أكدت صحيفة "
الشروق"
المصرية، الثلاثاء، أن قانون
الإرهاب الذي صادق عليه رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، يهدد الصحفيين في مصر بضرورة الخدمة في أقسام الشرطة، لمدة ثلاثة شهور، كخدمة إجبارية، وهو ما يعني القيام بنظافة هذه الأقسام، ومسح بلاطها، وجمع قمامتها...، في حال عدم تمكن الصحفي من سداد الغرامة المحكومة بها عليه (!).
وقالت الصحيفة إن "إصدار السيسي قانون مكافحة الإرهاب في ساعة متأخرة من مساء السبت، قد أثار ردود فعل واسعة في أوساط المتابعين، وبصفة خاصة الإعلاميين والقضاة والمحامين، لما تضمنه من أحكام جديدة للضبط، والتحقيق مع متهمي الجرائم الإرهابية، وعقوبات مشددة منها 12 حالة تعاقب بالإعدام".
وأوضحت "الشروق" أنه بالنسبة للصحفيين والإعلاميين فإن النص الجديد للمادة 35 الخاصة بمعاقبة من يتعمد نشر بيانات كاذبة عن العمليات الإرهابية بما يخالف بيانات وزارة الدفاع، جاء ليطرح تساؤلات حول موقف الصحفي المدان إذا عجز عن دفع الغرامة التي تتراوح بين 200 ألف و500 ألف جنيه، ومدى مسؤولية رئيس التحرير في جرائم النشر، ومدى دستورية أن تصدر المحاكم الجنائية أحكاما بوقف الصحفيين مؤقتا عن مزاولة المهنة.
ونقلت الصحيفة عن
الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، المستشار أحمد هارون أبوعايد، قوله إن من يعجز عن الدفع، طبقا لقانون الإجراءات الجنائية في مادته 511، سيخضع لقاعدة الإكراه البدني من خلال إذن من النيابة العامة بحبس المتهم لمدة ثلاثة شهور بحد أقصى، وأداء أعمال خدمية في قسم شرطة، على أن تخصم خمسة جنيهات من قيمة الغرامة في كل يوم من مدة الحبس، ومصادرة باقي الأموال من ممتلكاته، وحساباته بالبنوك.
وأضاف أنه "يجوز للمتهم أن يطلب في أي وقت من النيابة العامة قبل صدور أمر بالإكراه البدنى - الحبس - أن يطلب إبدال عمل يدوى أو صناعى به، كي يقوم به بلا مقابل لإحدى جهات الحكومة أو البلديات مدة من الزمن مساوية لمدة الإكراه البدني - الحبس - التي كان يجب عليه تنفيذها، مشيرا إلى أنه غالبا ما تكون الخدمة في أقسام الشرطة عبارة عن أعمال النظافة.
وأوضح أن "المادة 522 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه في حال تغيب المحكوم عليه عن عمله أو عدم قيامه بالعمل المطلوب بلا عذر تراه جهات الإدارة فيرسل لقسم التنفيذ لحبسه المدة المحددة بثلاثة شهور، ويتم خصم خمسة جنيهات عن كل يوم من تلك المدة، لأن هذه العقوبات نوع من الإكراه البدني للمحكوم عليه بالغرامة في حال عدم سدادها".
وتابع أن هذا الإكراه البدني لا يبرئ ذمة المحكوم عليه، ولذلك تتعقب جهات تنفيذ الأحكام أمواله وأرصدته في البنوك وممتلكاته سواء مادية أو منقولة، ويتم الحجز، والتحفظ عليها لسداد قيمة الغرامة.
ونقلت الصحيفة عن المحامي الحقوقي أحمد حسام تأكيده أنه بافتراض صدر الحكم على صحفي بقيمة الحد الأدنى للغرامة، وهى 200 ألف جنيه، ورفض الدفع، ولا يملك أموالا ظاهرة للحجز عليها لاستيفاء الغرامة بعد حبسه ثلاثة أشهر، تكون ذمة المحكوم عليه المالية خالصة جزئيا بملبغ حاصل ضرب خمس جنيهات في ثلاثة أشهر فقط أي ما يساوي 450 جنيها من أصل 200 ألف جنيه، ويكون المتهم مدينا للدولة بمبلغ 199 ألف جنيه و955 جنيها.
ومن جهته، انتقد نائب رئيس مجلس الدولة السابق، المستشار عادل فرغلي، وفق "الشروق"، نص المادة 35 من القانون مؤكدا أنه "لا يجوز تجريم نشر المعلومات الخاطئة، طالما لم تبادر الدولة لإصدار قانون ينظم حرية تداول المعلومات".
وعلق رئيس تحرير "الشروق"، عماد الدين حسين، على المادة، في مقال بالجريدة الثلاثاء، معربا عن أمله "ألا تتحول سيفا يقصف رقبة تدفق المعلومات المهنية، ويفيد الإرهابيين، ويضر الجميع".
وأشار إلى أنه بتطبيق هذه المادة على أي صحيفة مصرية فلن تستطيع كتابة أي أرقام أو معلومات عن أي جريمة إرهابية إلا بعد إصدار وزارة الدفاع بيانا رسميا.
وأضاف: "الخوف الحقيقي أنه إذا تأخرت وزارة الدفاع لأي سبب عن إصدار بيان رسمي، وامتنعت الصحف المصرية عن تغطية الوقائع المعلوماتية للحادث فإن المصريين العاديين والبسطاء سوف يضطرون إلى البحث عن تفاصيل ما جرى في مواقع أجنبية قد يكون بعضها متميزا أو مشبوها، وبالتالي قد تكون هذه المادة، وغرامتها التعجيزية، سببا في إفادة الإرهابيين، وليس العكس"، وفق قوله.
ويقول النص النهائي للمادة 35: "يعاقب بغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه، ولا تجاوز 500 ألف جنيه كل من تعمد بأي وسيلة كانت نشر أو إذاعة أو بث أو ترويج بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية وقعت داخل البلاد، أو عن العمليات المرتبطة بمكافحتها، بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة".
وأضافت المادة: "وفي الأحوال التي ترتكب بها الجريمة بواسطة شخص اعتباري يعاقب المسؤول عن إدارة هذا الشخص بالعقوبة ذاتها الواردة في الفقرة الأولى من المادة إذا ارتكبت الجريم لصالحه..، ويكون الشخص الاعتباري مسؤولا بالتضامن عما يحكم به من غرامات أو تعويضات، وفي جميع الأحوال يجوز للمحكمة المختصة أن تقضي بمنع المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد عن سنة إذا وقعت الجريمة إخلالا بأصول مهنته".
3 مواد أخرى مقيدة للعمل الإعلامي
ويذكر أنه بجانب هذه المادة تنص المادة 28 من القانون على عقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات لكل من "روج أو أعد للترويج، بطريق مباشر أو غير مباشر، لارتكاب أية جريمة إرهابية سواء بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى".
وتعتبر أن "من قبيل الترويج غير المباشر، الترويج للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف، وذلك بأي من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة السابقة من هذه المادة".
وتنص المادة 29 على عقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات لكل من "أنشأ أو استخدم موقعا على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة في شأن أي جريمة إرهابية، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج".
وتجيز المادة 49 للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة إصدار قرار بوقف أو حجب هذه المواقع، أو حجب ما تتضمنه من أوجه الاستخدام المنصوص عليها في المادة، والتحفظ على الأجهزة والمعدات المستخدمة في الجريمة.