قضايا وآراء

ماذا بعد الضربة الجوية وما هي المسارات أمام عاصفة الحزم؟

وائل شديد
1300x600
1300x600
في مبادرة تعدّ انتفاضة في الاستراتيجية السعودية حين بدأت بحملة قصف جوي باسم عاصفة الحزم، وحشدت السعودية حولها مجموعة من الحلفاء العرب والإقليمين، وبالفعل نفذت طائرات عاصفة الحزم عددا كبيرا من الغارات الجوية المؤثرة ضد تحالف الحوثي المدعوم إيرانيا وحليفه علي عبدالله صالح.

ولقد مضى على عاصفة الحزم أكثر من عشرين يوما. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا ماذا بعد الضربة الجوية؟ وكيف سينتهي الأمر؟ وما هي الخيارات أمام قيادة عاصفة الحزم؟  

المعطيات الاستراتيجية

توقع الولايات المتحدة الأمريكية مع إيران في نيسان/ أبريل 2015 الاتفاقية الخاصة بالملف النووي الإيراني، لتنهي عهدا من المشادات الخشنة بينهما، وفي المقابل تنهي إيران أكثر من عقد من الحصار.

يعكس الاتفاق الأمريكي الإيراني حول الملف النووي الإيراني صراع أجنحة في الداخل الإيراني، بين جناح يريد أن يمتد ويتسع ويصدر الثورة ويقلب أنظمة ويسيطر على المشرق العربي، وبين جناح يرى في الملف النووي هدرا لأموال طائلة وعزلة دولية ومقاطعة وحرمان من التدفق المالي الكبير من النفط، وخطأ استراتيجيا يحد إيران من التقدم والازدهار وتكوين دولة تضاهي الدول المتقدمة. 

واذا نجح إتمام الاتفاق، وهو سائر على هذا النهج، فان تيار الإصلاح سيحقق نصرا على المحافظين ونصرا في نظرته الاستراتيجية التي قد تحرج خامنئي (المرشد الروحي) الذي حلم مع المحافظين بسيطرة على المنطقة. 

أما الولايات المتحدة الأمريكية، فهي ما فتئت تبحث عن مصالحها أينما وجدت، فهي تصول وتجول في المنطقة وخاصة بعد عام  1990 دون اعتبار جاد وحقيقي لمصالح حلفائها العرب. ينتهي المطاف بالولايات المتحدة لتعقد اتفاقا مع الإيرانيين في إشارة واضحة إلى التعامل مع إيران كطرف استراتيجي فاعل في المنطقة وصاحب رؤية واضحة وعازم على إحقاقها، بينما تبيع الاستراتيجية الأمريكية حلفائها العرب في سوق مصالحها الاستراتيجية وتمرر مصالحها على أكتافهم بالرغم من التصريحات الرسمية الأمريكية الواعدة بعدم التخلي. 

كما أن عاصفة الحزم تأتي في بيئة عربية مضطربة لم يسبق لها مثيل من حيث الديناميكية العالية والمفاجآت، وثورات الربيع العربي التي أسقطت أنظمة وتخلخل أخرى، والثورات المضادة التي تعيد إنتاج الدولة العميقة بشخوص جديدة، وتدخلات إقليمية ودولية في الشأن العربي من العراق شرقا إلى ليبيا غربا. 

كما تأتي عاصفة الحزم كانتفاضة في الاستراتيجية السعودية بعد عقود من فقدان زمام المبادرة وفقدان التوازن والجمود والتيه الجيواستراتيجي في المنطقة العربية. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه حاليا: ماذا بعد القصف الجوي؟ وكيف سيتطور الموقف السعودي في هذا التعقيد؟ وما توقع ردة الفعل الإيرانية؟ 
 
لاشك أن التوقعات الدقيقة والقدرة على الجزم أمر صعب في مثل هذه التعقيدات التي يغلب عليها صعوبة التنبؤ (unpredictability) وصعوبة الجزم والتأكيد (uncertainty) على مسار الأحداث وتطور الاستراتيجيات. 

في عاصفة الحزم والتعقيد اليمني، هناك أطراف رئيسية ومجموعة من أصحاب الشأن على رأسهم السعودية وحلفائها، والحوثي وحليفه على عبدالله صالح وايران، والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبعض الأطراف الدولية الأخرى. وستركز المقالة على ردة الفعل السعودية والإيرانية بشكل خاص.

ردة فعل إيران وحلفائها على الأرض.

أظهر الاتفاق الإيراني الأمريكي حول الملف النووي انتصار التيار الإصلاحي على التيار المتشدد مما يتوقع أن يوجد فرصة مؤقتة نحو تخفيف حدة التدخل الإيراني الرسمي في الشأن اليمني. ولما كان الحرس الثوري الإيراني هو المشرف المباشر على توجيه الحلفاء والأذرع الاستراتيجية الموالية لإيران في مناطق المجال الاستراتيجي الإيراني الخارجي، فإن الحرس الثوري يتحرك على الأرض، في أحيان كثيرة، بعيدا عن وزارة الخارجية الإيرانية. 

وبالتالي فإن توجيه الحوثي في الشأن اليمني سيبقى بيد الحرس الثوري الذي سيعمل جنرالاته على اتجاهين عسكري وغير عسكري. ففي الجانب العسكري سيعملون على إرسال قيادات عسكرية كخبراء لإدارة المعركة من خلف الستار. وسيعمل هؤلاء على توريط السعودية أكثر واكثر باتجاه جرها للدخول البري على الأرض من خلال استفزازات حدودية محرجة للسعودية. كما سيعملون على امتصاص الضربات الجوية من أجل تخفيف آثارها التدميرية واللجوء إلى الجبال والأماكن الوعرة للاحتماء، وسيحاولون السيطرة على اكبر عدد من المدن الرئيسية. 

إضافة إلى قصف المدنيين في المدن والقرى لتحقيق عدد كبير من الإصابات في صفوفهم، مع تشجيع المدنيين للخروج من المدن خوفا من القصف ومن ثم تشكيل حالة إنسانية تستخدم إعلاميا ضد عاصفة الحزم، وسيتم تصوير هذا اللجوء الإنساني على أنه بسبب القصف السعودي. وسيعمل صالح مع الحوثي على الاحتفاظ بالمناطق الرئيسية والمطارات والعاصمة صنعاء وسيحاولون السيطرة على مناطق النفط في مأرب، مع السيطرة على عقد الموصلات والموانئ والمطارات. 

ومن المتوقع أن يحرصوا على استمرار التنسيق مع الأمريكان في محاربة القاعدة وبالتالي ضمان استمرار الاتصال مع الأمريكان مقابل تحقيق مصلحة أمريكية في مواجهة القاعدة. وسيعملون على الاحتفاظ بمساحات واسعة من الأراضي ذات طبيعة جغرافية صعبة على الثوار أن يصلوا إليها، مع فرض سيطرتهم على هذه المساحات لإثبات حضورهم السياسي على الأرض ضمن مساحات جغرافية معتبرة. 

إضافة إلى محاولتهم إطالة أمد الصراع لإحراج السعودية التي قد لا تكون مستعدة أو لم تخطط لمواجهة طويلة وبالتالي إرباك الاستراتيجية السعودية وإحراجها مع مرور الزمن والتعويل على تطوير توجه محلي يمني وإقليمي ودولي مضاد لعاصفة الحزم.

أما في جانب الإجراءات غير العسكرية فسيعمل الحوثي مع على عبدالله صالح على شراء ذمم اكبر عدد من القبائل لإبطال مفعول هذا العنصر لتحجيم التحالف السعودي من استغلاله. وسيعمل صالح والحوثي على استمالة المكون الزيدي وعوائل من آل البيت لجانبهم محدثين خلخلة في الولاءات الديمغرافية. 

وسيوجدون حلفاء من الزعامات اليسارية الاشتراكية القديمة في اليمن الجنوبي من خلال وعود لإشراكهم في السلطة والحكم عند الفوز. إضافة إلى تطوير تحالف مع روسيا بالتعاون مع إيران مقابل تحقيق مصالح روسية في اليمن على غرار قواعد عسكرية بحرية.

ومن المتوقع أن تفتح خطوط للتفاهم مع بعض الدول المشتركة في التحالف لزعزعة تماسك هذا التحالف من خلال إغراءات بمساعدات مالية، أو التخويف من قلاقل داخلية، إضافة إلى تفعيل بعض وسائل الإعلام في بعض دول التحالف للتحريض ضد التحالف مع السعودية. كذلك التنسيق مع مجموعات من المثقفين للحديث عن سلبية التحالف السعودي وبالتالي ضعضعة الصف الداخلي في بلدان التحالف. 

توقعات مسارات الاستراتيجية السعودية

من المعلوم لكل استراتيجي وعسكري وسياسي أن القصف الجوي إن لم يكن مصحوبا بتواجد على الأرض يستثمر هذا القصف ويحرر أرضا، فإن ما يطلق عليهم المتمردين سرعان ما سيعودون مرة أخرى (وإن كانت الإصابات قد نالت منهم) ولكنهم يعودون للظهور ثانية. وخصوصا أن هذه العاصفة ضد حليف سابق وهو على عبدالله صالح الذي انقلب على من ناصره. 

هذا الصديق الحميم السابق والعدو اللدود الحالي يملك من السلاح والعتاد والمال وأدوات الفتنة الطائفية ما يساعده على البقاء لفترة طويلة نسبيا.

نتائج عاصفة الحزم إلى الآن
 
ما قامت به عاصفة الحزم إلى الآن هو توجيه ضربات مؤثرة لمنصات الصواريخ البالستية المتوقع توجيهها باتجاه الأراضي السعودية، إضافة إلى تعطيل المطارات العسكرية وتدمير ما امكن من الطائرات المقاتلة. هذا الإجراء الوقائي يهدف إلى تدمير أي وسائل قتالية فاعلة وإخراج الأسلحة بعيدة المدى من اللعبة العسكرية لتأمين الأراضي السعودية من مثل هذه الأسلحة. 

ثم قامت عاصفة الحزم بقصف مخازن التسليح واللوجست والمعسكرات لحرمان صالح والحوثي من اكبر قدر من العتاد والذخائر في محاولة لشل قدراتهم العسكرية. ثم انتقلت إلى ضرب تقدم ميليشيات الحوثي وقوات صالح لمنعهم من القدرة على المناورة ولمنعهم من فرصة التوسع والتمدد الجغرافي على الأرض. 

وقامت بإنزال مجموعة من الأسلحة الخفيفة المحدودة على الثوار في محاولة لرفع معنوياتهم وتثبيتهم على الأرض وتشجيعهم على الدفاع عن المدن.  ولكن الضربات الجوية مهما كانت ناجحة لا يمكن أن تؤدي إلى مكاسب على الأرض إلا في حالة حدوث انهيار كلي للقوات نتيجة هذه الضربات وهذا أمر قد يكون مستبعدا في الفترة الحالية أو في الأسابيع القادمة بسبب الدعم المعنوي والمادي المقدم من إيران وروسيا للحوثي ولصالح مشفوعا بدعم غير منظور من أطراف أخرى. 

وإذا كان تصور عاصفة الحزم أن الضربات الجوية ستجبر الحوثي وصالح على الجلوس على طاولة المفاوضات تمهيدا لبدء حل سلمي في اليمن، فإن هذا التصور، إن كان هو المخطط له، يحتاج إلى توفر مجموعة شروط لتحقيقه منها: انزال ضربات موجعة ومؤثرة في الآلة العسكرية لصالح والحوثي، وحرمانهم من المناورة على الأرض، وتقليص أو تخليص مساحات كبيرة ومحافظات عديدة من سيطرة الحوثي وصالح وحصرهما في مساحات جغرافية محدودة، ومنها انشقاق كتلة حرجة من الجيش عن صالح أو على الأقل تحييد انفسهم، وفي التقدير الأولي فان هذه الكتلة الحرجة لا تقل عن 30% من مكونات الجيش اليمني بما فيه الحرس الجمهوري. 

ومن المتوقع أن الوصول إلى هذه النتيجة لا يبدو متاحا في الأيام القادمة خصوصا أنه لاتوجد قوات قادرة على تخليص مساحات كبيرة  ومحافظات من قبضة صالح والحوثي. 

في المنطق العسكري ومن أجل هزيمة الخصم فانه لابد من تحطيم إرادته القتالية وتدمير آلته العسكرية. وفي هذه المواجهة الحالية فانه لابد من التواجد على الأرض لتحقيق الثمار المرجوة. وهنا تقف السعودية أمام مفترق طريقين، فهي إما أن تنزل بقوات سعودية على الأرض، وإما أن تدعم قوات يمنية من الداخل اليمني. 

أما الخيار الأول وهو النزول السعودي على الأرض وله أشكال مختلفة، سواء كان نزولا سعوديا بحتا أم نزولا سعوديا مع قوات من حلفائها الحاليين إضافة إلى اليمنيين الثائرين في الداخل. هذا الاحتمال سيكون مكلفا بكل المعايير. فهو ماليا باهظ التكاليف حيث ستدفعها السعودية لكل الحلفاء المشاركين لها (عدا الخليجيين) وخصوصا أنهم من فئة المحتاجين، فالنظام في مصر يبحث عن ممولين، والسودان مازال في فاقة اقتصادية، والأردن غني عن تعريف حاجته وفاقته المعهودة (نسبة من دخلهم أقل من دولارين في اليوم 25.2% في مصر و 14.4% في الأردن و46.5% في السودان).

إن النزول السعودي على الأرض سيكون في التقدير الاستراتيجي الأولي خطأ فادحا سواء كان سعوديا بحتا أو مشتركا مع مجموعة حلفاء من المحتاجين ماديا غير المستقرين سياسيا. ثم أن هذا ما تتمناه دول الغرب لتفتح سوق السلاح ولتبدأ حملات بيعه بمبالغ باهظة. 

أما الخيار الثاني وهو دعم اليمنيين الثائرين وتكوين تشكيلات قادرة على التحرك على الأرض وعارفة بطبيعتها وقدرتها على المناورة لاستثمار نتائج القصف الجوي. لكن هذا الخيار يقف أمامه مشكلات عديدة أمام صانع الاستراتيجية السعودية. 

فالطبوغرافيا السياسية اليمنية توضح وجود ثلاثة مكونات وهي القبائل والإسلاميون والثوار الوطنيون في المدن الرئيسية. أما القبائل فإن السعودية قادرة على تمويلهم وجرهم لجهتها، إلا أن هناك مشكلتان رئيسيتنا تواجهان التعامل مع القبائل. أولها أن القبائل ممكن أن تنجح في مناطقها ولكن مناورتها ستكون ضعيفة في خارج مناطقها وبالتالي فإن السيطرة على المدن الرئيسية ستكون صعبة على القبائل، كما أن القبائل تحتاج إلى رصد توجهاتها وتقلباتها خصوصا أن صالح يستطيع شراء بعض الولاءات أيضا. 

كما أنه بالإمكان دعم الثوار في المدن وممكن أن تسمح الولايات المتحدة بذلك طالما أنهم بعيدين عن القاعدة، ولكن مشكلتهم أنهم غير مدربين ويحتاجون للتوجيه والتدريب والتأطير وهذا سيستغرق وقتا طويلا، وبالتالي لا يعول عليهم حاليا. ويبقى الخيار الثالث وهو الإسلاميون ويأتي على رأسهم الإصلاح (الإسلام السياسي) فهم الأجود تنظيما والأكثر عددا والأكثر انتشارا خصوصا في المدن الرئيسية والأقدر على رأب صدع الفتنة خصوصا بين المكون الشافعي واليزيدي، وممكن أن يقودوا حسما على الأرض. 

وتأتي هنا عقدة الاستراتيجية السعودية في التعامل مع الإسلاميين من جهتين. الجهة الأولى وهي الموافقة الأمريكية والتي سترفض مثل هذا التوجه وهنا ستكون قدرة الاستراتيجية السعودية على المحك. بمعنى آخر، هل تستطيع الاستراتيجية السعودية فرض نفسها على التوجه الأمريكي المضاد باعتبار أن هذه مصلحة سعودية عربية، أم أن صانع الاستراتيجية السعودية سيضعف أمام هذا التوجه الأمريكي الرافض للتعامل مع الإسلام السياسي. خصوصا أن الأمريكيين هم المزودون بالذخائر والسلاح والاستخبارات. 

إضافة إلى أن القاعدة التي تقاتل الحوثي من فترة ستظهر وكأنها في صف السعودية وهذا سيسبب حرجا للموقف السعودي العام أمام الولايات المتحدة التي كانت تنسق قبل أسابيع مع الحوثي في مواجهة القاعدة. 

إذا ستكون الاستراتيجية السعودية أمام موقف حرج فهي إما أن تصر على أن مصالحها ومصالح المنطقة تقتضي التحالف مع المكونات الشعبية في اليمن ومنهم الإسلاميون، وهذا أضمن للنجاح وأرجح بكثير من التدخل السعودي البري، وإما أن تستجيب للضغط الأمريكي وتكتفي بالتنسيق مع القبائل وبعض التوجهات الثورية المحدودة، وهي بذلك تتجه نحو إطالة المواجهة في اليمن، ونحو استنزاف معداتها وذخائرها ودفع أثمان باهظة واستنزاف مواردها المالية، وربما تدحرج الأمور السياسية نحو تعقيد غير متوقع، وبالتالي تتجه نحو عدم وضوح الرؤية في كيفية الإنهاء والخروج من هذه الأزمة، أي أن استراتيجية الخروج ستكون غير واضحة المعالم مما يؤدي إلى مزيد من التورط غير معروف النهاية. 

لقد لعبت إيران في المنطقة بكل ذكاء حيث صنعت لها الحلفاء على الأرض من أهل المنطقة العربية من خلال دعم واستيعاب جميع التشكيلات ومكونات الطبغرافية السياسية في كل بلد تتعامل معه. فها هي تستوعب المكونات الشيعية العراقية ذات التوجه الديني وغير الديني على جود الاختلاف بين كل هذه المكونات، وها هي تستوعب مكونات الطبوغرافيا السياسية الشيعية في لبنان وسوريا واليمن ناهيك عن باقي الدول الأخرى.

هذا الخيار الاستراتيجي المتمثل في التحالف مع المكونات الشعبية اليمنية من قبائل وإسلاميين ووطنيين ضمن تحالف صادق يدار من غرفة عمليات مشتركة ينبغي أن يكون هو الخيار الأول في قادم الأيام.

إن الذي سيحقق الحسم هو التحالف الحقيقي مع مكونات الطبوغرافيا السياسية اليمنية المتواجدة على الأرض وعلى راسهم القبائل والإسلاميين وليس القصف الجوي وحده.
التعليقات (0)