يتوقع أن يكون الرئيس
اليمني المقبل في فترة لن تتجاوز الثلاثة أشهر.
يوصف بأنه شخصية توافقية وغير مرفوضة من قبل جماعة "أنصار الله" الحوثية والمخلوع علي عبدالله صالح بحسب تصريحاتهم المعلنة، فهو لم يغادر إقامته الجبرية التي فرضها "الحوثيون" عليه في صنعاء خلسة، على عكس الرئيس عبدربه منصور هادي، وإنما بشكل معلن بعد اعتذار رسمي من قبل جماعة "الحوثي" له.
يحظى بعلاقات طيبة مع الكثير من الجهات المحلية والدولية ورجال أعمال خليجيين، ويتوقع الكثيرون أن ينجح في تعزيز ثقة اليمنيين في " قيادتهم الشرعية"، بعد أن كانت قد اهتزت في الرئيس هادي، الذي يُنظر إليه من قبل شرائح واسعة في البلد كمتساهل مع "
الحوثيين" قبل اجتياحهم للعاصمة وإطاحتهم به وبـ"الحكومة الشرعية" والعملية السياسية ككل.
خالد محفوظ
بحاح المولود عام 1965 بمنطقة الديس الشرقية بمحافظة حضرموت، تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي بمحافظة عدن، وحصل على الماجستير من جامعة بونا الهندية في إدارة الأعمال والبنوك عام 1992.
التحق عقب تخرجه عام 1992، بشركة نكسن الكندية للبترول، وعمل في عدة وظائف عليا بمجالات متعددة منها: التخطيط، المشاريع المشتركة، الموارد البشرية، الميزانيات، وعدد من الوظائف المالية والمحاسبية.
وفي الفترة ما بين عامي 2005 و2006، عمل مديرا لمكتب مشروع الشركة العربية اليمنية للأسمنت (مشروع مصنع أسمنت حضرموت).
عين ثلاث مرات وزيرا للنفط والمعادن في حكومة عبدالقادر باجمال عام 2006 وحكومة علي محمد مجور من عام 2007 وحتى عام 2008 حين عُين سفيرا لليمن لدى كندا .
عاد بعدها وزيرا للنفط والمعادن في حكومة محمد باسندوة في عام 2014.
ولم يستمر طويلا مع باسندوة فقد عين في حزيران/ يونيو عام 2014 مندوبا لليمن في الأمم المتحدة.
وعقب استقالة باسندوة في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2014 والتوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية، وبعد رفض "الحوثيين" و"حزب المؤتمر الشعبي" تسمية مدير مكتب الرئيس أحمد بن مبارك رئيسا للوزرا، كان اسم بحاح من بين ثلاثة أسماء اقترحها "الحوثيون".
وحصلت حكومة بحاح على ثقة البرلمان اليمني بعد تعهدها بمجموعة من توصيات البرلمان، تضمنت سرعة إنجاز الدستور، وإجراء انتخابات رئاسية، والعمل على رفع العقوبات الدولية.
وجاء منح الثقة للحكومة عقب ساعات من تلويح بحاح باستقالته بعد مداهمة "حوثيين" لمؤسسات الدولة، وعزلهم الموظفين الحكوميين.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عنه قوله إن حكومته "مستعدة للانسحاب إذا كان الطرف الآخر مستعدا لتحمل المسؤولية"، في إشارة إلى "الحوثيين". وأضاف أنه "لن يؤيد إراقة الدماء"، ولن يتسامح مع "أي مشروع غير المشروع الدستوري والقانوني لإدارة الدولة".
وفي تلك الأثناء أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، جمال بن عمر، أن كافة المكونات السياسية في اليمن وقعت على الوثيقة التي تحصر عملية اختيار الوزراء الجدد بهادي وبحاح. وينص الاتفاق، أن تشكل الحكومة وفقا لاتفاق السلم والشراكة الوطنية، يكون في سياق المعايير والآليات البعيدة عن المحاصصة بين مختلف المكونات.
وتعهد الموقعون على الوثيقة، بمن فيهم ممثل جماعة "الحوثي"، بعدم الطعن في أي تشكيلة حكومية يعلن عنها هادي و بحاح، والالتزام بتقديم كافة أشكال الدعم بما فيه الدعم الإعلامي للحكومة الجديدة.
ورغم أن" الحوثيين" يرون أن بحاح هو الشخص المناسب للمنصب، وأن تعيينه سيساعد البلاد على التغلب على الصعوبات التي تمر بها، فإنهم لوحوا بتشكيل مجلس وحكومة إنقاذ ولجان ثورية، بعد أن تنقضي مهلة العشرة الأيام التي حددتها لتشكيل الحكومة الجديدة.
وعلى وقع الانقلاب "الحوثي" فإنه ما لبث بحاح أن استقال في كانون الثاني/ يناير عام 2015 بعد نحو ثلاثة أشهر من تشكيل حكومته .
ورفض بحاح تكليف "الحوثيين" له في فبراير/ شباط الماضي بتسيير الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة. ونتيجة لهذا الرفض وضع رهن الإقامة الجبرية حتى منتصف آذار/ مارس الماضي.
وبعد فك الحصار عنه غادر الرجل إلى مسقط رأسه في حضرموت، ومن ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية للالتحاق بعائلته هناك، حيث كان يشغل منصب مندوب اليمن في الأمم المتحدة، وظهر بعدها في المملكة العربية
السعودية، وأعلن تمسكه بمنصبه كرئيس لـ"الحكومة الشرعية"، قبل أن يتم تعيينه نائبا للرئيس.
وفي نيسان/ أبريل عام 2015، عُين نائبا للرئيس هادي بقرار منه، إضافة لمهامه كرئيس لمجلس الوزراء.
وفسر مراقبون قرار تعيين بحاح نائبا للرئيس بأنها محاولة لتعزيز موقف هادي في صراعه مع "الحوثيين" الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء منذ أيلول/ سبتمبر الماضي.
ويقود هادي "السلطة الشرعية" في اليمن، بعد أن تسلم السلطة عام 2012 من الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، الذي تنحى تحت وطأة احتجاجات شعبية انطلقت في العام 2011.
ويكافح هادي وبحاح مع القبائل واللجان الشعبية، مدعومين بتحالف "عاصفة الحزم"، من أجل وقف الانقلاب "الحوثي" على "الشرعية" ومنع سقوط البلاد في الفوضى وفي الحرب الأهلية.
ويرى مراقبون أن تعيين بحاح يوحي بإمكانية أن يتنازل هادي عن منصبه لصالح نائبه، في إطار صفقة قد يتم التوصل إليها للخروج باليمن من أزمته السياسية.
فهو عين بالأساس نائبا للرئيس من أجل إعادة الثقة إلى مؤسسة الرئاسة، وإجابة على المخاوف من احتمال فراغ منصب الرئيس، حيث خضع هادي لعملية قلب مفتوح ويحتاج إلى عناية طبية دائمة، كما أن بحاح يتمتع بعلاقات جيدة داخل اليمن، فضلا عن قدرته، بعكس الرئيس، على التحرك دوليا لتوفير إسناد سياسي لعملية تحالف "عاصفة الحزم" العسكرية.
ولم تحدد مهام وصلاحيات المنصب، الذي يعتبر بحاح ثالث من شغله، بعد علي سالم البيض وهادي نفسه، منذ تحقيق الوحدة بين جنوب اليمن وشماله عام 1990.
وتواجه مؤسسة الرئاسة ضعفا بفعل فشلها في تحجيم التمرد "الحوثي" وتساهلها معه؛ ما أدى إلى انهيارها، ووضع هادي نفسه تحت الإقامة الجبرية من قبل "الحوثيين"، ومن ثم إجباره على مغادرة البلاد إلى السعودية، إثر هجوم مسلحين "حوثيين" وقوات موالية للمخلوع علي عبد الله صالح، على مدينة عدن التي هرب إليها من العاصمة صنعاء، في أعقاب سيطرة "الحوثيين" عليها في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وربما يعيد تعيين بحاح، الثقة لدى القوى السياسية والقبلية والمدنية الرافضة لـ"الحوثيين"، والتي كانت مترددة في مواجهتهم بسبب إحباطها من أداء هادي خلال الفترة الماضية.
كما أنه سيوفر إسنادا للتحالف في المحافل الدولية عبر شخصية شابة وحيوية تحظى بعلاقات واسعة مع عدد من دول العالم، ويمكنها التحرك بسهولة، على عكس هادي المريض، من عاصمة إلى أخرى لشرح وجهة نظر القيادة الشرعية لليمن.
ويتوقع أن يعمل بحاح من خلال حكومة مصغرة، سيعلن عنها قريبا، في العاصمة السعودية الرياض، مع التمسك بحكومة الكفاءات التي كان يرأسها قبل تقديم استقالته في كانون الثاني/ يناير الماضي، وهي الاستقالة التي لم تُقبل من هادي.
تعيينه جاء على وقع تسريبات صحفية يمنية تقول إن هناك مبادرة تعدها شخصيات سياسية وحزبية يمنية تجري مشاورات بشأنها محليا ودوليا وخليجيا، تمهيدا لتقديمها لإنهاء الحرب والترتيب لمرحلة انتقالية جديدة.
وقالت المصادر إن بحاح سيتولى منصب رئيس الجمهورية بعد 90 يومًا من تعيينه نائبًا للرئيس.
وباستثناء جماعة " الحوثي" التي قالت إن قرار تعيين بحاح نائبا للرئيس "غير شرعي؛ لأن شرعية الرئيس هادي انتهت"، فقد قوبل تعيينه بارتياح لدى الأوساط اليمنية.
وبالنظر إلى الظروف التي يعيشها اليمن جراء المواجهات المسلحة، يراهن يمنيون كثيرون على أن اختيار بحاح للمنصب الثاني في الدولة من شأنه الدفع بالعملية السياسية السلمية إلى الأمام بعدما أوقفتها الصراعات السياسية والمواجهات العسكرية، والتجاذبات بين دول المنطقة.
وتبدو كلفة الحوار أقل بكثير من كلفة الحرب، لكن الدخول فيه والخروج منه بتفاهمات وتوافقات وطنية قد يكون أكثر صعوبة من إشعال الحرب، لكنه يستحق المحاولة، خصوصا وأن شبح الفوضى وانهيار الدولة بأكملها سيكون كارثيا على اليمين وعلى المنطقة بأكملها.