شهدت
مصر كارثة بيئية جديدة، بعدما غرقت ناقلة نهرية محملة بنحو 500 طن من مادة
الفوسفات، عقب اصطدامها بأعمدة أحد الجسور فوق نهر
النيل بالقرب من مدينة قنا جنوب مصر.
ونجا طاقم الناقلة التابعة للقوات المسلحة والمكون من أربعة أشخاص من الموت، فيما سقطت حمولتها بالكامل في مياه النيل.
وفي ظل شكاوى الملايين في مصر منذ سنوات طويلة من تلوث مياه الشرب، تأتي هذه الواقعة لتزيد من متاعب المصريين مع هذا المرفق الحيوي، ويضاف إلى مياه النيل الملوثة تلوث إضافي.
وبعد أن فشلت الحكومة في التكتم على هذه الكارثة، حاولت التهوين من الأضرار المتوقعة للحادث وأرسل مسؤولوها عددا من رسائل الطمأنة للمصريين، وأكدت ذهاب مسؤولين من الوزارات المعنية إلى مكان الحادث لمحاولة انتشال الناقلة، والتقليل من الآثار الضارة المترتبة.
غلق محطات المياه
وأعلنت شركة مياه الشرب غلق خمس محطات للشرب في المنطقة التى غرقت بها الناقلة - كإجراء احترازي - وتم أخذ عينات من المياه لفحصها والتأكد من سلامتها.
وفي محاولة لطمأنة المواطنين الخائفين من تأثير هذه المادة على المياه، أكد العميد محيي الصيرفي، المتحدث باسم شركة مياه الشرب، أن الفوسفات مادة رسوبية تستقر في قاع النهر مباشرة بمجرد وقوعها في المياه وهي بطيئة التحرك داخل المياه.
وأضاف الصيرفي أن مآخذ محطات المياه في النيل تنقل المياه من منطقة بعيدة عن التلوث، مشيرا إلى أنه تم مضاعفة إجراءات تنقية المياه وزيادة نسبة مادة الكلور للقضاء على أي ملوثات قد تتواجد فيها.
وأعلن الدكتور حسام مغازي، وزير الري، حالة الطوارئ القصوى، وقرر تشكيل غرفة عمليات لمتابعة حالة مياه النيل على مدار الساعة، والتعامل مع أي مستجدات، وقرر خالد فهمي، وزير البيئة، تشكيل لجنة لمتابعة الحادث واتخاذ الإجراءات اللازمة، وتحرير محضر ضد الشركة المتسببة في الحادث،
كما أنه طالب الهيئة العامة للبترول بالتعامل مع أي تلوث قد ينجم عن الحادث.
وأكد اللواء عبد الحميد الهجان، محافظ قنا، أن الحادث لم تنتج عنه أي أضرار بيئية، موضحا أن جميع عينات المياه التي تم أخذها من موقع الحادث ثبتت صلاحيتها للاستخدام الآدمي بعد فحصها من قبل معامل وزارتي الصحة والبيئة.
وفي وقت لاحق الثلاثاء، أعلن اللواء هاني ضاحي، رئيس شركة مياه الشرب بقنا، إعادة فتح جميع محطات المياه بعد التأكد من صلاحية المياه في المحافظة.
الأمراض تنهش أجساد الغلابة
يأتي هذا فيما نشر نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي على الإنترنت تعليقات تعكس قدرا كبيرا من الخوف من آثار هذه الكارثة البيئية على صحة المصريين.
وأكد النشطاء أن أجهزة الدولة ستفشل في التصدي لهذه الكارثة كما فشلت في العقود الأخيرة في مواجهة مشكلات أقل منها بكثير، وسيلجأ الأثرياء وكبار المسؤولين في الحكومة إلى تناول المياه المعدنية وشراء المنتجات الزراعية المستوردة الخالية من الملوثات، تاركين ملايين المواطنين "الغلابة" لتنهش الأمراض أجسادهم.
وحذر خبراء من خطورة هذه الواقعة على سلامة الأسماك التي يتم صيدها من النيل وتباع في الأسواق بدون أي رقابة أو اختبارات صحية من جانب الحكومة، مع تزايد المخاوف من انتقال هذا التلوث إلى المحاصيل الزراعية التي يتم ريها بمياه النيل وما يترتب على ذلك من تفاقم للأمراض الخطيرة.
وقالوا إن وجود هذه الكميات الهائلة من مادة الفوسفات في مياه النيل يجعلها تصل إلى درجة السمية، وقد تؤدي إلى وفاة من يشربها بسبب احتواء مركبات الفوسفات على مواد سامة وبالغة الخطورة على حياة الإنسان، مثل الرصاص واليورانيوم والكادميوم.
ودشن نشطاء هاشتاغا حول الواقعة بعنوان "#لا_تشرب_من_النيل" للتحذير من خطورة المياه، وطالبوا بشرب المياه المعدنية أو مياه الآبار لتجنب الإصابة بالأمراض الخطيرة، أو الهجرة من مصر فورا.