نشرت صحيفة "لوجورنال دي ديمانش الفرنسية"، تقريرا عن
الجدل المحتدم في
المغرب حول الأخلاق والتقاليد الاجتماعية والدينية، وتناولت الجانب السياسي للموضوع، المتمثل في العلاقة بين
الملك محمد السادس وبين
حزب العدالة والتنمية الإسلامي، لتتساءل عما إذا كانت هذه الموجة من الدفاع عن الأخلاق تعني خوف الملك من
الإسلاميين المحافظين.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الأسابيع الأخيرة شهدت عودة قوية للنقاش بشأن الضوابط الأخلاقية في المملكة، "فقد مثلت (الاثنين) فتاتان أمام المحكمة بتهمة النيل من الأخلاق، بسبب ارتدائهما تنانير قصيرة في سوق قرب مدينة أغادير، وقد قررت المحكمة الإفراج عنهما، بعد أن كانت هاتان الحلاقتان تواجهان حكما بالسجن قد يصل لسنتين مع النفاذ".
وأضافت في السياق نفسه؛ أن فيلم "الزين اللي فيك" للمخرج نبيل عيوش، الذي أثار جدلا كبيرا بسبب تخلله على مشاهد فاضحة ومسيئة للمرأة المغربية، سيكون محل نقاش داخل أروقة محكمة مراكش، بعد أن تم رفع قضية ضده من قبل جمعية مدنية، بتهمة المس بالقيم الأخلاقية المغربية، بالإضافة إلى منعه من قبل الرقابة بعد صدور بيان حكومي وصفه بأنه "يتضمن إساءة أخلاقية جسيمة للقيم والمرأة المغربية، ومسا صريحا بصورة المغرب"، وهو ما يؤشر أيضا على توجه عام في المملكة المغربية نحو التصدي لهذه الظواهر.
واعتبرت الصحيفة أن هذين الحدثين جاءا تتمة لسلسلة من الأحداث المشابهة التي شهدتها المغرب خلال الأسابيع الأخيرة؛ ففي نهاية أيار/ مايو المنقضي، اندلع جدال كبير بسبب حفل أحيته المغنية الأمريكية جينيفر لوبيز خلال مهرجان "موازين" الذي يقام كل سنة في الرباط، بعد أن ارتدت هذه المغنية ملابس فاضحة جدا، وقامت بإيحاءات جنسية، خلال هذا الحفل الذي عرضه التلفزيون الحكومي المغربي مباشرة، وهو ما أثار سخط الشارع المغربي بسبب عدم احترام لوبيز لهوية البلد المضيف، ووصل الأمر إلى حد رفع شكوى لدى رئيس الوزراء المغربي.
وتساءلت الصحيفة عن "سر هذه الموجة من الاهتمام بالضوابط الأخلاقية، بعد أن كان الجميع يعتبر المغرب بلدا ليبراليا، وأنه على غرار تونس، لم يعد ليشهد صراعا بين المحافظين وبين العلمانيين".
ونقلت عن بيار فيرمرن، أستاذ التاريخ بجامعة باريس، والمتخصص في الشأن المغربي، قوله إن هذه الأحداث الأخيرة تأتي مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في بداية أيلول/ سبتمبر المقبل، والانتخابات التشريعية في سنة 2016، "فحزب العدالة والتنمية، الذي يمثل التيار الإسلامي المحافظ في المغرب؛ يخشى من خسارة المعركة الانتخابية القادمة، ويسعى لتقوية حضوره وتحسين صورته أمام الناس، من خلال دفاعه عن القضايا التي تهم الأخلاق والتقاليد الاجتماعية المغربية".
ونقلت في الشأن ذاته عن مهدي عليوة، دكتور علم الاجتماع بالجامعة الدولية بالرباط، قوله إن "الإسلاميين يريدون إظهار قوتهم، من خلال هذه المواجهة غير المباشرة بين القصر الذي يدعم الليبراليين، وبين حزب العدالة والتنمية الذي يشكل الحكومة".
وأضاف عليوة لـ"لوغرنال دي ديمانش" أن "الملك سعى منذ سنة 2004 إلى إدخال تعديلات على القوانين التي تهم العائلة، والوقوف أمام القوى المحافظة في البلاد، وقد أدى هذا إلى تأخير سن الزواج في المغرب، وانخفاض معدل الولادات، وانتشار العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وهو ما أثار مخاوف لدى المحافظين من هذه المشاكل التي أصبحت تتهدد المجتمع المغربي، وقد أدى ذلك إلى توتر في العلاقة بين الطرفين".