قضايا وآراء

قبل الخراب

أحمد قاعود
1300x600
1300x600
يدخل العام الثالث للانقلاب العسكري في مصر بكوارث متتابعة لا تهدد الشعب المصري وحده بل ما تبقي سليما حتى الآن من دول الإقليم. وهو ما يوجب على العقلاء في كافة أنحاء العالم أن يسعوا لطرح وإيجاد حل للأزمة المصرية التي يقودها قائد انقلاب عسكري فاشل على كل الأصعدة والمستويات إلى جحيم مستعر سيأتي على الأخضر واليابس.

بعد عامين من حملات الإبادة والقتل والتنكيل لا يبدو في الأفق أي إشارة لاستسلام الشعب المصري لرغبات جنرال مجنون مأمور من الخارج، ولم تهن عزيمة الثوار المطالبين في ثبات وصمود أسطوري بحقهم في التحرر من التبعية، والحرية والكرامة الإنسانية، وهنا كان على الانقلاب الدموي الذي يزداد توحشا يوما بعد الآخر، أن يطور من أساليب إجرامه وإرهابه بحق الشعب المصري خاصة الفصيل الثائر الهادر الذي لم يكل لحظة واحدة حتى الآن.

يعتقد سدنة الانقلاب ومخططيه في الداخل كانوا أم في الخارج، أن التصفية الجسدية البعيدة كل البعد عن منطق الإنسان وطبيعته في رفض عمليات القتل دون أي هدف واضح وبلا أي وازع أو ضمير أو سبب مادي أو استفادة من هذا العمل المنحط انسايا، سيمثل رعبا بالنسبة للثوار، وإزاء هذا الاعتقاد من كتائب الإعدام الوحشية جاء الرد سريعا من خلال جنازات مهيبة شارك فيها عشرات الآلاف منددين بإرهاب السلطة وانحطاطها الإنساني، لتشيع شهداء الغدر والخسة الذين قتلتهم مليشيات عبد الفتاح السيسي في شقة سكنية بينما يدبرون فيما بينهم كيف يعيلون صور الشهداء.

هذا التطور الخطير الذي بدأت سلطة السيسي في تنفيذه في مصر جاء مرحلة نوعية جديدة، استنفذت خلالها السلطة العسكرية كل الوسائل الممكنة لجر البلد إلى الحرب الأهلية وهو الهدف الرئيسي الذي جاء به السيسي وجيّشت وسائل الدعاية من أجل الإعداد، وترويجه زيفا وضلالا في النكبة والمأساة المسماة 30 حزيران/ يونيو.

وإذا كان كفلاء الانقلاب خاصة في الولايات المتحدة وإسرائيل ما صنعوا هذا المشهد الكئيب في مصر إلا لكبح جماح النهضة والحرية، فإنهم اعتمدوا في ذلك على هدف أساسي وغير معلن وهو جر الجيش المصري في حرب أهلية تقوده إلى النموذج السوري، ينتهي على أثره الجيش النظامي ويهلك سلاحه غير المستخدم في حروب منذ 42 عاما ضد شعبه، وبذلك تكون إسرائيل محاطة بشعوب تتقاتل فيما بينها دون جيوش حقيقية قد تهدد أمنها لعشرات السنوات القادمة، وهذا ما حذر منه الرئيس محمد مرسي في خطابه الشهير قبل الانقلاب الدموي عليه بيومين، عندما طلب من المصريين ألا ينجروا للعنف مع الجيش.

هذا التحذير من رئيس حقيقي منتخب بنزاهة ويعمل لصالح شعبه تلقفته قوى الثورة وعملت به رغم جرائم النظام العسكري في مصر، وإمعانه في القتل وحرق الشهداء ومصادرة الأموال واغتصاب الفتيات، وحتى الآن لم ينجروا للعنف الذي يريده النظام العسكري.

هذا الرفض من قبل الثوار جعل السيسي وعصابة حكمه الفاشي يعملون على الدفع بقوة لجر البلد إلى هذا المصير رغما عن إرادة الثوار السلميين، إذ تقول كل الأدلة أن حادث قتل النائب العام، متهم فيها بوضوح النظام الحاكم أو مقربون منه أو ضباط سابقون بالجيش مثل غيرها من حوادث العنف الكبيرة التي وقعت وأثبتت التحريات ذلك فيما بعد، وهو ما كشفت عنه صحيفة الوطن المقربة من الأجهزة الأمنية، والوفد المقربة أيضا من هذه الأجهزة والموالية للسلطة. حيث ذكرت في موقعها الإلكتروني أن النائب العام هشام بركات لم يمت في الانفجار الذي استهدف موكبه وإنما قتل في عملية دهس سيارة له بعد أن هرب من موقع الانفجار، وهناك روايات أخري تقول أن النائب العام وصل إلى المستشفي على قدميه بجروح سطحية، خرج منها مقتولا.

إزاء هذه العملية الضخمة ضد أحد أركان السلطة العسكرية في مصر، جاءت عمليات تنظيم ولاية سيناء الموجعة ضد قوات الجيش هناك، لتطلق لأصوات الشر والخراب العنان في المطالبة بحرق البلد بمن فيها، فيما يؤكد أن هذه الحوادث والجرائم التي تقع يوميا في البلد المنكوب بجريمة 30 يونيو، هي حوادث مرتبة ومنظمة لجر البلاد ناحية الفوضى والهلاك، وهو ما تجلى في جرائم الانقلاب الوحشية بحق مواطنين سلميين قامت بتصفيتهم بوحشية، رغبة منها في تنمية دافع الانتقام لدى الثوار وجرهم لحمل السلاح والتخلي عن خيار السلمية، والذي يعد سببا رئيسا في فشل السلطة الحالية التي تقتات على عمليات القتل والكراهية.
0
التعليقات (0)