عزز تنظيم الدولة قبضته على مساحة واسعة من الأراضي الممتدة على جانبي الحدود العراقية والسورية بعد سيطرته على آخر معبر حدودي بين البلدين غداة الاستيلاء على مدينة
تدمر التاريخية الأثرية في وسط
سوريا.
على جبهة أخرى، وبعد نحو شهر تقريبا من سيطرتهم على مدينة
جسر الشغور في محافظة إدلب (شمال غرب)، سيطر مقاتلو جبهة النصرة وكتائب إسلامية، الجمعة، على المشفى الوطني، حيث كان يتحصن 150 جنديا ومسلحا مواليا للنظام.
وخسرت قوات النظام آخر المعابر مع العراق بعد سيطرة تنظيم الدولة مساء الجمعة على معبر الوليد الحدودي المعروف بمعبر التنف في البادية السورية.
وبذلك، باتت كل المعابر الحدودية مع العراق خارج سلطة النظام؛ إذ يخضع معبر البوكمال في ريف دير الزور (شرق) لسيطرة التنظيم أيضا، فيما يخضع معبر اليعربية (تل كوجر) في الحسكة (شمال شرق) لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.
وفتحت سيطرة التنظيم الجهادي، الخميس، على مدينة تدمر الأثرية المدرجة على لائحة التراث العالمي، والواقعة في محافظة حمص (وسط)، الطريق له نحو البادية، وصولا إلى الحدود العراقية، حيث معبر تنف. وتمكن من الاستيلاء على عدد من النقاط والمواقع العسكرية في المنطقة.
وقال المرصد في بريد إلكتروني الجمعة إن "تنظيم الدولة الإسلامية سيطر على محطة (ت 3) الواقعة في ريف تدمر، عقب انسحاب قوات النظام والمسلحين الموالين لها منها".
ويستخدم فوج من حرس الحدود هذه المحطة المخصصة أساسا لضخ النفط على خط كركوك بانياس بصفة مقر عسكري، وفق المرصد.
وتشهد منطقة تدمر اشتباكات بين قوات النظام والجهاديين منذ 13 أيار/ مايو. وسيطر التنظيم قبل الوصول إلى تدمر على بلدة السخنة وعلى حقلي الهيل والأرك للغاز وقرية العامرية.
وأفاد المرصد، الجمعة، بسيطرة التنظيم على حقل جزل للغاز بالقرب من حقل شاعر في ريف حمص الشرقي، وذلك بعد اشتباكات استمرت ثلاثة أيام، وتسببت بمقتل 48 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
ويشكل حقل جزل امتدادا لحقل شاعر الخاضع لسيطرة قوات النظام.
وبات التنظيم الجهادي يسيطر على الغالبية الساحقة من حقول النفط والغاز في سوريا، فيما تسيطر وحدات حماية الشعب الكردية على حقول رميلان في ريف الحسكة.
ووفق المرصد، يسيطر التنظيم اليوم على أكثر من 95 ألف كلم مربع من مساحة سوريا، أي ما يوازي نصف مساحة البلد، وإن كانت هذه المساحة لا تضم الغالبية السكانية.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن "سيطرة التنظيم على نصف مساحة سوريا تعني أن النظام لا يمسك إلا بـ22 في المائة فقط من المساحة المتبقية"، فيما تخضع المناطق الأخرى لسيطرة فصائل المعارضة أو جبهة النصرة والكتائب الإسلامية المتحالفة معها.
وأكدت الحكومة السورية المؤقتة المعارضة من جهتها الجمعة أن النظام "لم يعد يسيطر إلا على مساحة لا تتعدى ربع مساحة الأراضي الحيوية في سوريا".
وبحسب مدير مركز "آي اتش اس جاينز" للبحوث حول الإرهاب وحركات التمرد ماثيو هنمان، يمكن لتنظيم الدولة أن يستخدم مدينة تدمر "لشن هجمات باتجاه حمص ودمشق" اللتين تعدان من أبرز معاقل النظام في عمق سوريا.
من جهة أخرى، أعلنت الجمعية الكاثوليكية الفرنسية لمساعدة مسيحيي الشرق الجمعة أن ثلاثة مسلحين مقنعين خطفوا الخميس الأب جاك مراد، وهو رئيس دير في بلدة القريتين قرب تدمر، واحد معاونيه.
وقال الأب كميل سمعان، من مطرانية السريان الكاثوليك في بيروت: "لا نعرف إذا كان داعش أو جبهة النصرة أو الجيش الحر أو النظام أو عصابة اختطفته".
وتعرض عدد من الكهنة للخطف منذ اندلاع النزاع عام 2011، أبرزهم الكاهن الإيطالي باولو دالوليو الذي خطف عام 2013 في الرقة، ولم يعرف مصيره بعد. وقتل مسلحون في نيسان/ أبريل 2014 راهبا هولنديا يدعى فرانز فان در لوغت كان يعيش في حمص منذ عقود.
في شمال غرب سوريا، سيطرت جبهة النصرة وفصائل إسلامية على المشفى الوطني عند الأطراف الجنوبية الغربية لمدينة جسر الشغور بعد اشتباكات عنيفة مع عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لهم الذين كانوا محاصرين في الداخل منذ سقوط المدينة قبل حوالي شهر.
وقال عبد الرحمن إن "العشرات من المحاصرين تمكنوا من الفرار، بينما قتل عدد من عناصر قوات النظام داخل المشفى وخارجه، وتم أسر غيرهم، ولم يعرف مصير الآخرين".
ونقل التلفزيون السوري من جهته عن مصدر عسكري قوله إن جنوده تمكنوا من "فك الطوق" عن المشفى.
وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، مساء الجمعة، أن الرئيس السوري بشار الأسد أجرى اتصالا بـ"قائد أبطال مشفى جسر الشغور"، ونقلت قوله: "صمدتم وقاومتم؛ لأنكم لا تعرفون الهزيمة ولا الاستسلام".
وأضاف: "ثقتكم بالله وبرفاقكم في الجيش العربي السوري بأنهم قادمون لفك الحصار عنكم تدل على ماهية هذا الجيش وعقيدته".
وفي حلب (شمال)، أفاد المرصد الجمعة "بمقتل 11 مواطنة على الأقل، بينهن ثلاث فتيات، جراء قصف ببرميلين متفجرين وقصف من قبل قوات النظام على بلدة عندان بريف حلب الشمالي". وأشار إلى "وجود جرحى في حالات خطرة".
وتقصف قوات النظام بانتظام المناطق الخاضعة لسيطرة كتائب المعارضة في مدينة حلب وريفها، فيما تقصف كتائب المعارضة مناطق النظام بالقذائف.
سياسيا، يبدو أن التطورات الأمنية المتسارعة حركت مجددا المبادرات الدبلوماسية.
ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا
هولاند، الجمعة، على هامش قمة للاتحاد الأوروبي في لاتفيا "إلى الإعداد لقمّة جديدة في جنيف" من أجل محاولة إيجاد حل للنزاع السوري الذي تسبب خلال أربعة أعوام بمقتل أكثر من 220 ألف شخص.