شهور تمضي على استلام "وفاء" ورقة الإقامة في المملكة المتحدة هي وأطفالها وزوجها بعدما فرت من
سوريا ثم من
العراق خوفا من محاولات متعددة لتشييع أطفالها لتبدأ حياة جديدة تربيهم فيها على الدين القويم الصحيح، كما تقول.
قبل ثلاثة أعوام فقط كانت وفاء تعيش في دير الزور، وعانت كغيرها الكثير من تبعات الحرب والخلافات، وتضرر عملها لأنها طبيبة أسنان ومتزوجة أيضا من طبيب، ولديهما ثلاثة أطفال أكبرهم في الثانية عشر من عمره، تروي وفاء تفاصيل انتقالها إلى بريطانيا وكيف تمكنت من الهروب مع زوجها بأطفالهما من "نيران الأسد، ثم من المحاولات المستميتة لتشييع أبنائها في العراق"، على حد وصفها.
تقول وفاء في حديثها لـ "
عربي 21": كنا مثل الكثيرين في سوريا نعيش الحصار والقصف، إلا أنني في الفترة الأخيرة بت حقا أخاف على أطفالي بسبب تأزم حالتهم النفسية كلما سمعوا صوت طيران أو إطلاق رصاص، فآثرنا السفر إلى مكان آخر، ولأن أقارب أهلي مقيمون في العراق ولديهم تجارتهم وحياتهم أقنعونا بالسفر إليها وبتأمين عمل لنا مع منزل، كان اتخاذ القرار صعبا في البداية، أن أترك عملي ومنزلي وحياتي كلها وأسافر إلى بلد غريب وأبدأ من جديد ما بنيته خلال 20 عام أمر صعب فعلا.
وتتابع قائلة: "اتخذنا قرار السفر إلى بغداد في بداية العام 2014 كان الوضع في البداية صعبا كأي حياة تبدأ من جديد، إلا أننا تمكنا من فتح عيادة مشتركة وتمكن أقاربنا من تأمين بيت صغير لنا، وأدخلنا أطفالنا في المدارس الحكومية، المشكلة الوحيدة التي كنا نعاني منها أننا كنا نجاور حيا شيعيا، وكانت مدرسة أطفالي مزيج من طوائف مختلفة، ومع مرور الأيام والأشهر بدأت أسمع أطفالي يحكون لي قصصا غير منطقية عن الأنبياء والصحابة، ففي أحد الأيام جاء ابني زيد ليحكي لي قصة يوسف، وصار يتعجب كيف تمكنت زليخة زوجة العزيز من استرجاع جمالها بعدما اشترط عليها يوسف ذلك ليتزوجها، وكيف أنها بالفعل تركت العزيز وتزوجت يوسف، وأبدى لي زيد إعجابه بجمال القصة التي تنافت أصلا مع ما ذكره القرآن من وقائع لها".
وتضيف: "لم يقتصر الأمر على القصص التاريخية والإسلامية، فحتى طريقة الصلاة وكيفية الوضوء اختلفت عما كنت قد علمت أطفالي عليه، ومرة دخلت عليهم في غرفتهم ووجدتهم يغنون "حبيبي يا حسين" ويضربون صدورهم وهم مرتدين لباسا أسود، في الحقيقة أفزعني المنظر وبدأت أتساءل ممن يتعلمون هذه المعتقدات، خاصة أننا عائلة سنية من جهة الأم والأب ولا مكان لمثل هذه المعتقدات في منزلنا".
وقالت وهي تتابع سرد الحديث: ومرة عاد ابني الأصغر (8 سنوات) واسمه أسامة من مدرسته وبيده كيس من الهدايا ومعه سيارات وألعاب وما يعادل مبلغ 50 دولار، كان يشعر بسعادة بالغة حينها، وعندما سألته من أين أحضرت كل هذه الهدايا، أخبرني "أنها من سيدنا علي بن أبي طالب وزوجته فاطمة، وبأن آل البيت يأتون دائما ليسعدوننا، ويقدمون لنا الهدايا، وسيحبوننا أكثر إن أصبحنا على نهجهم"
تقول وفاء، أحسست هنا بالصدمة، وبأني سأضيع أطفالي إن بقوا في هذه المدارس، باتوا أقرب للمتشيعينن عندها اتخذت قرارا صارما بمغادرة البلد، وقلت سأتوجه إلى أي دولة أوربية أستطيع الوصول إليها، بعت وزوجي كل ما نملك في سوريا، وكل ما أملك من ذهب، واتفقنا مع مهرب ليوصلنا إلى بريطانيا، وهو ما تم فعلا."
"الآن بدأت أشعر أن أطفالي بخير، وبأني أعلمهم الدين الصحيح الذي تربينا عليه، دينا لا يشوه التاريخ، ولا الحقائق الإسلامية"، على حد وصفها.
وفي السياق ذاته، يقول السيد "عبد الناصر" وهو باحث في الدراسات الإسلامية الفلسفية إن موضوع "تشييع الأطفال بات منتشرا بشكل كبير في الآونة الأخيرة سواء في سوريا، أو العراق، أو مصر، أو تونس، أو غزة، وظهرت العديد من الحركات التي تنشر التشييع وفق مبالغ مالية تتراوح بين 300-700 دولار، مستغلين بذلك حاجة الناس وفقرهم وجهلهم، فالشيعة يحاولون منذ نشأتهم أن ينشروا فكرة مظلومية آل البيت، أمام السنة الذين انتزعوا الخلافة منهم منذ 1200 سنة، وبأن أبو بكر وعمر تآمروا على علي".
ويضيف: لكن الأخطر من كل ذلك هو محاولات
التشيع الناعمة، إن صح التعبير، التي تستهدف عقول الأطفال، فالطفل لا يفهم بالمظلومية ولا يفهم بالطعن بالصحابة، ولا يفقه بالثقافة ولا غيرها، إنما يفهم بما يقدم له من هدايا أو بما يعرض على قنوات أطفال شيعية كقناة الهدهد، ومجد، والهادي وطه، التي تعرض ليل نهار أناشيد شيعية أبرزها أنشودة "آل البيت" التي تعرض أسماء الأئمة الـ12 المعصومين، وبالفعل تمكنوا كثيرا من الدخول إلى عقل الطفل عندما استغلوا حاجات الطفل لهذه الأشياء، فهذا الطفل عندما يكبر وقد رضع هذه المعتقدات سيكون من الصعب جدا أن يغير قناعاته بل على العكس سيربي عليها أجيالا لاحقة وهنا تكمن الكارثة".
ودعا عبد الناصر الأهل إلى مراقبة شاملة لأطفالهم على شاشات التلفاز وتوعيتهم إن تحدثوا أمامهم بهذه المواضيع.