نشر موقع "موند أفريك" الفرنسي، تقريرا عن أسباب التغييرات الطارئة التي طرأت على قيادة جهاز
المخابرات الجزائري، والتي طالت عددا من أبرز قادة هذا الجهاز الحساس.
ونقلت الصحيفة تصريحا لنائب الرئيس السابق لشركة "سوناطراك" الحكومية للنفط، حسين مالطي، الذي اعتبر أن هذه التغييرات هي تبعات للعملية "الإرهابية" التي وقعت في قاعدة تيغنتورين بمنطقة "
أميناس"، حيث تعهدت الدول الغربية بتقطيع أوصال جهاز المخابرات كرد منها على العملية.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن بداية الأمر كان سنة 2013، عندما نجح 40 مسلحا بعبور الصحراء الكبرى، رغم نقاط التفتيش، ورغم صور الأقمار الصناعية المقدمة من قبل الأمريكيين، ورغم الطائرات دون طيار التي تمسح الأجواء، ثم تسللوا إلى قلب المنشآت الصناعية بقاعدة تيغنتورين وأخذوا عددا كبيرا من الرهائن.
وقال الموقع إن تلك العملية انتهت بحمام دم، وأن ما لا يقل عن 70 شخصا لقوا مصرعهم بصواريخ أطلقت من مروحيات جهاز المخابرات، وأنه كانت لتلك العملية تداعيات على شركات عدة، مثل سوناطراك، وبريتش بتروليوم، وستات أويل، وعلى البلد ككل.
وأشار الموقع إلى أن أمريكا لم تقف مكتوفة الأيدي خلال الفترة التي تلت الهجوم الإرهابي، حيث تناولت العملية بالدراسة وبالتحقيق للوقائع التي حدثت، قبل وبعد العملية، كما قامت المخابرات الأمريكية والبريطانية بدراسة تفاصيل العملية لأخذ العبرة والدروس المستقبلية.
وذكر التقرير أن أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية عقدت اجتماعا مع جهاز المخابرات الجزائري، لإعلامه بنتائج التحقيقات.
وقد أرجع التقرير أسباب الكارثة، التي وقعت في "عين أميناس"، إلى استغلال الإرهابيين تواطؤ بعض الشخصيات الميدانية، وربما حتى تواطؤ شخصيات من داخل جهاز المخابرات، بالإضافة إلى عدم كفاءة بعض القيادات العسكرية.
وكنتيجة لهذا، طلب البريطانيون والأمريكيون من الجزائر أن تتخذ إجراءات عقابية ضد بعض كبار ضباط الجيش، كما طالبوا بتحسين الترابط بين مختلف هياكل الجيش الجزائري.
وقال التقرير إن تلك الإجراءات العقابية كان يجب لها أن تكون كما خطط لها الغرب، حيث انتظروا انتهاء فترة النقاهة التي قضاها
بوتفليقة في فرنسا، ليجبروه على توقيع مراسيم تنص على تقاعد عدد من الجنرالات وعلى إنهاء خدمة بعض القيادات في الجيش، مع إعادة هيكلته.
وذكر التقرير، أن الصحافة الجزائرية استغلت مرض عبد العزيز بوتفليقة، إثر سكتة دماغية أصابته، وصورته بالعاجز، ولكن كل شيء تغير فور عودته من العلاج في فرنسا، حيث انقطعت الانتقادات الموجهة لبوتفليقة لتتحول بشكل كبير ضد رئيس المخابرات السابق الجنرال توفيق.
وأضاف التقرير أن الرئيس بوتفليقة سحب البساط من تحت الجنرال توفيق، ليتولى بنفسه قيادة الجيش، ليتحول من "ثلاث أرباع رئيس" قبل مرضه، إلى الملك المطلق بعد عودته من فرنسا، وذلك بفضل المعلومات السرية التي قدمها له جهاز المخابرات.
وقال الموقع إن صورة بوتفليقة ليست بهذه العظمة، إنما هي قرارات صيغت في لندن وواشنطن، وما كان منه إلا أن نفذها، لتتم على إثرها إعادة بناء تحالفات جديدة في الجزائر.
وذكر التقرير أن واشنطن ولندن قد أوضحتا للجزائر أن سياستها لاختراق تنظيم القاعدة هي سياسة فاشلة، وأن مختار بلمختار، زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، لم يكن سوى مهرب أسلحة وسجائر ومخدرات، وأن موضوع النفط والغاز خطان أحمران لا يمكن التلاعب بهما.
وقال الموقع إن بريطانيا وأمريكا ربما قد طلبتا من الجزائر أكثر مما شاهدناه، مضيفا أن الجنرال توفيق أنقذ نفسه بفضل تحالف الجنرالات الذين تولوا المسؤولية خلفه، حتى لو اضطروا للتضحية بالجنرال عثمان طرقاق (الرئيس الجديد للمخابرات)، وعبد الملك قنايزية ورشيد علالي وأحمد بوسطيلة وجبار مهنا والجنرال فوزي، إلا أنه "يجب إنقاذ الجندي توفيق"، لأنه يعد آخر معقل لحماية هذه المجموعة.
وقال التقرير إن كل هذه الأحداث جاءت فقط لأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ووكالة المخابرات البريطانية ومكتب التحقيقات الفيدرالية وشرطة سكوتلاند يارد أرادوا، بشكل منفرد أو جماعي، إملاء شروطهم على الجيش الجزائري.