف ألمانية، بـ"مراقبة أفضل للإرهابيين" على الإنترنت، مشددا على أن الهجمات المقبلة قد تستهدف البنى التحتية.  

وأضاف غونتر في مقابلة مع الصحف التابعة لمجموعة فانكي-ميدينغروب أن "الهجوم الإرهابي المقبل لن ينفذ بأحزمة ناسفة" على غرار هجمات 13 تشرين الثاني/ نوفمبر في باريس، وأوضح أوتنغر أن الهجمات "ستستهدف بالأحرى البنى التحتية الحساسة للاقتصاد والمجتمع".

ودعا المسؤول الأوروبي إلى تعزيز "تقني وتطوير قدرات العاملين وعددهم" في أجهزة الاستخبارات الأوروبية لفرض ما يراه مراقبة أفضل، والقيام بتحليل دقيق للاتصالات الرقمية التي يجريها "الإرهابيون الإسلاميون".

وعلى نقيض ذلك، أيد ممثلو الأمم المتحدة المشكلون من أكثر من 190 دولة ضرورة أن تبقى السيطرة على الإنترنت داخل القطاع الخاص وبعيدة عن سيطرة الحكومات، وذلك خلال جلسات الأمم المتحدة لاستعراض ومراجعة نتائج القمة العالمية لمجتمع المعلومات بعد مرور عشر سنوات. 

يذكر أن تقارير عدة تفيد بأن عدد مستخدمي الإنترنت سيصل إلى نحو نصف سكان الكرة الأرضية بحلول نهاية العام 2015، وتنبأ الاتحاد الدولي للاتصالات، التابع للأمم المتحدة، بأن 3.2 مليار شخص سيتمتعون بخدمة الإنترنت بحلول نهاية هذا العام، ويبلغ سكان الكرة الأرضية الآن 7.2 مليار نسمة.
التعليقات (0)