نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، حوارا صحفيا مع مدير عمليات "
الأونروا" في
غزة، روبرت تورنر، حول دور هذه المنظمة الأممية في قطاع غزة، والخدمات التي تقدمها لأهالي القطاع، وصعوبة مواصلة تسيير عمليات الإغاثة وتقديم الخدمات في ظل
الحصار الإسرائيلي الخانق، والتجاهل الدولي لجريمة
العقاب الجماعي التي يتعرض لها القطاع.
وتطرق روبرت تورنر في الحوار الذي ترجمته "
عربي21"، إلى عجز "الأونروا" عن مجابهة التحديات التي يفرضها الوضع في القطاع، محذرا من أن العجز المالي ونقص الموارد قد يدفع بالمؤسسة إلى عدم فتح ما يقارب 700 مدرسة في السنة الدراسية القادمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن منظمة الأونروا تأسست في سنة 1949، بهدف مساعدة ما يقارب الخمسة ملايين لاجئ فلسطيني منتشرين في كافة أنحاء العالم، و"تهتم هذه المنظمة الأممية بمعالجة المشاكل الصحية والتعليمية والسكانية التي يواجهها هؤلاء".
ونقلت عن السيد تورنر، الذي تولى إدارة فرع "الأونروا" في القطاع منذ أيار/ مايو 2012 وتنتهي مهمته في السابع من تموز/ يوليو الحالي، أنه يشعر بالحزن أكثر من الراحة، وذلك لتدهور الوضع في القطاع، في ظل الحصار الإسرائيلي، وتواصل غلق معبر رفح من الجانب المصري.
وفي إجابة عن سؤال الصحيفة حول حالة الوضع الإنساني في قطاع غزة من وجهة نظر "الأونروا"؛ قال تورنر إن "الوضع هناك لا يزال على حاله، إن لم يكن أسوأ مما كان عليه قبل حرب صيف 2014، وإن عدد الذين يحتاجون إلى المساعدات الغذائية في ازدياد مستمر".
وأضاف أن "آثار الحصار واضحة، فقد ارتفع عدد المحتاجين إلى الإعانة ليصل إلى حوالي 60 ألف شخص، بحسب الإحصائيات الأخيرة".
وتطرقت الصحيفة إلى موضوع تزويد المنطقة بالكهرباء والماء، وقال مدير العمليات بـ"الأونروا" إنه بعد أن دمرت القوات الإسرائيلية محطة توليد الكهرباء في الصيف الماضي "أصبح الوضع صعبا جدا".
وأضاف أن القدرة على توليد الكهرباء أصبحت محدودة عقب هذا العمل التخريبي، "فقد بات من العسير تزويد المنطقة بالبنزين"، مشيرا إلى أن الوضع المالي للمنظمة زاد الأمر سوءا.
وفي ما يتعلق بمسألة التزويد بالمياه؛ قال تورنر إن "إمكانية زيادة إسرائيل في معدل تدفق المياه أمر مطروح، وطبعا هذا يعد موضع ترحيب، ولكن الإشكالية المطروحة هي وجوب توفر الكهرباء أولا من أجل ملء الخزانات بالماء".
وأضاف أن نقص المياه قد يترك العديد من الأطفال دون ملابس نظيفة، ما قد يؤثر على صحتهم، مشيرا إلى أن توفير المياه والكهرباء للعائلات في القطاع من شأنه أن يساهم في تنظيم حياتهم.
وعن رأيه في التغيير الجزئي الذي شهدته السياسة الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة، من خلال تخفيف الحصار قليلا على تنقل البضائع والناس، قال مدير "الأونروا" إن هذا التغيير هو "موضع ترحيب كبير، لكن هذا التغيير بقي في معظمه مجرد وعود، ولم يتم تطبيقه بالقدر الكافي على أرض الواقع، وهو لا يغطي على القضية الأساسية، وهي وجوب رفع الحصار عن القطاع".
وسألت الصحيفة تورنر عن وضع اللاجئين الذين يعيشون في
المدارس بعد الحرب الأخيرة على غزة، فأجاب بأن حالتهم الاجتماعية سيئة للغاية، "فهم ليس بمقدورهم التمتع بمقومات الحياة الكريمة، أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، كما هو الحال في أي أسرة عادية".
وقال إن المؤسسة حققت نجاحا في مساعدة البعض منهم قبل حلول شهر رمضان، حيث ساهمت في تقديم مساعدة مالية لهؤلاء، كما أنها زودتهم بمساكن مناسبة، وذلك بحسب حجم كل عائلة، بكلفة تأجير بلغت معدلا قدره 220 دولارا للمسكن الواحد.
وأضاف أنه تمت مساعدة العائلات ماليا، وتم صرف ما يقارب الـ11 مليون دولار، ما ساهم في تخفيف حدة الأزمة، في انتظار أن يتم توفير الموارد اللازمة لمواصلة مساعدة هذه العائلات.
وفي سؤال عن الوضع المالي لـ"الأونروا"؛ قال إن الوضع مثير للقلق، فالأموال العامة للمنظمة لا تغطي حالات الطوارئ والحالات الإنسانية، بل هي موجهة للمدارس والمستشفيات وأنشطة أخرى، وبهذا فإن الصندوق يسجل عجزا قدره 100 مليون دولار.
وأضاف أن المنظمة ستضطر إلى إغلاق حوالي 700 مدرسة في مطلع السنة الدراسية القادمة، في حال لم يتم إيجاد حل لهذا العجز المالي، ما سيؤثر على حياة قرابة 500 ألف طفل في المناطق الخمسة التي تتدخل فيها "الأونروا"، ويحرمهم من حقهم في الدراسة، منهم 248 ألف طفل في غزة وحدها، موزعين على 252 مدرسة.
وأكد أن هذا الوضع المالي الصعب سيكون له تأثير على أعمال المنظمة في الأردن وغزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا، مشيرا إلى أنه لا يوجد مال كاف لدفع رواتب العاملين بهذه المدارس، رغم السياسة التي انتهجتها "الأونروا" في تقليص عدد العمال وإيقاف عمليات الانتداب.
ولفت إلى ضعف المساعدات المالية الأوروبية، "حيث إن البلدان الأوروبية واصلت تقديم المبلغ نفسه لمدة ثلاث سنوات، وهذا يعد مشكلا بسبب اختلاف نسبة تحويل الأموال من عملة إلى أخرى، ما أدى إلى تسجيل تراجع بنسبة 20 بالمائة".
وفي الختام؛ فقد نقلت "لوموند" عن تورنر قوله إن "الوضع الاجتماعي في القطاع أصبح اليوم أسوأ مما كان عليه، مع تزايد ظاهرة التشدد الديني، وظهور بعض المجموعات المسلحة غير التابعة للمقاومة الفلسطينية، فَقدْ فَقَدَ عدد كبير من السكان الأمل في توفير حياة كريمة لأطفالهم، ولكن هذا لا يبرر التجاءهم للتنظيمات المسلحة".