صحافة دولية

إيكونوميست: فشل السلفيين في السياسة يثير مخاوف الحكومات

إيكونوميست:  الفشل السياسي للسلفيين يحمل مخاطر استفادة الجهاديين منه - أرشيفية
إيكونوميست: الفشل السياسي للسلفيين يحمل مخاطر استفادة الجهاديين منه - أرشيفية
هل تخلى السلفيون في مصر عن السياسة بعد اكتشافهم صعوبة ممارستها، أم أن التيار السياسي في الحركة السلفية، الذي يمثله حزب النور، لم يكن إلا جزءا صغيرا من الحركة؟. وما مخاطر فشل الحركات السلفية وتجربتها في السياسة؟، ومن المستفيد من الفشل، هل هو تنظيم الدولة أم تيار طاعة ولي الأمر؟

تقول مجلة "إيكونوميست" في محاولة للإجابة عن هذه التساؤلات إن "السلفيين ربما لم يعودوا يرون أن هناك مدعاة للانخراط في السياسة". 

وينقل التقرير عن المتحدث باسم حزب النور نادر بكار قوله: "إن الكثيرين يقولون إننا قد خنا الثورة عندما وقفنا مع النظام والسلطة"، إلا أنه يعتقد أن نجاة حزبه كان هو الإنجاز الوحيد. ولكن الناشطين السلفيين لم يروا في ذلك أي تقدما نحو تحقيق هدفهم، وهو إنشاء الدولة الإسلامية، خاصة أن جاذبية تنظيم الدولة في أنحاء الشرق الأوسط كله تتفوق على بقية التنوعات السلفية. 

وتشير المجلة إلى بكار، الذي تقول إنه لولا لحيته الكثة لظن الناس أنه واحد من السياسيين الليبراليين العلمانيين. فالمتحدث الشاب باسم حزب النور "متسامح وعقلاني وأنيق، وسيبدأ زمالة دراسية في جامعة هارفارد". ويقول بكار متحدثا عن حزبه: "نحن إصلاحيون ولسنا ثوريين". ويضيف أن "التنازل ليس كلمة سيئة"، مع أن لحيته تقدم رسالة مختلفة "فبكار وحزبه ملتزمان بنموذج محافظ متشدد من الإسلام السني يعرف بالسلفية". مبينة أن هذه النسخة مرتبطة في الغرب بالجماعات المتطرفة من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، اللذين يرتبط أفرادهما بالسلفية الجهادية، أو التشدد المعروف في السعودية التي يطلق على أتباع السلفية فيها اسم الوهابية.

ويربط التقرير بين الدعم السعودي وتزايد نمو السلفية، حيث يقول: "استخدم السعوديون مال النفط لنشر التأثير السلفي في أنحاء العالم الإسلامي كله. وذلك من خلال تمويل المساجد والمدارس، التي تستلهم أفكارها في بعض الأحيان من الجماعات المتطرفة. ونتيجة لهذا يعتقد البعض أن السلفية هي أسرع الحركات الإسلامية انتشارا".

وتستدرك المجلة بأن السلفية تزداد تنوعا، فمع أن السلفيين كلهم يعتمدون في مدخلهم الإسلامي على إتباع النبي محمد وأتباعه الأوائل "السلف الصالح" في كل أمر حتى في إطلاق اللحى، ويرفضون البدعة، ويدعمون تطبيق الشريعة، إلا أن علماء السلفية ليسوا متجانسين، ويعبرون عن مواقف مختلفة في كل شيء من الردة إلى النشاط السياسي. ومن أبرز مظاهر ذلك هو أن الكثير من السلفيين منخرطون في السياسة، رغم التقاليد المعروفة عنهم بتجنب السياسة. ونظرا لعدم وجود ما يمكن أن يقدموه عن إنجازاتهم السياسية، فربما قرروا المضي في الطربق أو الانسحاب، أو ممارسة السياسة بطرق أخرى مثل الحرب أو الإرهاب.

ويذكر التقرير أن بعض السلفيين قبل الربيع العربي كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة الإسلامية الرئيسة في المنطقة وذات التاريخ العريق في النشاط السياسي، إلا أن معظم السلفيين ابتعدوا عن السياسة. وعادة ما يتم تقسيم الحركة إلى ثلاثة أقسام، أشهرها وأكثرها سمعة سيئة هي الفصائل الجهادية، التي لا تمثل إلا أقلية صغيرة. أما الأكثر عددا فهم الطهوريون، الذين لا يؤمنون بالسياسة؛ لأنها تتعارض مع قدرة الله، ولهذا السبب يجب تجنبها. ومثل الوهابيين السعوديين فكلهم يخضعون لولي الأمر مهما كان الأمر سيئا لتجنب الفتنة.

صعود وهبوط الناشطين

وتبين المجلة أن الناشطين في مجال السياسة يمثلون القسم الثالث. وقد زادت أعدادهم في مرحلة ما بعد الربيع العربي، عندما اختفت الخطوط الفاصلة بين السياسة والدين، ويقول جاكوب أولديروت من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى: "قد أصبح تقديم شكل وتعريف الأحداث المتعاقبة مسألة ضرورة لا خيار فيها، خاصة بعد أن أجبر السلفيون على مواجه الإعلام والتعليق على الأحداث".

وينوه التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن عدد الناشطين السلفيين الذين شاركوا في التظاهرات كان قليلا نسبيا، ولكن بعضهم وجد في الأحداث فرصة وناقشوا أنه يمكن تطبيق الشريعة من خلال السياسة. وتشجعوا من خلال التجربة الكويتية التي أوجدت السلفية السياسية حضورا فيها. واستفاد السلفيون المصريون من التجربة، وتم الإعلان عن حزب النور، الذي نشأ من الدعوة السلفية، التي تتخذ من الإسكندرية مقرا لها، وتعد أكبر التجمعات السلفية. وفي أول انتخابات برلمانية حقق الحزب 20% من مقاعد البرلمان. وأكدت الكتلة البرلمانية أهمية أن يتضمن الدستور، الذي ألغي الآن، فقرات إسلامية.

وتوضح المجلة أنه في هذا الوقت تراجع موقف الداعين إلى تجنب السياسة؛ نظرا لدعمهم الحرس القديم ومعارضتهم للاحتجاجات. فقد أصدر كبار علماء السعودية فتاوى تؤكد أن "الإصلاح يجب ألا يكون عبر التظاهرات أو وسائل أخرى تؤدي إلى الفتنة وانقسام المجتمع". وفي عام 2011 قال علي الحلبي، وهو أحد شيوخ السلفية في الأردن، إن التظاهرات "مناقضة للشريعة"، وعادة ما تدفعها المادية. لكن تم تجاهل موقفه في ذلك الوقت. ويشعر هذا التيار بأن ما حذر منه تحقق "لم تحصل دول الربيع العربي على أي شيء سوى الدمار والفساد وانعدام الأمن".

ويورد التقرير أن التاثير السلفي المحافظ في مصر أسهم في سقوط الرئيس محمد مرسي. وكان قرار حزب النور في دعم الانقلاب، الذي قاده عبد الفتاح السيسي، منفرا للكثير من داعمي الحزب السابقين. ولكن الدعم جنب السلفيين مواجهة مصير الإخوان.

وتنقل المجلة عن ويليام ماكنتس من معهد "بروكينغز" في واشنطن، قوله:  "عزز الحزب الفكرة بين المسالمين، التي تقوم على مبدأ بيع نفسك أو تحقيق صفقات مع نظام الشيطان، من أجل دخول السياسة".

ويفيد التقرير بأن المسالمين وجدوا دعما لرفضهم السياسة والانخراط في تونس، التي تعد الديمقراطية الوحيدة التي تخرج من الربيع العربي. فقد عول الكثير من الناشطين السلفيين على حزب النهضة، الذي حصل على المرتبة الأولى في انتخابات عام 2011. وقال زعيم النهضة نفسه، راشد الغنوشي إنه سلفي. لكن الحزب الذي تبنى المحافظة اتخذ خطوات للحد من نشاطات وتأثير السلفيين. وقد أدى قرار النهضة بعدم وضع الشريعة مصدرا للتشريع في المادة الأولى في الدستور، إلى إثارة غضب السلفيين، بالإضافة إلى قرار الحركة عدم فرض الحجاب أو منع الكحول والفوائد الربوية. ولعدم رضا السلفيين عن المسار الذي تسيره البلاد، ولعدم وجود صوت لهم في السياسة، فقد بحثوا عن طرق أخرى  للاحتجاج والعنف داخل البلاد وخارجها.

وترى المجلة أن الفشل السياسي للسلفيين يحمل مخاطر استفادة الجهاديين منه. فقد تحولت تونس اليوم إلى المصدر الأول الذي يذهب منه متطوعون إلى سوريا والعراق، للقتال في صفوف تنظيم الدولة. وقد جذب التنظيم أعدادا كبيرة من دول لا يؤثر السلفيون فيها، أو لا يملكون صوتا مثل لبنان والأردن والمغرب، وعدد أقل من الكويت، حيث لا يزال للسلفيين فيها صوت. 

وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أن الحكومات تراقب الوضع بتوتر، حيث تخشى أن يتحول المتشددون ضدهم، ولهذا فقد جندت قادة السلفية الداعين إلى طاعة ولي الأمر، وترى بعض الحكومات في هؤلاء حركة مضادة للجهاديين. وحاول المغرب دمج أكبر عدد من السلفيين في السياسة، وانضم عبد الكريم الشاذلي، الذي حكم بقضايا إرهاب، إلى الحركة الديمقراطية الاشتراكية، التي تعد مقربة من النظام، وتعهد بجلب عدد من السلفيين. 
التعليقات (2)
سيدسلطان
السبت، 27-06-2015 02:37 ص
هؤلاء مدعي السلفية امثال برهامي و بكار وغيرهم بعد ما استخدموا كمطية ضد الاسلام السياسي واستفاد هؤلاء من ذلك وانتهي دورهم الان يدعون ترك العمل السياسي... لقد ظهر وجههم الحقيقي. الذي كان مخفيا علي بسطائهم وسذاجهم... فليذهبوا تصحبهم دعوات الناس عليهم دون رجعة الي مزبلة التاريخ
الدسوقي
السبت، 27-06-2015 12:01 ص
هناك تحذير إلهي رهيب للعرب المسلمين ، ورد في الكتاب الكريم قبل أربعة عشر قرنا ، يقول فيه العزيز الجبار : ( و إن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) ، فسحقا لمن بدل الدين الحق بالتمذهب و التشرذم و التفرق سحقا ، سحقا ! ، إبحثوا عن الإسلام المحمدي الأصيل عند مسلمي العالم الجدد ، لقد انتهى دوركم في هذه الحياة :( وإنه لذكر لك و لقومك و سوف تسألون ) . قبح الله من اتبع غير صراطه المستقيم ، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .