صحافة دولية

لوموند: كيف اشترت السعودية النخبة اللبنانية

ويكيليكس
ويكيليكس
نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول ظهور الوثائق السعودية المسربة عبر موقع ويكيلكس، أشارت فيه إلى سعي السعودية لـ"شراء ذمم" مجموعة من الوجوه السياسية والإعلامية المعروفة في لبنان، عن طريق دفع مبالغ ضخمة لهم بشرط التقيد بالتعليمات الصادرة عن السفارة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن زعماء الأحزاب السياسية والمؤسسات الإعلامية في لبنان، الذين يمتلكون طموحات كبيرة ولكن تعوزهم الأموال، يمكنهم في كل وقت التوجه نحو السعودية للحصول على الدعم؛ فالنظام الحاكم فيها سخي جدا مع من يدافع عن مصالحه ويتقيد بتعليماته. أما من تسول له نفسه انتقاد بيت آل سعود، فإن مصيره التعرض للضغوطات والحرمان من التمويل، وفق الصحيفة.

وأضافت الصحيفة أن سياسة العصا والجزرة التي اعتمدتها المملكة للتدخل في الحياة السياسية اللبنانية، تمثل أول استنتاج يمكن الخروج به بعد قراءة الوثائق والمراسلات الدبلوماسية السعودية المسربة. وقد مكن التنظيم والتصنيف المحكم لهذه الوثائق من الكشف عن أكثر من نصف مليون رسالة ورسالة إلكترونية ومراسلة سرية، صادرة عن وزارة الخارجية السعودية أو ممثليها في الخارج.

وذكرت الصحيفة أن منجم الوثائق التي تم الحصول عليه، لم ينشر منه إلى الآن إلا جزء صغير، مكون من سبعين ألف وثيقة فقط، بالشراكة مع صحيفة الأخبار اللبنانية، المعروفة بكونها من أكثر الصحف عداء للنظام السعودي. وتثبت هذه الوثائق أن السعودية قامت بشراء شبكة من الموالين لها في بلد الأرز.

وبحسب الصحيفة، تشير بعض هذه الوثائق إلى أن سمير جعجع، الزعيم اليميني المسيحي، سعى للحصول على بعض من "كرم المملكة" عام 2012، حيث أرسل رسالة إلى سفير المملكة في لبنان، علي عواد العسيري، يصف فيها قائد القوات اللبنانية الأزمة المالية الخانقة التي يمر بها، ويستجدي العطف قائلا "إنه على وشك العجز عن رواتب حراسه الشخصيين".

وذكرت لوموند أن إجابة السفارة السعودية على هذه الرسالة لم تظهر ضمن الوثائق المسربة، وقد حاولت الاتصال بأحد مستشاري جعجع، ولكنه رفض التحدث حول هذا الأمر. ولكن الصحيفة رجحت أن يكون قد حصل فعلا على التمويل، بالنظر لكثرة زياراته للرياض، وشراسة هجوماته على حزب الله، التي يمثل "الدابة السوداء" للمملكة.

وقالت الصحيفة إن هذه التسريبات السعودية تشير إلى أن ثلاثة وجوه سياسية أخرى، كلها من اليمين المسيحي، وأعضاء في تحالف 14 أذار، ومعارضة لدمشق وطهران، قامت بهذه المحاولات نفسها قبيل الانتخابات التشريعية التي كانت مبرمجة في سنة 2013، والتي تم تأجيلها لسنة 2017؛ على غرار إلياس المر، وزير الداخلية السابق ومالك صحيفة الجمهورية، والمحامي بطرس حرب، مترشح سابق للانتخابات الرئاسية، ودوري شمعون، رئيس حزب الوطنيين الأحرار، ونجل الرئيس السابق ميشال شمعون.

واعتبرت الصحيفة أن تدخل المملكة السعودية في غرف الأخبار ومكاتب التحرير اللبنانية لا يمكن إنكاره، ففي رسالة من ثلاث صفحات موجهة عام 2012 إلى صحيفة السفير، يقوم السفير العسيري بتوبيخ رئيس التحرير طلال سلمان، بعد نشر مقال ينتقد السياسة السعودية في المنطقة، واتهمته الرسالة بأن "شخصيته الشيعية تغطي على حياده كصحفي".

كما نقلت الصحيفة أن السفير السعودي أرسل تعليمات تقضي بمواصلة دعم صحيفة الجمهورية، وصحيفة النهار المحسوبة على اليمين الوسط، والمستقبل التابعة لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري، في مقابل مواصلة هذه الصحف مهاجمة "كل من يشوه صورة المملكة". كما نصت رسالته على مقترح بدعوة سلمان للرياض، لتصحيح الأمور وإعادته للسكة الصحيحة.

وأضافت الصحيفة أن الطريقة ذاتها تم التعامل بها مع بيار ظاهر، مدير قناة "إل بي سي"، حيث تعرض للوم في مراسلة أخرى؛ لأنه سمح ببث تحقيق ينتقد النظام الملكي السعودي. وذهب العسيري في هذه الرسالة إلى حد التهديد بتسليط عقوبات على القناة، عبر سحب عقود الاستشهار الموقعة معها.

كما أشارت إلى وثيقة أخرى، صادرة بتاريخ أيار/ مايو 2012، ومصنفة "سري للغاية"، تبين طلب تمويل تقدمت به محطة إم تي في"، وهي قناة خاصة تابعة لعائلة المر، حيث تقول: "إن المبلغ المطلوب هو عشرون مليون دولار، ولكنه مبالغ فيه نوعا ما، ربما يجب أن ندفع لهم خمسة ملايين فقط".

ونقلت الصحيفة تعقيب الباحث السياسي اللبناني، هلال خشان، على هذه التسريبات، حيث اعتبر أن "الأمر ليس مفاجئا بصورة كبيرة، لأن النظام اللبناني ينخره الفساد في كل مستوياته، ووسائل الإعلام لا تبحث عن توعية المشاهد بقدر ما تبحث عن الربح المادي، لأنها مؤسسات مرتزقة، في حالة تبعية للتمويل الأجنبي".

وفي الختام تساءلت الصحيفة، إذا كان هذا هو الحال مع الصحف الموالية للسعودية، فماذا عن صحيفة الأخبار، التي كشفت هذه الوثائق بالتعاون مع ويكيلكس، والمعروفة بقربها من حزب الله وإيران؟
التعليقات (2)
وطني
الأحد، 28-06-2015 01:22 م
اشترت النخبة ولكنها لم تختطف الدولة والشعب تحت تهديد السلاح وعمل العصابات كما فعلت إيران عن طريق حزب الله والحوثيين من الأخر تعاملت مع طبقة راقية تعرف كيف تتعامل هذه الطبقة مع محيطها وليس زمرة من العصابات لاتفهم سوى لغة الشارع والسلاح . وشراء النخب ليس بفضيحة او عيب هذه طريق متبعة من قديم الازل بين الدول . هذا ما يفعلة الغرب في أفريقيا.
خليل الكبيسي
الجمعة، 26-06-2015 06:09 م
لماذا لا تتناول الصحيفة التوغل الإيراني في لبنان وشرائها لذمم معظم السياسيين ... أم أن لموند عمياء من جهة إيران والشيعة؟؟؟ ... لأن الأموال والدعم الإيراني الشيعي اعماها ؟؟؟؟ عجباً لكم يا دعاة الحياد والنزاهة ؟؟