مقالات مختارة

عندما يطوّق الجيش مقرا لـ"حزب الله"

أحمد عياش
1300x600
1300x600
كتب أحمد عياش: لأول وهلة يظن المرء أن العنوان يتصل بلبنان، وهذا من رابع المستحيلات، لكنه يتصل فعلا في العراق.

ففي الساعات الماضية أفاد مصدر في الداخلية العراقية بأن قوة من الجيش هناك طوّقت مقرا لكتائب "حزب الله" في شرق بغداد، بسبب إيواء الحزب خمسة مطلوبين للقضاء تابعين له.

وقبل ذلك حدثت تطورات في الأسابيع القليلة الماضية جعلت إيران الإمام علي خامنئي، مرتابة حيال ما يجري في لبنان والعراق معا.

لم يعد خافيا أن التظاهرات التي انطلقت في لبنان على خلفية مسألة النفايات، التي انطلقت في العراق على خلفية الكهرباء أقلقت طهران.

وإذا كانت صورة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في إحدى تظاهرات بيروت طيّرت صواب الحزب؛ لأنها لمحت إلى شراكته مع سائر قادة لبنان في تحمل المسؤولية عن الفساد، فإن هتاف المتظاهرين الشيعة في العراق بـ"إيران برا برا وبغداد تبقى حرّة..." أصابت دوائر المحافظين في طهران بالإرباك.

ولفت مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الذي زار بيروت قبل أيام إلى "وجود بعض الأزمات في المنطقة لا مصلحة في وجودها، مثل أزمة النفايات في لبنان، وأزمة مكافحة الفساد في العراق، وكذلك زيادة الضغوط الخارجية لإطاحة الرئيس بشار الأسد...".

في لبنان، وفي موازاة تحرّك المجتمع المدني الذي أطلق شرارة الاحتجاج على سوء إدارة أزمة النفايات، وكان موفقا في عنوان "طلعت ريحتكم"، كانت أعمال الشغب التي تسبب بها شبان في منطقتيّ خندق الغميق في بيروت والشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت، وكلاهما يفترض أنه تابع لحركة "أمل" برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أطلق في المقابل مبادرة حوار نيابية ستنطلق بعد أيام.

من جهتها، قالت صحيفة "كيهان" الإيرانية المحافظة إن "الفريق المستأثر بالسلطة المدعوم أمريكيا وسعوديا لا يريد أن يغادر موقعه، حتى وإن غرق لبنان في النفايات والفساد والأزمات الاجتماعية..."، لكنها في المقابل امتدحت مسبقا تظاهرة العونيين أمس، وقالت إن تحرّك هؤلاء "بداية سلسلة تظاهرات حتى يحققوا أهدافهم".

في العراق، سعى الجنرال قاسم سليماني إلى إخراج حليف طهران رئيس الحكومة العراقية الأسبق نوري المالكي من ورطة هددت بإيصاله إلى السجن.

فقد ذكرت معلومات أن رئيس الوزراء حيدر العبادي سلّم ملفا إلى المرجع السيستاني، يفيد بأن المالكي يتحمل مسؤولية سقوط الموصل بيد "داعش"، وتبديد ثروات طائلة لمصلحة سليماني. وهذا يعيد إلى الأذهان ما ورد في ملف نشرته مجلة "نيويوركر" في 30 أيلول عام 2013، وفيه أن حكومة المالكي خصصت على مدى أعوام نحو 200 ألف برميل من نفط العراق يوميا، ما يعادل مليارات الدولارات، وإرسالها إلى سليماني، وتاليا "حزب الله".

إنها رائحة فساد تتصاعد من بيروت إلى بغداد، وستصل إلى طهران، ولا أحد يعلم كيف ستحاول الأخيرة إخفاءها؟

(عن صحيفة النهار اللبنانية، 5 أيلول/ سبتمبر 2015)
التعليقات (0)