مقالات مختارة

"حزب الله" الأمريكي يطوّع لبنان

أحمد عياش
1300x600
1300x600
كتب أحمد عياش: لم يعد خافيا على أحد من المسؤولين أن "حزب الله" بدأ يعد لخطة العودة من الحرب السورية التي دخلت مسارا جديدا بعد الاتفاق النووي بين إيران والغرب.

كما أنه لم يعد مهما بالنسبة للحزب ما إذا كانت معارك الزبداني مثلا كانت باهظة التكلفة، ما جعل عدد ضحايا الحزب في سوريا يتجاوز حتى الآن الألفيّ قتيل، بقدر ما يهمّه، بتوجيه من المرشد الإيراني، حجز موقع ثابت في السيطرة على لبنان تمتد لسنوات مقبلة.

كان هناك اعتقاد بأن أسبوع النفايات الأسود الذي شهده لبنان منذ السبت الماضي مجرد قضية تحرّك للمجتمع المدني الذي ضاق ذرعا بفشل المعالجة الرسمية لهذا الملف الصحي والبيئي، لكن تداعيات هذا التحرّك أمنيا فتحت الأعين على أبعاد أخرى، أبرزها تحضير الأرضية لتغيير على مستوى السلطة يبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفق معايير تشبه تلك التي كانت تستخدم إبان السيطرة السورية على مقاليد الأمور في لبنان، بعد اتفاق الطائف عام 1989 ولغاية عام 2005، سنة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

يقول أحد المسؤولين إنه عند احتدام الموقف في الأيام الماضية نتيجة اختلاط تحرّك المجتمع المدني بتصعيد العماد ميشال عون حكوميا ورئاسيا، ظهر الموقف الأمريكي في الاتصالات اللبنانية، وكأنه خائف من تكرار تجربة 7 أيار/ مايو عام 2008، وسيطرة الحزب على مركز القرار في بيروت تحضيرا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفق صيغة لا تنتظر معها مؤتمرا في دوحة قطر أو أي بلد آخر في المنطقة.

لذلك سارع السفير الأمريكي، ديفيد هيل، إلى استباق ضغط "حزب الله" تارة من خلال دعوة الحكومة إلى التراخي أمنيا، وطورا من خلال التجاوب مع مطلب الحزب في حجز مكان للعميد شامل روكز في قيادة الجيش، من خلال ترقيته مع عدد من العمداء إلى رتبة لواء.

وفي سياق تهيئة الأرضية لـ"حزب الله"، تجاوب الرئيس نبيه بري سريعا مع طلب الحزب فأقنع الرئيس تمام سلام بتجميد إصدار مراسيم الحكومة التي صدرت من دون توقيع وزراء الحزب و"التيار الوطني الحر"، تماما كما فعل الرئيس بري في أعوام الوصاية السورية فتراجع عن قانون قضائي، متخطيا مبدأ "المجلس سيد نفسه".

وفي موازاة ذلك، كان لافتا أن يعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق أن قيادة الجيش ابتعدت عن تلبية طلب حفظ النظام في بيروت، خصوصا في التظاهرة المقررة اليوم.

ركوب موجة النفايات لأهداف سياسية لن يستمر طويلا. وربما يمضي "حزب الله" إلى تكرار تجربة 8 آذار 2005 أو 7 أيار 2008، لكن في كلتا الحالتين لن يجد أن هناك من ييسّر له "انتصارا إلهيا" جديدا.

وإذا كانت الحكومة قد بلغت آخر المطاف كما ظهر في القرارات الأساسية التي اتخذتها أخيرا ، فإن استقالتها لم تعد أمرا مستبعدا. وما بقي هو 6 أشهر صعبة على وشك أن يواجهها لبنان.

(عن صحيفة النهار اللبنانية 29 آب/ أغسطس 2015)
التعليقات (0)