تغص مستشفيات عدن، كبرى مدن جنوب
اليمن، بالمئات من المرضى وجرحى الحرب التي لا نهاية لها على ما يبدو، بانتظار الموت في ظل نقص حاد في المستلزمات الطبية والأدوية.
وفي الطابق الرابع من
مستشفى الصداقة الحكومي، يرقد عشرات المصابين بحمى الضنك المنتشرة، حيث بلغ عدد الإصابات أكثر من خمسة آلاف منذ نيسان/ أبريل الماضي، وفقا لمصادر طبية.
ويقول عبدالله قحطان، وهو محام من سكان منطقة دار سعد: "نموت ببطء والعالم يتفرج علينا. نحن محاصرون، لا غذاء ولا دواء ولا حياه هنا في عدن".
ويضيف أنه مصاب بحمى الضنك وأنها "انخفضت صفائح الدم فقررت الطبيبة علاجات، لكن لم أحصل عليها ما يعني أنني سأموت في حال لم يتوفر العلاج".
وتنتشر الأوبئة وحمى الضنك والملاريا والطاعون والتيفوئيد، نظرا لتدهور معايير النظافة، بسبب المعارك العنيفة بين الشيعة وحلفائهم، وبين المقاومة الشعبية في العاصمة السابقة لليمن الجنوبي.
وتشهد الأوضاع الصحية تدهورا منذ انطلاق حملة جوية بقيادة السعودية في 26 آذار/ مارس الماضي.
ومنذ آذار/ مارس، قتل في اليمن أكثر من 2800 شخص بينهم 1400 مدني، وفق الأمم المتحدة، فيما جرح 13 ألفا آخرين.
وفي مستشفى الصداقة أيضا، أعيد فتح مركز غسيل الكلى بعد إغلاق دام خمسة أيام نتيجة انعدام المحاليل، ما أدى إلى وفاة اثنين من مرضى الفشل الكلوي، بحسب مصادر طبية.
ويقول الممرض صالح عبدالله: "بعد خمسة أيام من الإغلاق تم إعادة فتح مركز غسيل الكلى بعد تدخل اللجنة الدولية للصليب الأحمر".
وقرب مستشفى الصداقة، تستقبل منظمة "أطباء بلا حدود" العدد الأكبر من جرحى المواجهات، لا سيما من المدنيين و"المقاومة الشعبية" بسبب قرب موقعها من مناطق النزاع.
وفي قسم النساء، كانت سعود صالح قائد، تنتظر الطبيب المناوب لتفقد جراحها بعد أن فقدت ساقيها إثر سقوط قذيفة هاون بجوار مدرسة دار سعد قرب منزلها.
وقالت باكية: "الموت كان أهون. لقد دمروا حياتنا ونزعوا مني أغلى شيء. فما الفائدة من وضعي هذا؟. وأضافت: "كنت ذاهبه لأغرف الماء بعدما قطعوه علينا من لحج، فقطعت القذيفة رجلي".
وفي المستشفى ذاته، تقف أم محمد بجوار ابنتها هيام التي أصيبت بشظايا، جراء سقوط صاروخ كاتيوشا قبل أيام على حي حاشد بالمنصورة.
وتقول: "أقضي وقتي هنا بجوار ابنتي لأن والدها بالسعودية. الأطباء يعملون بشكل جيد، لكن بعض العلاجات تتأخر ربما بسبب الحرب".
وتضيف أم محمد: "ما تقوم به (أطباء بلا حدود) جهد تشكر عليه، فهولاء أجانب جاءوا لإنقاذ أرواحنا وأرواح أولادنا بينما نحن نقتل" بعضنا.
وقد أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" مؤخرا أنها عالجت في سبعة مراكز تابعة لها أكثر من أربعة آلاف جريح أصيبوا في الحرب، كما أنها تمكنت من إدخال أكثر من 100 طن من المواد رغم خطورة الأوضاع.
يذكر أن جميع المستشفيات الحكومية في عدن تعاني من نقص في المواد الطبية وانقطاع التيار الكهربائي.
وفي منطقة المنصورة، يستقبل مستشفى مايو الحكومي جرحى المقاومة الشعبية والمدنيين.
لكن، نتيجة عدم توفر مقاعد جديدة للمرضى، فقد قررت إدارته إخراج جرحى حالتهم متوسطة لاستقبال آخرين حالتهم خطرة.
ويقول شقيق أحد المصابين ويدعى عدنان الزامكي، إن الأطباء طلبوا منه الذهاب إلى مستشفى آخر يوجد فيه سرير كالصليب الأحمر أو النقيب أو الوالي.
ويضيف: "إدارة المستشفى رفضت استقبال أخي المصاب بحجة عدم توفر سرير، ونحن قبل مجيئنا إلى هنا تنقلنا بين مستشفى الوالي والنقيب وصابر، ولم نجد، فلم يعد أمامنا سوى المستشفى الميداني التابع للصليب الأحمر".
بدوره، يقول وضاح العدني المصاب في ساقه، إن وضع الجرحى "مأساوي.. هناك تدفق يومي للعشرات من الجبهات أو القصف على الأحياء السكنية. وهناك أيضا نقص في الأدوية والطواقم، فغالبية الجراحين غادروا عدن".
وفي هذا السياق، يقول مهيب عباد، من ائتلاف عدن للإغاثة الشعبية ورئيس لجنة
الصحة لفرانس برس: "هناك أكثر من خمسة آلاف حالة بحاجة إلى نقلها إلى الخارج لتلقي العلاج، وعلى دول التحالف العربي القيام بذلك".
ويحاول موفد الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الموجود في
صنعاء منذ الأحد، إقناع الأطراف المتحاربة في التوصل إلى هدنة، مشيرا إلى "أزمة إنسانية تتخذ أبعادا كارثية".
وقد أعلنت الأمم المتحدة الأربعاء الدرجة الثالثة من حالة الطوارئ الإنسانية، وهي الأعلى، في اليمن حيث بات أكثر من 21.1 مليون يمني يمثلون 80% من السكان بحاجة إلى مساعدة إنسانية، ويعاني 13 مليونا منهم من نقص غذائي و9.4 مليون من شح المياه.