نددت
فرنسا الأربعاء بتجسس "غير مقبول بين حلفاء"، بعدما كشفت وسائل إعلام فرنسية الثلاثاء، استنادا إلى وثائق سربها موقع ويكيليكس، أن الولايات المتحدة تنصتت على الرئيس الفرنسي
فرنسوا هولاند وسلفيه نيكولا ساركوزي وجاك شيراك.
وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول: "هذا غير مقبول بين حلفاء". وقد أدلى بهذا التصريح قبيل عقد اجتماع طارئ دعا إليه هولاند بمشاركة الوزراء الرئيسيين وكبار مسؤولي القوات المسلحة والاستخبارات في البلاد.
من جهته، أكد البيت الأبيض مساء الثلاثاء، أنه لا يستهدف ولن يستهدف مكالمات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وذلك إثر نشر وثائق أمريكية سرية مسربة تؤكد أن الاستخبارات الأمريكية تنصتت على هولاند وسلفيه نيكولا ساركوزي وجاك شيراك.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي نيد برايس: "نحن لا نستهدف ولن نستهدف اتصالات الرئيس هولاند"، من دون أن يأتي على ذكر عمليات
تنصت قد تكون حصلت في الماضي.
وأضاف: "نحن نعمل بشكل وثيق مع فرنسا على كل المواضيع ذات البعد الدولي، والفرنسيون شركاء أساسيون".
وكشفت وثائق سرية أمريكية سربها موقع ويكيليكس ونشرت في وسائل إعلام فرنسية الثلاثاء، أن الولايات المتحدة تنصتت على آخر ثلاثة رؤساء فرنسيين أقله من 2006 إلى 2012.
وتتضمن هذه الوثائق المصنفة "فائقة السرية" خمسة تقارير لوكالة الأمن القومي الأمريكي تم إعدادها استنادا إلى عمليات "اعتراض اتصالات"، وأوضحت ليبيراسيون أنها كانت موجهة إلى "أوساط الاستخبارات" الأمريكية ومسؤولين في وكالة الأمن القومي.
ويعود تاريخ أحدث هذه التقارير الخمسة إلى 22 أيار/ مايو 2012، أي بعد بضعة أيام من تولي فرنسوا هولاند مهام الرئاسة، وهو يفيد بأن الرئيس الفرنسي "وافق على عقد اجتماعات سرية في باريس لمناقشة أزمة منطقة اليورو وعلى الأخص عواقب خروج محتمل لليونان من منطقة اليورو".
وكتبت وكالة الأمن القومي أن الرئيس الفرنسي وجد أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي التقاها في برلين يوم تنصيبه في 15 أيار/ مايو 2012 "تخلت (عن اليونان) وهي غير مستعدة لتقديم أي تنازل"، مضيفة أن "هذا جعل هولاند قلقا جدا على اليونان وعلى الشعب اليوناني الذي قد يرد بالتصويت لصالح حزب متطرف".
ومما كشفته الوثائق أيضا أن هولاند وبعدما التقى ميركل، اتصل بزعيم الحزب الاشتراكي الديموقراطي سيغمار غابريال ودعاه إلى باريس لإجراء مناقشات. ونصحه رئيس الوزراء آنذاك جان مارك آيرولت بإبقاء الموضوع سريا لتفادي "مشكلات دبلوماسية" إذا ما علمت المستشارة أن باريس تلتقي المعارضة الألمانية من غير علمها.
وأعدت الوكالة عام 2008 تقريرا بعنوان "ساركوزي يرى نفسه الوحيد القادر على تسوية الأزمة المالية العالمية"، وكتبت فيه أن الرئيس الفرنسي السابق "يعزو الكثير من المشكلات الاقتصادية الحالية إلى أخطاء ارتكبتها الحكومة الأمريكية، لكنه يعتقد أن واشنطن باتت تأخذ الآن ببعض نصائحه".
وجاء في التقرير أنه "برأيه أنها أول مرة لم تتصرف فيها الولايات المتحدة كزعيمة في إدارة أزمة عالمية وأن فرنسا ستتولى زمام المبادرة"، معتبرا أنه "الوحيد بفعل الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي القادر على خوض المعركة في الوقت الراهن".
وأكدت الوثائق أن ساركوزي فكر أيضا في التوجه إلى الرئيس الروسي آنذاك ديمتري مدفيديف، من أجل إطلاق "مبادرة مشتركة محتملة" في الشرق الأوسط "بدون الولايات المتحدة".
وفي 24 آذار/ مارس 2010، نقلت وكالة الأمن القومي محضر حديث جرى بين السفير الفرنسي في واشنطن بيار فيمون والمستشار الدبلوماسي لساركوزي في الإليزيه جان دافيد ليفيت، تناول المواضيع التي يود الرئيس بحثها خلال لقائه المقرر مع باراك أوباما في 31 آذار/ مارس من تلك السنة.
وكتب موقع ميديابارت أن "الحديث يثبت أن باريس مدركة تماما للتنصت الأمريكي".
ولم يبد ليفت "دهشة" في اتصال أجراه معه موقع ميديابارت، وقال: "حين كنت سفيرا في الأمم المتحدة ثم في واشنطن ثم في سياق مهامي في قصر الإليزيه، انطلقت على الدوام من مبدأ أنني خاضع للتنصت. هذا ملازم للمنصب. وبعدما نفهم ذلك، نكيف ممارساتنا معه".
وكان المستشار السابق لدى الوكالة إدوارد سنودن، سرب معلومات عام 2013 كشفت عن نظام واسع النطاق تطبقه وكالة الأمن القومي لمراقبة الاتصالات الهاتفية والإنترنت، ولا سيما الاتصالات في ألمانيا وصولا حتى إلى الهاتف الجوال الخاص بميركل، وذلك على مدى سنوات.
وكشفت هذه المعلومات الجديدة بعد أسابيع قليلة على توقيع أوباما قانونا أقره مجلس الشيوخ يحد من برنامج الوكالة لجمع بيانات الاتصالات الهاتفية (ساعة الاتصال ومدته والرقم المطلوب)، وهو الإجراء الأكثر عرضة للانتقاد من بين تدابير المراقبة التي أقرت بموجب قانون مكافحة الإرهاب (باتريوت آكت) الصادر بعد اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر 2001.